بعد صراع طويل مع مرض السرطان، توفي عبد الباسط على المقرحي في منزله بطرابلس، ظهر أمس السبت بتوقيت ليبيا، حيث تم الإفراج عنه من السجن الاسكتلندي لأسباب صحية، حيث كان المقرحي هو المدان الوحيد في قضية لوكيربي. واهتم الكاتب البريطاني روبرت فيسك، بوفاة المقرحي المدان الوحيد في قضية لوكربي، ونشر مقالاً اليوم بجريدة الإندبندنت البريطانية، يصف فيه المقرحي ب ''الوغد''، موضحًا أن تورطه في القضية، ليست السبب في أن وصفه بذلك، مشيرًا إلى أنه يشك في أن يكون متورطًا فيها من الأساس. وأوضح فيسك أن السبب في أن يصفه ب ''الوغد''، هم عمله ضمن جهاز الاستخبارات الليبية، موضحًا أنه لا يوجد شخص واحد عمل في نظام القذافي، ولم يتورط في قضية فساد. وتسائل فيسك عما كان يفعله المقرحي أثناء خدمته في المخابرات الليبية، الأمر الذي أوضح انه سيظل سرًا بعد موته، وأشار فيسك إلى أن المحامين الاسكتلنديين الذين دافعوا عن المقرحي، لا يزالوا يحتفظون بملفات القضية، ويؤمنون أن هناك طرفًا آخر هو من وضع القنبلة في الطائرة. وفيما يخص تفاصيل المحاكمة، أوضح فيسك أن وكالة الاستخبارات الأمريكية (سي آي إيه)، قد استخدمت الرشوة في إسكات الشهود، إضافة إلى وجود صورة للمتهم الحقيقي لم يتم عرضها على المحكمة. واستعرض فيسك نتائج التحقيقات التي أجرتها ألمانيا مع بعض الشباب المشتبه في تورطهم في وضع القنابل في الطائرة، والتي استعان بها محاميو الدفاع عن المقرحي، أثناء بحثهم عن أدلة لتبرئته. وأشار فيسك إلى أن هذه التحقيقات قد انتهت إلى احتمالية أن يكون أحد المواطنين اللبنانين، الذي تم قتله على يد عسكري لبناني، موضحًا أنه كان يحمل حقيبة وضعت بها هذه المتفجرات، الأمر الذي أيده فيسك، قائلًا: '' ربما كانت هناك أياد لبنانية وفلسطينية في القضية ''. وتطرق فيسك إلى مؤتمر صحفي قد عقده أحمد جبريل، أحد مؤسسي جبهة التحرير الفلسطينية، الذي نفى فيه أن يكون متورطًا في انفجار لوكربي، مشيرًا إلى أن هناك محاولات لتوريطه في القضية. وأعرب فيسك عن اندهاشه من هذه التصريحات، موضحًا أنه لم تكن هناك محكمة تنظر في القضية آنذاك، ولم توجه أية اتهامات لجبريل، وأشار إلى أن الأمر كان مقتصرًا على أن هناك بعض الصحفيين والسياسيين، الذين تربطهم صلة بالمخابرات، كانوا يشيرون بأصابع الاتهام لتورط سوريا في الأمر. وعلى الصعيد الدولي، أوضح فيسك أن اعتقال المقرحي جاء في صالح كافة الأطراف، موضحًا أنه كان من المتوقع أن يكشف المقرحي دليل براءته خلال ستة أشهر، الأمر الذي لم يحدث، مما أضاع على المقرحي فرصة الحصول على تحقيق عادل في القضية، يمنحه البراءة، ويُمكنه من العودة إلى طرابلس، على حد قوله. وتابع فيسك أن الحكومة البريطانية كانت تريد عودة المقرحي إلى طرابلس، مشيرًا إلى وثائق تم نشرها ضمن الوثائق التي تنشرها ويكيليكس، بشأن رغبة شركات البترول في أن يعود المقرحي لبلاده، للإبقاء على ممتلكاتهم المكتسبة من ليبيا. موضحًا أن عودة المقرحي لبلاده قد أثارت غضب الحكومة الأمريكية، مشيرًا إلى أن غضب أمريكا بعد الإفراج عن المقرحي، لم يكن بالقدر الذي ستكون عليه إذا كان المحامون قد تمكنوا من كسب القضية. جدير بالذكر أن لوكربي هي قضية جنائية ترتبت على سقوط طائرة ركاب أميركية، تابعة لشركة طيران بان أمريكان أثناء تحليقها فوق قرية لوكربيLockerbie باسكتلندا عام 1988، واتهم فيها عبد الباسط المقريحي وحكم عليه بالسجن في القضية. وتوفي المقرحي في منزله في ليبيا أمس الأحد عن عمر يناهز 59 عاما بعد معركة طويلة مع السرطان. يُذكر أن المقرحي هو المحكوم عليه الوحيد في قضية تفجير طائرة بان أميركا 103 الشهيرة فوق قرية لوكربي في أسكتلندا عام 1988 والذي قُتل خلاله 270 شخصا. وكان القضاء الاسكتلندي قد أفرج عن الراحل المقرحي يوم 20 أغسطس 2009 لدواع إنسانية بعدما شخّص أطباء إصابته بسرطان في مراحله النهائية.