واصلت القوات المناوئة للعقيد الليبي معمر القذافي تقهقرها نحو الشرق في وجه التقدم السريع للقوات الحكومية. وبعد استعادة قوات القذافي السيطرة على بن جواد وراس لانوف والبريقة يبدو أن المعارضين يواصلون الفرار والتقهقر الآن إلى أجدابيا ، وهي أقرب المدن الهامة من معقل المعارضة الليبية في بنغازي. قال مراسل لبي بي سي بين مدينتي بريقه وأجدابيا إنه رأى رتلا من قوات المعارضة يتعرض لهجوم مدفعي ثقيل من قوات القذافي أصيب عربة المقدمة وأدى الى انفجارها. وأضاف المراسل أن مئات العربات تراجعت باتجاه أجدابيا على إثر ذلك، وقال ان ذلك يبين أن ضعف تسليح المعارضة يمنع مقاتليها من التقدم. وتعرضت مدينة مصراتة لقصف عنيف من قوات القذافي، وقالت مصادر المعارضة إن القصف أدى إلى مقتل عشرين من المدنيين. وأدى انتشار خبر انشقاق وزير الخارجية السابق موسى كوسا الى رفع الروح المعنوية في أوساط قوات المعارضة، وقال مصطفى غيرياني المتحدث باسم مقاتلي المعارضة في بنغازي بدأنا نرى مؤشرات انهيار نظام القذافي . ويتفق المحللون على أن انشقاق كوسا الذي طار الى لندن الأربعاء كان ضربة لنظام القذافي، ولكنها لم تخفف من خطر قيام قوات النظام بهجمات عنيفة على قوات المعارضة. وتشير الأنباء التي تفيد أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما فوض قيام وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (السي اي ايه) بعمليات سرية في ليبيا لدعم المعارضة إلى أن الدعم الذي تحصل عليه المعارضة سيزداد. ويرى المراقبون أن هذا قد يعني وجود قوات خاصة على الأرض تساعد في تحديد أهداف الغارات الجوية، وقالت مصادر المعارضة ان ليس لديهم علم بذلك، وانه، ان كان صحيحا، سيتسبب بأضرار. وبالرغم من تعرض القوات الموالية للقذافي الى ضربات جوية من طائرات حلف شمال الأطلسي (الناتو) إلا أنها ليست على شفا الانهيار العسكري كما صرح ضابط أمريكي رفيع المستوى. وقال رئيس الأركان الأمريكي مايكل مولن الخميس أن ضربات التحالف شلت حركة نحو ربع قوات العقيد القذافي. وأضاف في جلسة أمام الكونغرس لقد ضربنا بقوة وسائله العسكرية ودفاعه الجوي ووسائل القيادة لديه, وقلصنا قوة جيشه بواقع 20 الى 25% . وقد نفذت طائرات التحالف نحو الف مهمة قصف منذ بدء التدخل الدولي في ليبيا في 19 مارس/آذار الجاري وقصفت اكثر من مئتي صاروخ توماهوك ضد المواقع الليبية. التدريب من جهته قال وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس إن المقاتلين المعارضين في ليبيا بحاجة لتدريب لكن يتعين على دول اخرى غير الولاياتالمتحدة ان تتولى هذه المهمة. وقال غيتس اثناء جلسة في الكونغرس ان عددا كبيرا من الدول يمكن ان تقدم لهم هذه المساعدة، واعتبر أن قوات المعارضة الليبية قد تصرفت بارتجالية حتى الآن. وأضاف غيتس أن نظام القذافي سيسقط اثر الضغوط السياسية والعقوبات الاقتصادية, لكن الضربات التي ينفذها التحالف يمكن ان تدفعه الى اعادة النظر بخياراته. وعبر الأمين العام للناتو أنديرس فوغ راسموسين عن معارضته الشديدة لتسليح قوات المعارضة، وقال للصحفيين إن مهمة التحالف تنحصر في حماية المدنيين. وبذلك يصبح الناتو في مواجهة مع بريطانيا والولاياتالمتحدة اللتين لم تستبعدا إمكانية إمداد المعارضة بالسلاح. وأضاف راسموسين أن مهمة الحلف في ليبيا ستنجز عندما لا يصبح المدنيون مهددين, لكن من الصعبالقول متى يحين ذلك . وأعرب عن أمله في إيجاد حل سياسي في أسرع وقت ممكن. من جهة أخرى، قال جيوفاني إنوثينزو مارتينيللي وهو مسؤول من الفاتيكان موجود حاليا فى العاصمة الليبية طرابلس إن أربعين مدنيا قتلوا في عمليات قصف قامت بها قوات غربية على المدينة. وقال مارتينيللي إن المدنيين قتلوا عندما انهار مبنى كانوا بداخله. ويشار إلى أن المسؤولين الليبيين دعوا صحفيين أجانب لزيارة مواقع يقولون إنها تعرضت لهجمات من قبل القوات الغربية، لكن قوات التحالف قالت إنه ليس هناك أدلة مؤكدة على وقوع إصابات بين المدنيين. في هذه الأثناء صرح أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أن المسالة الليبية هي قضية إنسانية حساسة قائمة على حماية المدنيين ولا شيء آخر، وأن الليبيين هم من سيقررون مستقبلهم.