قرب اجدابيا (ليبيا) (رويترز) - دخلت المعارضة المسلحة في ليبيا في قتال مع قوات الزعيم معمر القذافي حول بلدة أجدابيا بشرق البلاد يوم الاربعاء مما عرقل تقدمها نحو بنغازي معقل المعارضة. وسقطت بلدة أجدابيا التي تبعد 150 كيلومترا جنوبي بنغازي على خليج سرت في يد القوات الحكومية بعد أن تقهقر أغلب المعارضين الذين كانوا يدافعون عنها تحت وابل من نيران المدفعية يوم الثلاثاء. وقال أحد قادة المعارضة في وقت سابق من يوم الأربعاء ان البلدة فقدت وان الذين بقوا هناك سلموا سلاحهم. لكن رفض البعض فيما يبدو الاستسلام او الفرار. وأبلغ جنود حكوميون بدا الارهاق عليهم لدى عودتهم من خطوط الامامية الصحفيين انهم واجهوا مقاومة متجددة من مواقع قوات المعارضة قرب المدينة. وقال مصطفى غرياني وهو متحدث باسم المعارضة في بنغازي لرويترز بالهاتف ان القوات الحكومية تسيطر على أجدابيا. واضاف "لكن القتال ضار. خطوطه (القذافي) للامداد ممتدة على مساحة كبيرة لذلك لن يستطيع التقدم من اجدابيا. نخبئ بعض المفاجات. سنقاتل وسننتصر." وقال مسؤول اخر يدعى محمد المغربي ان المعارضة تسيطر على البوابة الشرقية لأجدابيا. واضاف "مزيد من القوات تأتي من الشرق لذلك سنطردهم قريبا ان شاء الله." وروى الفارون من أجدابيا تفاصيل القتال لمراسل رويترز عندما وصلوا الى بلدة السلوم على الحدود مع مصر. وقال عصام عبد الستار (34 عاما) "غادرت اجدابيا الليلة الماضية وشاهدت طائرات تقصف المدينة. كنت خائفا." وقال ادريس عمر ان القوات الحكومية قتلت جاره عندما دخلت المدينة يوم الثلاثاء. واضاف "اوقفوا سيارته وشاهدوا ملصقا على شكل علم (ليبيا القديم). وسألوه ...ما هذا؟.. فرد ...علم الاستقلال الليبي. وحينها قتلوه رميا بالرصاص." وشاهد المراسل عددا من الدبابات الحكومية منتشرة على طول الطريق الساحلي بالاضافة الى ناقلات دبابات تعود خالية من الجبهة. وكانت هناك ثلاث جثث متفحمة على جانب الطريق الرئيسي فيما تناثرت 50 سيارة محروقة في المنطقة. كما شوهدت قاذفات صواريخ وحاملات أفراد مدرعة ونحو 250 سيارة اسعاف على طول الطريق السريع. ووقف نحو 50 شاحنة محملة بالطعام والسلاح والوقود على طول الطريق وهي فيما يبدو امدادات لهجوم مضاد ضد قوات المعارضة التي كانت تسيطر على اغلب مناطق شرق ليبا قبل 11 يوما لكنها تتقهقر منذ ذلك الحين. وسيبطئ القتال حول اجدابيا تقدم قوات القذافي اذا ارادت تأمين مؤخرتها وخطوط الامداد. وكان سيف الاسلام القذافي قد تباهى في وقت سابق بأن قواته على وشك توجيه ضربة قاضية لبنغازي مقر المجلس الوطني المعارض لحكم والده المستمر منذ 41 عاما. كما سخر من المناقشات المطولة بين القوى العالمية بشأن فرض حظر للطيران فوق ليبيا. وسألته قناة يورونيوز صباح يوم الأربعاء عن هذه المناقشات فقال ان العمليات العسكرية انتهت وان كل شيء سينتهي خلال 48 ساعة. ووصف بيان للقوات المسلحة الليبية أذاعه التلفزيون الحكومي الهجوم باعتباره عملية انسانية لانقاذ شعب بنغازي وقال ان القوات لن تنتقم منه اذا استسلم. ودعا البيان السكان الى حث ابنائهم على تسليم سلاحهم للقوات المسلحة أو القيادات الشعبية ليشملهم عفو طلبه القذافي لكل من يسلم سلاحه ويمتنع عن المقاومة والتخريب. وفي بنغازي اتسمت الاجواء بمزيج من التحدي والعصبية حيث يتوقع بعض السكان حمام دم بينما يتوقع آخرون ان قوات المعارضة لا تزال قادرة على انتزاع النصر. وقالت منظمة أطباء بلا حدود للاغاثة ان العنف أجبرها على سحب طاقمها من بنغازي. واضافت "الظروف الامنية جعلت من المستحيل فعليا بالنسبة للفرق الطبية الانتقال بأمان الى المناطق التي يوجد فيها القتال الاحتياج الاكبر (للمساعدة)." وقال صلاح بن سعود وهو مسؤول حكومي سابق يقيم في بنغازي ان الحياة في المدينة طبيعية. وأضاف "الشوارع مزدحمة والمتاجر ممتلئة. كان هناك بعض المظاهرات المؤيدة للثورة... ولم يظهر أنصار القذافي." وتابع "ترددت شائعات عن أنه (القذافي) سيحاول استعادة بنغازي وأثار ذلك قلق الناس لكنه لم يحاول والناس هنا لا يعتقدون أنه سينجح اذا حاول." وتتعرض قوات المعارضة المؤلفة الى حد بعيد من متطوعين شبان قليلي التدريب ومنشقين عن القوات الحكومية لضربات المدفعية والدبابات والطائرات الحربية لقوات القذافي وتعتمد الان فيما يبدو على اسلوب الكر والفر لمواصلة القتال. وأتاح الاستيلاء على بلدة أجدابيا الاستراتيجية عدة خيارات أمام جيش القذافي في المنطقة الصحراوية التي قاتل فيها الفيلد مارشال البريطاني برنارد مونتجومري الالمان بقيادة الجنرال ارفين روميل في الحرب العالمية الثانية. فبامكان الجيش الليبي التقدم شمالا على الطريق السريع الساحلي الى بنغازي أو التوجه شرقا الى طبرق التي تبعد 400 كيلومتر لعزل عاصمة المعارضين. وعلى الطريق بين طبرق والسلوم تحرس قوات المعارضة عددا من نقاط التفتيش. ولا تزال الحدود تحت سيطرتهم. (شارك في التغطية توم فايفر ومحمد عباس في طبرق والكسندر جاديش على الحدود المصرية)