اتهم الزعيم الليبي معمر القذافي الخميس المحتجين الذين يسيطرون على شرق ليبيا بانهم يخدمون مصالح تنظيم القاعدة، في وقت يخشى المجتمع الدولي من كارثة انسانية بسبب نزوح عشرات الاف الاشخاص هربا من العنف. وجاء كلام القذافي، اقدم الزعماء العرب، في رسالة صوتية بثها التلفزيون الليبي، وكانت ثاني كلمة يوجهها خلال 48 ساعة لمهاجمة المحتجين. وخلافا لكلمته التلفزيونية الثلاثاء التي القاها امام منزله في طرابلس، تكلم القذافي هذه المرة عبر الهاتف من مكان غير محدد، ما اثار تساؤلات حول موقعه الحقيقي. وقال القذافي عن المحتجين مخاطبا اهالي الزاوية (60 كلم غرب طرابلس) "هؤلاء لا مطالب عندهم، مطلبهم ليس عندهم بل عند بن لادن"، مضيفا "من يعطي الحبوب لاولادكم هو المجرم والمسؤول عن القتل او حرب اهلية او مصيبة". وردا على مطالبة المتظاهرين برحيله قال ان سلطته في ليبيا "مجرد سلطة ادبية ومرجعية". واتهم الزعيم الليبي القاعدة وبن لادن "بالتغرير بابناء الزاوية الذين يقل عمرهم عن 20 سنة لاعاثة الفوضى والدمار" في المدينة، وقال لليبيين "اقبضوا على اتباع بن لادن وقدموهم للمحكمة لانهم مسؤولون عن الجرائم". وطالب الاباء والامهات بان "ينزلوا الى الشوارع ويمسكوا اولادهم الصغار الذين غرر بهم من عناصر من القاعدة الهاربين من غوانتانامو"، معتبرا ان "بن لادن سعيد جدا بالذي وصلتم اليه". وتوجه القذافي الى اهالي المتظاهرين قائلا "عالجوا ابناءكم من حبوب الهلوسة الموضوعة في القهوة والحليب كي يسيطروا بها عليهم". ووصف الزعيم الليبي ما يحصل في الزاوية بانه "مهزلة"، مضيفا "اذا اردتم العيش مع هذه الفوضى فانتم احرار". كما دعا اهالي الزاوية الى الخروج الى الشوارع رجالا ونساء لمواجهة المحتجين. وقال "منذ العام 1977 تركت لكم السلطة"، في اشارة الى اللجان الشعبية، مضيفا "السلطة بايدي الشعب، انتم تقررون كل شيء". ودعا الى الحفاظ على الهدوء في البلاد، متحدثا عن "مؤامرة" ضد الليبيين. كما تقدم "بالتعزية" الى عائلات العناصر الامنيين الاربعة الذين قتلوا في الزاوية. قتل 23 شخصا وجرح 44 اخرون في هجوم شنته قوى الامن الليبية في مدينة الزاوية (60 كلم جنوبطرابلس)، حسب حصيلة غير نهائية نشرتها صحيفة قورينا الليبية على موقعها الالكتروني، فيما اعلنت وكالة الانباء الرسمية الليبية ان "ارهابيين" قتلوا عددا من الجنود ذبحا في هذه المدينة. وكان القذافي تحدث للمرة الاولى مساء الثلاثاء في خطاب ناري توعد فيه بقمع دام للمتظاهرين ضد نظامه. وفي اليوم العاشر من الانتفاضة ضد نظام القذافي التي ادت الى مقتل المئات، قال شهود وصلوا برا الى تونس ان مدينة زوارة الليبية التي تبعد 120 كلم عن طرابلس خلت من "الشرطة والعسكريين" وان "الشعب يسيطر على المدينة". ويبدو ان السلطات لا تزال تسيطر على غرب البلاد. وفي الشرق الغني بالنفط والذي سيطر عليه المعارضون، قال صحافيون تمكنوا من الوصول الى بنغازي مركز الحركة الاحتجاجية على مسافة الف كلم شرق طرابلس، ان الف متظاهر متجميعن امام المحكمة المحلية التي تحولت الى مقر عام للانتفاضة. وكان البعض يخيمون على مقربة فيما بعض الاطفال يلعبون في دبابة متروكة. وفي مدينة البيضاء تشهد الجدران المكسوة باثار الرصاص على عنف المعارك بين المعارضين و"المرتزقة" الذين استخدمهم النظام الليبي. وقال الرائد صلاح ماثك من الشرطة القضائية "قدمت استقالتي وجئت الى البيضاء للتضامن مع شعبي. وساكون في الخطوط الدفاعية الاولى ضد اي هجوم من الخارج". واوضح الرائد عبد العزيز البسطة الذي فر مع عشرة ضباط كبار اخرين "امرونا بمهاجمة الشعب فرفضت. لا يمكننا استخدام الاسلحة ضد شبابنا". واضاف ضابط آخر "يجري الحديث عن التقدم الى طرابلس. هدفنا طرابلس ان عجزت على تحرير نفسها". ويبدو ان المعارضة سيطرت على شرق البلاد من الحدود المصرية الى بلدة اجدابيا غربا مرورا بطبرق ودرنة وبنغازي التي شكلت مركز الاحتجاجات وتقع على بعد 1000 كلم شرق طرابلس، بحسب صحافيين وسكان. كما تحدثت معلومات غير مؤكدة عن تواصل المعارك في مصراتة على بعد 150 كلم شرق طرابلس. ويتمركز انصار القذافي في طرابلس حيث يعتقد ان كتيبة خميس تنشر تسعة الاف مقاتل فضلا عن دبابات وطائرات واسلحة ثقيلة وفق معلومات غير مؤكدة لسكان معارضين للقذافي في البيضاء. وشهد الجيش النظامي حركة تمرد في صفوفه وفق هذه المصادر التي اكدت ان مصير 140 ضابطا في طرابلس كانوا اعلنوا انشقاقهم غير معروف. واعلن سليمان بوشويغر الامين العام للرابطة الليبية لحقوق الانسان ان اعضاء في حركة اللجان الثورية نفذوا اعدامات تعسفية في مستشفيات طرابلس حيث "قتلوا الجرحى الذين تظاهروا ضد النظام"، حسب ما نقلت عنه وكالة المبشرين الايطاليين الخميس. وفي الخارج، تزداد الاعتراضات ضد نظام القذافي الموجود في السلطة منذ قرابة 42 عاما، فيما تزداد عزلته مع تخلي عدد كبير من نظرائه العرب والمقربين والدبلوماسيين عنه. واجرى الاعضاء ال15 في مجلس الامن الخميس محادثات غير رسمية بشان الازمة في ليبيا وقد يعقدوا اجتماعا طارئا خلال الساعات ال48 المقبلة. وافاد دبلوماسيون الخميس ان مجلس الامن الدولي يدرس تدابير لزيادة الضغط على القذافي وقال دبلوماسي غربي طلب عدم كشف اسمه انه من المطروح فرض عقوبات "ولا شيء مستبعدا". واتصل الرئيس الاميركي باراك اوباما بنظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي مساء الخميس بشان ليبيا وطالبا "بوقف فوري لاستخدام القوة" في هذا البلد كما اعلنت باريس، مضيفة ان فرنسا تامل في اجتماع جديد طارىء لمجلس الامن الدولي، فيما تامل واشنطن ان يتم طرد ليبيا من مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة بعد الانتهاكات لحقوق الانسان التي شهدتها البلاد. كما قرر الرئيس الاميركي باراك اوباما ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون "التنسيق بينهما حول امكانية اتخاذ اجراءات متعددة الاطراف بشأن ليبيا" بما في ذلك في مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة" الذي سينعقد الجمعة في جلسة خاصة لبحث الوضع في ليبيا، حسب ما جاء في بيان صدر الخميس عن مكتب كاميرون. واعتبر السفير الفرنسي المكلف حقوق الانسان فرنسوا زيميراي الخميس ان هناك "عناصر محددة ومتقاطعة لاجراء تحقيق حول جرائم ضد الانسانية" في ليبيا، متحدثا عن حصيلة غير مؤكدة تتجاوز الالف قتيل. من جهة اخرى اعلنت الحكومة السويسرية ان سويسرا قررت تجميد اية الارصدة قد يكون يملكها القذافي والمقربون منه في البلاد على ان يعمد الى تطبيق هذا الاجراء "مع مفعول فوري". واعلن السفير الليبي في الاردن محمد حسن البرغثي انه قدم استقالته مؤكدا في تصريحات نقلتها وكالة الانباء الاردنية (بترا) ان المواجهات الدموية الجارية في بلاده "لا يتخيلها عقل ولا يصدقها انسان". وبحسب المنظمة الدولية للهجرة، فان اكثر من 30 الف تونسي ومصري فروا من ليبيا منذ الاثنين، وهو رقم قد يرفع الى اكثر من 38 الفا عدد الاشخاص الذين غادروا البلاد بحسب تعداد اجرته وكالة فرانس برس. من جهته صرح المسؤول في الدفاع المدني التونسي مالك ميهوب الخميس لفرانس برس ان حوالى 20 الف شخص معظمهم تونسيون ومصريون وصينيون وبينهم عدد ضئيل من الليبيين فروا من ليبيا عن طريق البر منذ 20 شباط/فبراير الى تونس عبر معبر راس جدير الحدودي. وتملك ليبيا اكبر احتياطي نفطي في افريقيا، وقد ادت الاضطرابات فيها الى تسجيل ارتفاع في اسعار النفط في اسواق العالم لتصل الى اسعار قياسية منذ اكثر من عامين بلغت حوالى 120 دولار للبرميل في لندن واكثر من مئة دولار في نيويورك. واعتبر البيت الابيض الخميس ان الولاياتالمتحدة والعالم بامكانهما مواجهة انقطاع في امدادات النفط بسبب الازمة في ليبيا وقال المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني "اننا على اتصال مع وكالة الطاقة الدولية ولدينا القدرة على الرد في حال انقطاع التزود". وعلقت مجموعات نفطية على غرار الفرنسية توتال والايطالية ايني والاسبانية ريبسول نشاطاتها جزئيا او كليا وبدأت باجلاء موظفيها. من جهتهما علقت شركتا طيران لوفتانزا الالمانية واليطاليا الايطالية رحلاتهما باتجاه طرابلس. ودعا القذافي الثلاثاء الشرطة والجيش وانصاره الى قمع المتظاهرين الذين وصفهم بانهم "جرذان"، محذرا من وقوع "مجازر" ومهددا "بتطهير" البلاد منزلا بمنزل. واعتبر وزير العدل الليبي المستقيل مصطفى عبد الجليل ان القذافي سينتحر "على ما فعل هيتلر". وطالبت ليبيا رسميا بعودة طائرتيها الحربيتين اللتين وصلتا الاثنين الى مالطا بعدما رفض طياراهما تنفيذ اوامر باطلاق النار على المتظاهرين في بنغازي وفضلا الفرار، وفق ما اعلن متحدث باسم الخارجية المالطية الخميس لفرانس برس مشيرا الى ان بلاده لم ترد بعد على الطلب. وقتل 300 شخص منذ انطلاق الاحتجاجات على نظام القذافي في 15 شباط/فبراير بحسب حصيلة رسمية، سقط اغلبهم في بنغازي ثاني مدن البلاد. لكن الاتحاد الدولي لرابطات حقوق الانسان تحدث عن مقتل 640 شخصا على الاقل من بينهم 275 في طرابلس و230 في بنغازي. وتحدث الطبيب الفرنسي جيرار بوفيه العائد للتو من بنغازي عن "اكثر من الفي قتيل" في المدينة وحدها.