الدوحة - يعتبر الناتج المحلي الإجمالي بمثابة حجر الزاوية في الحسابات الاقتصادية القومية، وله استخدامات كثيرة في الحياة الاقتصادية لعل في مقدمتها حساب متوسط دخل الفرد وحساب معدل النمو الاقتصادي الكلي ومعدلات النمو القطاعية لأي بلد في فترة ما. ويعرف الناتج المحلي الإجمالي بأنه محصلة كل ما تم إنتاجه من سلع وخدمات داخل البلد بجهود المقيمين فيه إقامة شبه دائمة، أي تزيد عن ستة شهور. وقد زاد جهاز الإحصاء في السنوات الأخيرة من اهتمامه ببيانات الناتج المحلي الإجمالي وبات ينشرها بشكل فصلي كل ثلاثة شهور بدلاً من الاقتصار على البيانات السنوية فقط، وذلك تطور مهم من حيث إنه يساعد في إعطاء صورة تفصيلية بالأرقام لوضع النشاط الاقتصادي في الفترات القريبة، مع إمكانية استخدام هذه البيانات في التنبؤ بالأوضاع المستقبلية. ولقد صدرت هذا الأسبوع أرقام الناتج المحلي الإجمالي لفترة الربع الثالث من العام-أي الفترة ما بين بداية شهر يوليو إلى نهاية سبتمبر 2010- وتبين منها أن الناتج المحلي الإجمالي القطري في هذه الفترة قد ارتفع بنحو 12.9 مليار ريال وبنسبة 13.1% عن نظيره في الربع الثاني من العام ليصل إلى 111.3 مليار ريال، وأن معظم هذه الزيادة قد نتج عن زيادة ناتج قطاع النفط والغاز بمفرده بنحو 9.8 مليار وبنسبة 19.9%، في حين كانت الزيادة في إجمالي نواتج القطاعات الأخرى بنسبة أقل لم تتجاوز 4%. وتنسجم هذه النتائج مع البيانات التي نشرتها المجموعة للأوراق المالية خلال الشهور الماضية عن تطور بيانات الجهاز المصرفي. والجدير بالذكر أن التسهيلات الائتمانية التي قدمتها البنوك للقطاع الخاص قد ارتفعت في الشهور ال11 الأولى من العام 2010 بنسبة 5.3%. بينما نمت تسهيلات الحكومة والقطاع العام بنسبة 47.2% عما كانت عليه في ديسمبر 2009. وفي كل الأحوال نجد أن ارتفاع أحجام التداولات في البورصة، وارتفاع المؤشر في النصف الثاني من الربع الثالث –أي منذ الأسبوع الثاني من أغسطس 2010- بنسبة 11.5% قد تزامن مع الارتفاع المشار إليه في الناتج المحلي الإجمالي، بما يعزز مقولة أن البورصة مرآة للاقتصاد. على أن أهمية بيانات الناتج المحلي الإجمالي لا تتوقف عند مقارنتها بالبيانات المناظرة لفترة الربع السابق-أي الربع الثاني من العام- باعتبار أن هناك عوامل موسمية تؤثر عادة على حجم الناتج بالنقص أو الزيادة، ونجد على سبيل المثال أن ناتج قطاع النفط والغاز في قطر يتأثر موسمياً بتوقف الإنتاج في بعض الحقول لأغراض الصيانة وهو ما يحدث في الربع الثاني من كل عام على الأرجح. ونجد لذلك أن الناتج المحلي الإجمالي قد ينخفض في هذا الربع خاصة إذا لم يحدث ارتفاع في أسعار النفط الخام والمنتجات بما يغطي على التراجع في الكميات المنتجة. ومن هنا نفهم أن الزيادة في الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثالث عن الربع الثاني من نفس العام إنما تعود إلى زوال العوامل الموسمية المؤثرة. ولاستبعاد هذا الأثر يتم مقارنة بيانات الناتج في الربع الثالث بالأرقام المناظرة لها في نفس الربع من العام الماضي. ويتضح من هذه المقارنة أن الناتج المحلي الإجمالي قد ارتفع بنسبة 21.1% عن الربع الثالث من العام 2009. وتمثل هذه النسبة معدل النمو الاقتصادي في قطر للسنة المنتهية في 30 سبتمبر 2010. وقد تحقق هذا المعدل المرتفع نتيجة نمو قطاع النفط والغاز بنسبة 36.2% ونمو القطاعات الأخرى في مجملها بنسبة 7.8%. وأما قطاع النفط الغاز فقد اعتمد في نموه على زيادة الكميات المنتجة من الغاز المسال بنسبة 97% عما كان عليه الحال في الربع الثالث من العام 2010 مع حدوث زيادة بنسبة 33% في إنتاج المكثفات المستخلصة (من الغاز القادم من الحقول)، وحدوث ارتفاع محدود في أسعار النفط والغاز. وفي المقابل، فإن ارتفاع إجمالي نواتج القطاعات الأخرى قد ترتب على ارتفاع نواتج معظم القطاعات وفي مقدمتها ناتج قطاع النقل والاتصالات بنسبة 18.9%، وارتفاع ناتج قطاع المال والتأمين والعقارات بنسبة 16.7% وناتج قطاع التجارة والمطاعم والفنادق بنسبة 5.6%، وقطاع الصناعة التحويلية بنسبة 3.4%، وارتفاع ناتج قطاع التشييد والبناء بنسبة 1.8%. وقياساً على أرقام الناتج المحلي الإجمالي المشار إليها أعلاه فإن المجموعة للأوراق المالية تقدر أن يكون الناتج المحلي الإجمالي قد نما في عام 2010 بنسبة 18.9% إلى 427 مليار ريال بالأسعار الجارية.