يستمر الحريق الكبير مندلعا في بلدة فتري في منطقة جبيل شمال بيروت وسط محاولات حثيثة من فرق الاطفاء والجيش اللبناني لتطويقه ومنعه من الوصول الى المنازل التي اخلاها بعض سكانها الاحد، بحسب ما افاد مراسل وكالة فرانس برس. واشار المراسل الى ان وعورة المنطقة الحرجية التي تشتعل فيها النار تحول دون وصول سيارات الاطفاء اليها، وتحاول طوافات الجيش اللبناني اطفاء النيران برش المياه من الجو. وفي الوقت ذاته، افاد الدفاع المدني عن اندلاع 42 حريقا آخر في انحاء مختلفة من لبنان بينها اربعة حرائق كبيرة. وقال وزير الداخلية زياد بارود الذي تفقد منطقة فتري للصحافيين "نحتاج الى ثلاثة اضعاف الامكانات التي لدينا لمكافحة هذا الكم من الحرائق". وقال رئيس بلدية فتري عماد ضو لوكالة فرانس برس "قضي على ثمانين في المئة من الاحراج في البلدة. البلدة كلها تحترق، من النهر والوادي حتى الجبل، ولا يوجد عدد كاف من عناصر فرق الاطفاء للاحاطة بالنار". وتقع فتري على بعد 45 كلم من بيروت وتبلغ مساحتها حوالى 94 كلم مربع تمتد من مجرى نهر ابراهيم في واد اثري ابتداء من 500 متر فوق سطح البحر صعودا حتى ارتفاع اكثر من 800 متر، ومعظمها احراج وغابات واراض زراعية. ويبلغ عدد سكانها حوالى 2250 شخصا. وقال عماد ضو ان سيارات الاطفاء تقف قرب المنازل التي تهدد النيران بالوصول اليها، مشيرا الى ان الاجهزة التي تشارك في عملية الاطفاء "عاجزة عن السيطرة على الحريق". واندلع الحريق قبل اسبوع، وكان ينحسر كلما تدخلت فرق الاطفاء ليعود ويندلع من جديد. واكد ضو ان الاجهزة "غير مقصرة لكن الامكانات متواضعة"، مشيرا الى ان "الحريق قد يصل قريبا الى القرى المجاورة بسبب الريح". واوضح ان "المساحات المحترقة فيها اشجار عمرها مئة عام واكثر، اشجار صنوبر وسنديان وزيتون وغيرها...". وقال مدير العمليات في الدفاع المدني جورج ابو موسى لتلفزيون "المؤسسة اللبنانية للارسال" ان فرق الاطفاء "غير قادرة على السيطرة على الحريق. نحن نواجه الطبيعة، وتوسع الحريق ام توقفه رهن بعاملين طبيعة الارض التي لا تبشر بالخير وعامل الريح". واصيب سكان فتري بالهلع، وغادر بعض الذين يقطنون قرب الحريق منازلهم. وقالت ميرنا ضو (35 عاما) التي انتقلت مع طفلها (سنتان) الى مدينة جونيه الساحلية "الدخان في كل مكان، ولا يمكننا التنفس. اصبت بالذعر وفضلت المغادرة". ونصح الدفاع المدني الذي اصيب ستة من عناصره خلال يومين بجروح خلال عمليات اطفاء حرائق، المواطنين بوضع قطع من القماش المبللة على افواهمم وانوفهم لكي لا يتنشقوا الدخان الكثيف. وكان رئيس الجمهورية ميشال سليمان تفقد المنطقة. وقال لتلفزيون "المؤسسة اللبنانية للارسال" ان "سبب العجز عن السيطرة على الحرائق نقص التخطيط"، مضيفا "نحن نخسر لبنان الاخضر. علينا ان نضع خطة وطنية لمكافحة الحرائق". واكد ان "التجاذبات السياسية تؤخر كل شيء". ولم يجتمع مجلس الوزراء اللبناني منذ اكثر من شهر بسبب ازمة سياسية حادة في البلاد. ويفتقر لبنان الى وسائل متطورة في مكافحة الحرائق التي حصدت عشرات الهكتارات من المساحات الخضراء خلال الاسابيع الاخيرة. ويهدد حريق آخر ضخم في منطقة حرجية في وادي شحرور في منطقة بعبدا قرب بيروت اندلع صباح الاحد بالوصول الى المنازل ايضا. وامر العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني مساء الاحد حكومته بارسال ما يلزم من معدات لمساعدة لبنان على اخماد الحرائق التي اندلعت في انحاء مختلفة منه، بحسب ما افاد مصدر رسمي اردني. وجاء ذلك بعد ان تلقى الملك عبد الله اتصالا هاتفيا من رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري أشار فيه الى "حاجة لبنان للمساعدة في أخماد هذه الحرائق"، بحسب بيان صدر عن الديوان الملكي الاردني. واوضح البيان ان "هذه المعدات ستصل الى لبنان مساء اليوم (الاحد) للبدء في الاسهام في جهود الاطفاء". وفي انقرة، اعلن دبلوماسي ان طائرتي كنادير اللتين ارسلتهما تركيا الى اسرائيل للمساعدة في اخماد الحريق الضخم الذي اندلع منذ الخميس، ستتوجهان الى بيروت الاثنين اثر طلب مساعدة من رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري. وتأخر موسم الامطار في لبنان الذي لا يزال يشهد درجات حرارة مرتفعة جدا. وتتوقع الارصاد الجوية هطول الامطار هذه الليلة، ما قد يساعد في اطفاء الحرائق.