لندن (رويترز) - أخفى متآمرون في اليمن عبوتين ناسفتين داخل معدات مكتبية ووضعوا الطردين على طائرتين متجهتين الى الولاياتالمتحدة.. لكن تحذيرا أمنيا هو فقط الذي نبه السلطات الى أن هناك طائرتين قادمتين وعلى متن كل منهما شحنة ناسفة. من ناحية أخرى سادت مخاوف أمنية في أوروبا عندما قيل ان متشددين من المانيا يخططون لشن هجمات من مخابيء في باكستان.. لكن اتضح أن أغلبهم مجرد أشخاص فاقت أوهامهم قدراتهم الفعلية. والسؤال الآن أي من هاتين المؤامرتين تمثل خطرا أكبر؟. وقد لا تكون الاجابة بنفس بساطة السؤال. في غضون شهر واحد واجه الغرب هاتين الواقعتين المتباينتين مما يبرز مدى تعقد التحديات التي تواجه أجهزة مكافحة الارهاب التي تسعى لتحديد التهديدات وتقييم درجة خطورتها ووضع رد فعال. ولا تزال لدى تنظيم القاعدة رغبة جامحة في مهاجمة الغرب بعد خمس سنوات من اخر هجوم ناجح له باستخدام أساليب أبسط من الاساليب المعقدة التي تعتمد على العمل الجماعي مثل هجمات 11 سبتمبر أيلول عام 2001 . لكن وضع رد فعل مشترك أمر صعب لانه ليس هناك اجماع بين الخبراء الغربيين حول ما اذا كانت الاساليب المتنوعة التي يستخدمها تنظيم القاعدة وظهور كوادر جديدة في صفوفه تمثل مؤشرات على الضعف أم أنها قدرة على التكيف. ولا يرى بروس هوفمان خبير مكافحة الارهاب ومدير برنامج الدراسات الامنية بجامعة جورجتاون أي دليل على تراجع قوة القاعدة رغم هجمات الطائرات بلا طيار على زعمائها في منطقة الحدود بين أفغانستانوباكستان. وقال "لا أعتقد أنها تنحسر أو تتراجع" مشيرا الى نمو شبكة على مستوى العالم لجماعات ذات فكر مشابه في أماكن مثل اليمن والصومال. وتنظيم القاعدة في جزيرة العرب هو أكبر مشتبه به في حالة الاستنفار الامني التي أثارها اكتشاف الطردين الملغومين على متن طائرتي شحن متجهتين للولايات المتحدة. قال فواز جرجس أستاذ سياسات الشرق الاوسط والعلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد ان تنظيم القاعدة في جزيرة العرب لديه الدافع والتركيز والقيادة المحنكة تماما مثل الجيل السابق من المتشددين الذين شنوا أبرز هجمات القاعدة بما في ذلك هجمات 11 سبتمبر. ومضى يقول "رسالتهم الواضحة هي أن هناك اصرارا قويا على ضرب أي هدف بأي طريقة للنيل من الغرب." وعلى النقيض من ذلك يرى الباحث مارك سيجمان أن الجيل القديم للقاعدة "ينحسر" تحت ضغط الطائرات بلا طيار وأنه أصبح الان يفتقر للمقاتلين ذوي الخبرة لدرجة أنه يضطر للجوء الى المتطوعين الذين يسافرون لباكستان على أمل القتال هناك. ويشير الى مجموعة من المتشددين في أوروبا كانت محور المخاوف الامنية الاوروبية في أوائل أكتوبر تشرين الاول. كانت المجموعة المكونة من 11 متشددا تركت المانيا في مارس اذار عام 2009 لمحاربة الولاياتالمتحدة وقوات التحالف في أفغانستان. وكشف عضو في هذه الجماعة كانت القوات الامريكية قد احتجزته في أفغانستان في يوليو تموز 2010 عن تفاصيل هجمات مزمعة على أهداف في أوروبا ربما تتضمن هجمات متزامنة بالاسلحة النارية على مدن أوروبية. وحتى هذه اللحظة لم يكن أداء هذه المجموعة مؤثرا. فمن بين أفراد المجموعة الاحد عشر لم يتمكن سوى ثمانية من الوصول الى باكستان. ويعتقد أن اثنين أحدهما زعيم الجماعة وهو فرنسي من أصل جزائري يدعى نعمان مزيش قتلا في هجوم طائرات بلا طيار. أما الاخرون فاما احتجزوا في أفغانستان أو في ألمانيا أو أنهم مطلقو السراح لكن موضوعون تحت مراقبة السلطات الالمانية أو أنهم اختفوا عن الانظار. وقال جرجس "هذه جماعات هواة تفتقر الحنكة والمهارة والتدريب التي تمتع بها الجيل السابق الذي رأيناه يعمل في 11 سبتمبر." وأردف قائلا "اتجاه المتشددين المحليين مثير للقلق... لكن علينا أن نتحلى بالدقة بشأن طبيعة المخاطر. هل ما زالت القاعدة قادرة على تنفيذ عمليات مدوية تهز الارض.. كلا.. لا يمكنها ذلك." ويقول خبراء أمنيون ان المخطط الذي قيل انه خرج لحيز الوجود في مخابيء المتشددين في منطقة وزيرستان الشمالية بباكستان لم يتجاوز مرحلة التفكير وان كان من الممكن أن تتكشف خيوط أخرى. وقال مصدر مخابراتي أوروبي عن هذه المجموعة "كانوا يعيشون في أرض الاحلام.. يحلمون بالجهاد." ومضى يقول "سافروا لباكستان بنظارات وردية.. يمكن أن نقول انهم كانوا يتطلعون لعالم بديع.. وعندما وصلوا الى وزيرستان اصطدموا بالواقع. تعين عليهم التحرك عبر الجبال وكان اثنان منهم من أصحاب الوزن الزائد. كانت ( الرحلة) شاقة للغاية. لم يكن بالامكان الاغتسال وكانت موائدهم تخلو من اللحم." ويقول خبراء ان افتقار المجموعة للخشونة والقدرة على الخداع هي السمة المميزة لمتشددين اخرين توجهوا الى باكستان قادمين من أوروبا. لكن عندما تحتك العناصر المستجدة بالمقاتلين المخضرمين فمن الممكن أن تتعلم مهارات فتاكة. ترددت أنباء عن ان بعضا من مجموعة هامبورج التقت بالياس الكشميري وهو متشدد باكستاني محنك. ومن الشخصيات الاخرى التي اتصل بها متشددون أوروبيون عدنان الشكري جمعة وهو من أفراد القاعدة من جوايانا وهو سعودي المولد. وهناك أنباء غير مؤكدة عن أن سيف العدل وهو قيادي أمني سابق في القاعدة عاود الظهور في شمال غرب باكستان بعد سنوات من فرض الاقامة الجبرية عليه في ايران.