واشنطن (رويترز) - ينتظر واشنطن عاملا حافلا تأمل ان تبرم خلاله اتفاق سلام اسرائيلي فلسطيني. وسيواجه الرئيس الامريكي باراك اوباما انتخابات التجديد النصفي للكونجرس في الثاني من نوفمبر تشرين الثاني وربما يسعى لاعادة انتخابه لولاية ثانية في عام 2012 بينما يلعب الرئيس الفلسطيني محمود عباس في الوقت الضائع لان ولايته انتهت بالفعل فيما يمكن ان ينهار ائتلاف رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو القائم على توازن دقيق في اي وقت. ويبدأ العد التنازلي يوم الخميس المقبل حين يجتمع نتنياهو وعباس في واشنطن في أول محادثات سلام مباشرة منذ عام 2008 . وعند اعلانها نبأ المفاوضات قالت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون انها تعتقد ان القضايا الرئيسية والتي تشمل الحدود والمستوطنات اليهودية في الضفة الغربية ومصير اللاجئين الفلسطينيين يمكن تسويتها خلال عام. وسيأتي أول اختبار للمفاوضات الجديدة في وقت مبكر في 26 سبتمبر ايلول حين ينتهي العمل بالوقف المؤقت والمحدود لانشطة الاستيطان في الضفة الغربية. وينتظر الجميع هذا التاريخ حين ينتهي العمل بقرار تجميد بناء المستوطنات على مدار عشرة أشهر والذي استثني نحو ثلاثة الاف وحدة سكنية يجري تشييدها بالفعل في الضفة الغربية كما استبعد القدسالشرقية. وهدد عباس بالانسحاب من المحادثات اذا استؤنف النشاط الاستيطاني بينما يعتمد ائتلاف نتنياهو على دعم احزاب صغيرة موالية للمستوطنين تحرص على التوسع في البناء. وقال دانييل ليفي من مؤسسة امريكا الجديدة وهي معهد بحثي ان النتيجة الاكثر احتمالا نوعا من التحايل بين مد التجميد الحالي لتتقلص عمليات البناء في الضفة الغربية الى صفر بينما يستكمل بناء ثلاثة الاف وحدة بشكل تدريجي او الغاء قرار التجميد كليا مما يؤدي لتخلي عباس عن المحادثات. وألمح ليفي وغيره من المحللين لنتيجة اخرى وهي تعديل قرار التجميد الحالي بما يسمح ببعض عمليات البناء الاضافية في الضفة الغربية لارضاء الشركاء اليمينيين في ائتلاف نتنياهو. وسيكون من الصعب على عباس قبول مثل حل الوسط هذا نظرا لانه صاحب الموقف الاضعف سياسيا. ففي العام الماضي قررت منظمة التحرير الفلسطينية مد ولاية عباس التي انتهت رسميا في 25 يناير كانون الثاني لاجل غير مسمى نتيجة الانقسام بين حركة فتح التي يتزعمها وحركة المقاومة الاسلامية (حماس) مما يحول دون اجراء انتخابات. وكانت حماس فازت بالاغلبية في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني التي جرت في عام 2006 وسيطرت على قطاع غزة في عام 2007 لتقلص نفوذ فتح في الضفة الغربية. ويبرز الانقسام بين فتح وحماس ضعف عباس ومدى صعوبة التوصل لاتفاق سلام في ظل الانقسام العميق داخل المجتمع الفلسطيني وسعي رئيس الوزراء الاسرائيلي الدائم لحماية جناحه اليميني. ومن غير الواضح ما اذا كانت محادثات الخميس ستتمخض عن شيء او ما اذا كان الاجتماع رسالة في حد ذاته. على الاقل سيرغب البيت الابيض في تحديد موعد للمحادثات المباشرة المقبلة- ربما تعقد في المنطقة- قبل اثارة قضية المستوطنات بعد ايام من تجمع قادة العالم في نيويورك لحضور الاجتماع السنوي للجمعية العامة للامم المتحدة في سبتمبر. وقاد تحديد الولاياتالمتحدة الاطار الزمني بعام واحد لحديث عن اختياره بذكاء كي تظل القضية مطروحة بعد انتخابات الثاني من نوفمبر في الولاياتالمتحدة والتي يتوقع ان يفقد خلالها حزب اوباما الديمقراطي سيطرته على مجلس النواب وان يمنى بخسائر كبيرة في مجلس الشيوخ مما يتيح التوصل لنتيجة طيبة قبل ان يواجه اوباما حملة اعادة انتخابه في 2012 . وقال دانييل كيرتزر السفير الامريكي الاسبق في اسرائيل ومصر ويعمل حاليا بجامعة برينستون ان استثمار الولاياتالمتحدة وقتا ومجهودا في استئناف المحادثات يلمح "الى ان الامر ليس محسوبا سياسيا بل خضع لحسابات استراتيجية أكبر." وقال الدبلوماسي المتقاعد "يبدو ان اوباما صاحب قرار تحديد الاطار الزمني بعام واحد مما يشير لاستعداده لان تتداخل مع الحملة الانتخابية." ويقول مارتن اندايك نائب رئيس السياسة الخارحية في معهد بروكينجز وأحد كبار معاوني الرئيس الاسبق بيل كلينتون فيما يخص سياسة الشرق الاوسط ان الوقت ينفد حقا بالنسبة لنتنياهو. ونصب نتنياهو رئيسا للوزراء في مارس اذار 2009 ولن يخوض انتخابات حتى عام 2013. ولكن في ظل ما يطلق عليه اندايك "القانون الحديدي" للسياسة الاسرائيلية فان الائتلافات تحاصرها المشاكل قبل عام من الانتخابات مما يحد من الوقت المتاح أمام نتنياهو للسعى لابرام اتفاق سلام وامكانية التوصل اليه. وقال اندايك "أعتقد ان هذه أحد الاسباب التي تشعر بيبي (نتنياهو) بضرورة ان يبرم اتفاقا في العام الثاني -او نحو ذلك - من ولايته اذا كان له ان يفعل." وذكر اندايك ان السبب الثاني لتعجل الاتفاق القضية النووية الايرانية. وتخشى اسرائيل والولاياتالمتحدة أن تكون ايران تسعى لانتاح أسلحة نووية تحت ستار برنامج نووي مدني. وتقول ايران ان برنامجها النووي يهدف فقط لتوليد الكهرباء. وتابع "الاحتمال الاكبر أن يكون الايرانيون على اعتاب انتاج اسلحة نووية خلال عام ويحتاج (نتنياهو) لان يكون رئيس الولاياتالمتحدة الى جانبه اذا جاءت تلك اللحظة." ويقول اندايك ان نتنياهو اكثر قلقا تجاه التهديد النووي الايراني من قلقه ازاء تحقيق السلام مع الفلسطينيين. وتابع "وضع اطار زمني لمدة عام يبين خلاله جديته أمر حيوي لضمان اتفاق اوباما مع ما قد ينبغي ان تقوم به اسرائيل او ما قد ينبغي ان تفعله الولاياتالمتحدة" في اشارة لهجمات محتملة على ايران. والاهم هنا التوقيت التاريخي اذ قالت وزيرة الخارجية الامريكية ان الوقت لن يكون لصالح اي جانب. وقالت كلينتون في مارس "ارى ان ثمة اعتقاد بين كثيرين بامكانية استمرار الوضع الحالي ولكن عوامل السكان والايديولوجية والتكنولوجيا تجعل ذلك امر مستحيلا." واضافت "لا يمكن ان يدوم الوضع الحالي بالنسبة للجميع."