لاحت في الافق بوادر انفراج قريب في ازمة موانئ النفط في شرق ليبيا عقب التعهد الذي قطعه الثلاثاء إبراهيم جضران زعيم المطالبين بحكم ذاتي في شرق البلاد الشروع في إجراء حوار ليبي – ليبي يفضي إلى فتح الموانئ التي يغلقها منذ ثمانية أشهر في بحر أيام. وبدأ الحوار فعليا الاربعاء. وقال علي الحاسي المتحدث الرسمي باسم ما يعرف بالمكتب التنفيذي (حكومة) لاقليم برقة الخميس ان "المجلس السياسي والمكتب التنفيذي لاقليم برقة وأعيان ومشائخ برقة اجتمعوا الاربعاء في البريقة مع وفد عن الحكومة المؤقتة برئاسة وزير المالية بالوكالة أمراجع غيث". وأوضح الحاسي وهو متحدث باسم الحكومة المعلنة من جانب واحد والممثلة للفيدراليين لفرانس برس أن "حوارا جادا بدأ بالفعل لحل أزمة الموانئ النفطية في شرق البلاد وأن وفد الحكومة كان متجاوبا جدا حيال مطالب الاقليم". واشار الى ان ابرز المطالب تمثلت في "التحقيق حيال سرقات مزعومة للنفط في فترات سابقة والغاء قرار برلماني يقضي بفك الحصار عن الموانئ النفطية عن طريق عملية عسكرية". فيما قال مصدر آخر طلب عد ذكره ان "من ضمن مطالب الاقليم اجراء استفتاء عام لسكانه حيال الحكم الفدرالي في شرق البلاد إضافة إلى تسديد مرتبات متأخرة لحرس المنشئات النفطية وتخصيص جزء من إيرادات النفط لتنمية الاقليم". وأضاف أن "الحكومة المؤقتة وافقت على طلب لنقل مقر حرس المنشئات النفطية إلى منطقة الهلال النفطي في مدينة البريقة" لافتا إلى أن "أصغر الموانئ النفطية المغلقة في شرق البلاد سيفتح مطلع الاسبوع القادم إثباتا لحسن النوايا". وأوضح أن "ميناء زويتينة النفطي (130 كلم غرب بنغازي) هو الذي سيفتح فيما سيفتح تباعا ميناءا السدرة ورأس لانوف بعد انتهاء الحوار ونجاحه". وكان جضران وهو رئيس ما يعرف بالمجلس السياسي لإقليم برقة قال في بيان صحفي ليل الثلاثاء إننا "وافقنا على حل مشكلة النفط عن طريق حوار ليبي- ليبي، نزولا عند رغبة أعياننا ومشايخنا، وقطعا للطريق على التدخلات الخارجية". وجضران مقاتل سابق ضد قوات معمر القذافي وكان رئيسا لحرس المنشئات النفطية في منطقة الهلال النفطي انشق هو ومجموعته عن الحكومة المؤقتة المركزية بسبب ما قالوا إنه سرقة للنفط وبيعه بدون وحدات قياس. وأغلقوا إثر ذلك حقول النفط والموانئ الرئيسية في البلاد والتي يقع معظمها في الشرق منذ تموز/يوليو 2013 ، قبل أن يعلنوا في اب/أغسطس عن تشكيل مجلس سياسي لإقليم برقة ليطالبوا من خلاله قيام نظام فدرالي في ليبيا وأعلنوا عن حكومة اتحادية أحادية الجانب. وبتعليق صادرات النفط منذ تموز/يوليو، حرموا البلاد من مصدر الإيرادات الرئيسية وتسببوا بتراجع الإنتاج النفطي إلى 250 ألف برميل يوميا مقابل 1,5 مليون برميل يوميا في السابق. وقال جضران في بيانه إن "هذا الاتفاق بالتأكيد سيغضب الذين لا يريدون الخير لليبيا وشعبها ويفرح له كل أبناء البلاد الوطنيين وهذا ما يهمنا وما نسعى إليه (...) طالبنا أن يكون الحوار بين الليبيين هو الأساس في إدارة الخلافات وحلها". وجاء هذا الإعلان عقب ساعات قليلة من إفراج النائب العام الليبي على ثلاثة مسلحين كانوا على متن ناقلة النفط المهرب الذي أعادته قوات البحرية الأمريكية إلى ليبيا في إطار صفقة المفاوضات لحل الأزمة. وقال الحاسي لفرانس برس إن "أعضاء حرس المنشئات النفطية الثلاثة الذين كانوا على متن ناقلة النفط مورننغ غلوري وصلوا ليل الثلاثاء إلى بيوتهم في مدينة أجدابيا عقب الإفراج عنهم". وقد وصلت ناقلة النفط المصرية "مورنينغ غلوري" رافعة علم كوريا الشمالية، لكن بوينغ يانغ نددت بها بعد بعضة أيام، في الثامن من مارس إلى ميناء السدرة الذي يسيطر عليه الفيدراليون. وبدأت عملية تحميلها بنفط باعه فيدراليو شرق ليبيا الداعين إلى الحكم الذاتي. وعندما أبحرت الناقلة عائدة، فشلت البحرية الليبية في اعتراضها لكن القوات الخاصة في البحرية الأميركية ضبطتها قبالة سواحل قبرص واقتادتها حتى ليبيا حيث سلمتها إلى الشرطة الليبية مع 21 فردا من الطاقم من جنسيات مختلفة إضافة إلى الليبيين الثلاثة. وتظاهر العديد من المحامين والقضاة الثلاثاء أمام مكتب النائب العام معربين عن دهشتهم من الإفراج عن الليبيين الثلاثة ومنددين بما اعتبروه قرارا سياسيا. وانتقد عناصر من النيابة العامة هذا القرار الذي اتخذ على حد قولهم نزولا عند ضغط نواب المؤتمر الوطني العام (البرلمان) والحكومة الذين يحاولون التوصل إلى حل وسط مع الفيدراليين. لكن وزير العدل في الحكومة المؤقتة صلاح المرغني دافع عن قرار النائب العام قائلا إن "الابقاء على متهم أو الإفراج عنه هو حق مكفول للنائب العام وحده". وأطاحت أزمة ناقلة النفط برئيس الحكومة المؤقتة علي زيدان الذي خلفه في مطلع شهر آذار/مارس في الحكومة المؤقتة وزير دفاعه عبدالله الثني ليقوم بمهام تصريف أعمال الحكومة لكنه أعلن منذ ذلك الحين استعداده لإجراء حوار مع المسيطرين على الموانئ النفطية لحل الازمة بشكل جدي. وقال صالح الاطيوش زعيم قبيلة المغاربة التي ينحدر منها إبراهيم جضران إن " مساع حثيثة جارية هذه الايام بين لجان فتح الموانيء مع الاطراف التي أغلقتها، وان مبادرات حسن نوايا واثبات جدية الاتفاقيات طرحت". وأضاف أنه "يتابع موضوع الاتفاق بين الحكومة المؤقتة وإبراهيم جضران (...) الامور تسير حسب ما هو مرتب لها ما لم يحدث خرق أمني أو تصعيد مسلح". وكان رئيس المؤتمر الوطني العام نوري أبو سهمين ألغى في 12 آذار/مارس خطة لمهاجمة الجماعات المسلحة التي تحاصر مرافئ تصدير النفط وأمهلها أسبوعين لتسليم أسلحتها طوعا أو مواجهة عمل عسكري. وهذه ليست المرة الأولى التي يعلن فيها جضران اعتزامه حل موانئ النفط وإعادة تصدير الخام منها، إذ في كانون الأول/ديسمبر تعهد بحلها واضعا اشتراطات أمام الحكومة لتلبيتها لكنه تراجع عقب ذلك محملا الحكومة المسؤولية. واشترط جضران في ذلك الوقت على الحكومة "تشك?ل لجنة من أقال?م ل?ب?ا الث?ثة برقة و طرابلس و فزان، ل?شراف على عمل?ات تصدير و توز?ع النفط، وفتح تحقيق في السرقات السابقة، بالاضافة إلى تمك?ن برقة من نص?بها الذي ?ضمنه قانون عام 1951".