واشنطن (رويترز) - كان التحذير شديد اللهجة الذي وجهه الرئيس الأمريكي باراك أوباما هذا الاسبوع إلى المسؤولين الأوكرانيين أقرب ما يكون إلى "الخط الأحمر" الذي وضعه للحكومة السورية عام 2012 حين هددها بالتحرك إذا استخدمت الأسلحة الكيماوية. لكن تحذير أوباما يوم الأربعاء بعدم "تجاوز الخط" في قمع الاحتجاجات الحاشدة التي تعصف بأوكرانيا اثار تساؤلات بشأن ما إذا كان الرئيس الأمريكي سيحقق توافقا بين أفعاله وأقواله أكثر مما فعل في الحرب الأهلية المستمرة في سوريا منذ ثلاث سنوات. وترك لجوء أوباما الى وضع "خط" شفهي آخر في أزمة جيوسياسية الكثير من خبراء السياسة الخارجية في حيرة لا سيما في ضوء الخيارات المحدودة المتاحة للتعامل مع الصراع المتصاعد في أوكرانيا. وكتب روبرت دانين الزميل البارز بمجلس العلاقات الخارجية في واشنطن على موقع تويتر "ألم يتعلم درس الخط الأحمر؟" وأثارت كلمات أوباما مقارنات "بالخط الأحمر" الذي وضعه امام استخدام الرئيس السوري بشار الأسد للأسلحة الكيماوية والذي عجز عن فرضه بعمل عسكري العام الماضي وهو الامر الذي يقول منتقدوه انه قوض مصداقية الولاياتالمتحدة. وحذر أوباما في قمة عقدت في المكسيك بشكل غير واضح من "عواقب" لم يحددها في حال تصاعد العنف في أوكرانيا. لكن على الرغم من كلمات أوباما أوضح البيت الأبيض يوم الخميس أن هناك حدودا للمدى الذي ستذهب اليه الولاياتالمتحدة في معاقبة المسؤولين الأوكرانيين. ولا يوجد لدى الرئيس الأمريكي الذي يضع في اعتباره ضجر الأمريكيين من الحرب في العراق وأفغانستان حتى نية النظر في إمكانية التدخل العسكري في أوكرانيا. والأسباب واضحة: سوريا حليفة لروسيا وتحظى بحماية موسكو منذ زمن بعيد لكن أوكرانيا هي جمهورية سوفيتية سابقة لا تزال روسيا تعتبرها جزءا من منطقة نفوذها. وقال جوش ارنست المتحدث باسم البيت الأبيض للصحفيين "في الوقت الراهن... نتحدث عن عقوبات." - حدود النفوذ الأمريكي تعرقل بالقطع حدود النفوذ الأمريكي في أوكرانيا قدرة واشنطن على تهدئة الأزمة الأكثر دموية في البلاد منذ نالت استقلالها عن الاتحاد السوفيتي. فقد قتل 75 شخصا على الأقل في أوكرانيا منذ عصر الثلاثاء. وقال ماثيو روجانسكي خبير شؤون الاتحاد السوفيتي السابق بمركز ويلسون في واشنطن "سوريا قصة مختلفة حقا". لكنه قال إن هناك نقطة واحدة مشتركة وهي "الإعلان عن خطوط حمراء وعواقب بلا ضمانات." وسارع منتقدو أوباما الى السخرية من تهديداته بما في ذلك تحذيره الجيش الأوكراني بالبقاء بعيدا عن الأزمة وقالوا انها بلا معنى. وعلى موقع تويتر كتب مايكل براون المذيع بإذاعة دنفر وهو مسؤول سابق في إدارة بوش استقال بعد التعامل المثير للجدل مع إعصار كاترينا عام 2005 "يقول أوباما انه ستكون هناك عواقب إذا تجاوز الناس في كييف الخط. وانخرط بشار الأسد في الضحك." لكن ارنست المتحدث باسم البيت الأبيض أصر على أن أوباما لديه "مجموعة من الخيارات ... لمحاسبة أولئك الذين يرتكبون العنف ضد المتظاهرين السلميين." ووضع أوباما نفسه في موقف صعب بإنذار "الخط الأحمر" لسوريا وهي عبارة استخدمها لأول مرة في مؤتمر صحفي في شهر أغسطس آب 2012 وتكررت بعد ذلك. وبعدما قالت الولاياتالمتحدة إن قوات الأسد قتلت مئات الأشخاص في هجوم بالغاز في أغسطس آب الماضي تعهد أوباما برد عسكري. لكنه تراجع في مواجهة معارضة من الكونجرس ثم وافق على اتفاق بوساطة روسية يتخلص بموجبه الأسد من أسلحته الكيماوية. وأثار فشل أوباما في فرض "الخط الأحمر" عسكريا تساؤلات بين الأصدقاء والأعداء في الشرق الأوسط بشأن استعداده في يوم من الأيام لتنفيذ تهديده بالقيام بعمل عسكري ضد إيران كملاذ أخير لمنعها من تطوير أسلحة نووية. ونتيجة لما يراه كثيرون "خطا أحمر" ضبابيا في سوريا قال دبلوماسي في الشرق الأوسط عن تهديد أوباما لأوكرانيا "لم يهتم أحد". من مات سبتالنيك