محلل اقتصادي: محاسبة المتسببين في البنزين المغشوش توجه من الدولة لمكافحة الفساد    الأونروا: غزة تحتاج 500-600 شاحنة مساعدات يوميًا والكميات الواصلة "إبرة في كومة قش"    عاجل.. إنتر ميلان يخسر لقب الدوري الإيطالي رغم فوزه على كومو    حميد الشاعرى يغنى مع تامر حسنى "عينى" والأخير يعلق: غيّر شكل الأغنية فى مصر    سمية عبدالمنعم تكتب: تشكلات الزمن ودلالة العناوين في روايات صنع الله إبراهيم    السفيرة نبيلة مكرم: هناك سر في رقم 7 عند المسلمين والمسيحيين    غرق شاب داخل حمام سباحة بالشيخ زايد    المركز الثقافي بكفر الشيخ يشهد عرض ملحمة السراب لفرقة دمياط    يد الأهلي بطلا لكأس الكؤوس الأفريقية بعد الفوز على الزمالك    مستقبل وطن يعقد اجتماعا مع أمنائه في المحافظات لمناقشة خطة عمل المرحلة المقبلة    إنقاذ شاب مصاب بطعنة نافذة بالقلب فى المستشفى الجامعى بسوهاج الجديدة    لتصحيح المفاهيم الخاطئة، الأوقاف تسير قوافل دعوية للمحافظات الحدودية    تشكيل إنتر ميلان ضد كومو في ختام الدوري الإيطالي    سبورت: خطوة أخرى على طريق ميسي.. يامال سيرتدي الرقم 10 في برشلونة    «الوزير» يتفقد الخط الثاني للقطار الكهربائي السريع في المسافة من القاهرة حتى المنيا    وفقا للحسابات الفلكية.. موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى 2025    انخفاض القيمة السوقية لشركة آبل دون مستوى 3 تريليونات دولار    أسعار مواد البناء مساء اليوم الجمعة 23 مايو 2025    بسبب توتنهام.. مدرب كريستال بالاس يكشف حقيقة رحيله نهاية الموسم    اليونيسيف: الأزمة الإنسانية فى غزة تعصف بالطفولة وتتطلب تدخلاً عاجلاً    ما حكم الكلام فى الهاتف المحمول أثناء الطواف؟.. شوقى علام يجيب    «مكنتش بتفرج عليها».. تعليق مفاجئ من الدماطي على تتويج سيدات الأهلي    عاجل|بوتين: مستقبل صناعة السلاح الروسية واعد.. واهتمام عالمي متزايد بتجربتنا العسكرية    العلمين الجديدة.. أبرز مميزات المدينة بعد تتويجها بلقب عاصمة المصايف العربية 2025    كم تبلغ قيمة جوائز كأس العرب 2025؟    من مصر إلى إفريقيا.. بعثات تجارية تفتح آفاق التعاون الاقتصادي    انطلاق امتحانات العام الجامعي 2024–2025 بجامعة قناة السويس    محافظ البحيرة: إزالة 16 حالة تعدي على أملاك الدولة بالموجة ال 26    مستشفى الحوض المرصود يطلق يوما علميآ بمشاركة 200 طبيب.. و5 عيادات تجميلية جديدة    بين الفرص والمخاطر| هل الدعم النفسي بالذكاء الاصطناعي آمن؟    القاهرة 36 درجة.. الأرصاد تحذر من موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد غدًا    رئيس "التنظيم والإدارة" يبحث مع "القومي للطفولة" تعزيز التعاون    هل يحرم على المُضحّي قصّ شعره وأظافره في العشر الأوائل؟.. أمين الفتوى يوضح    أمين اتحاد دول حوض النيل يدعو للاستثمار في أفريقيا |خاص    مدير جمعية الإغاثة الطبية في غزة: لا عودة للمستشفيات دون ضمانات أممية    إيفاد قافلتين طبيتين لمرضى الغسيل الكلوي في جيبوتي    تقديم الخدمة الطبية ل 1460 مواطنًا وتحويل 3 حالات للمستشفيات بدمياط    الزمالك يعلن جاهزيته للرد على المحكمة الرياضية بعدم تطبيق اللوائح فى أزمة مباراة القمة    صفاء الطوخي: أمينة خليل راقية وذكية.. والسعدني يمتلك قماشة فنية مميزة    جوارديولا: مواجهة فولهام معقدة.. وهدفنا حسم التأهل الأوروبى    ضمن رؤية مصر 2030.. تفاصيل مشاركة جامعة العريش بالندوة التثقيفية المجمعة لجامعات أقليم القناة وسيناء (صور)    بدون خبرة.. "الكهرباء" تُعلن عن تعيينات جديدة -(تفاصيل)    خطيب المسجد النبوى يوجه رسالة مؤثرة لحجاج بيت الله    ضبط مدير مسئول عن شركة إنتاج فنى "بدون ترخيص" بالجيزة    ننشر مواصفات امتحان العلوم للصف السادس الابتدائي الترم الثاني    "طلعت من التورتة".. 25 صورة من حفل عيد ميلاد اسماء جلال    البريد المصري يحذر المواطنين من حملات احتيال إلكترونية جديدة    محافظ الجيزة: الانتهاء من إعداد المخططات الاستراتيجية العامة ل11 مدينة و160 قرية    وزير الزراعة يعلن توريد 3.2 مليون طن من القمح المحلي    زلزال بقوة 5.7 درجة يدمر 140 منزلا فى جزيرة سومطرة الإندونيسية    رئيس بعثة الحج الرسمية: وصول 9360 حاجا من بعثة القرعة إلى مكة المكرمة وسط استعدادات مكثفة (صور)    المشروع x ل كريم عبد العزيز يتجاوز ال8 ملايين جنيه فى يومى عرض    ترامب وهارفارد.. كواليس مواجهة محتدمة تهدد مستقبل الطلاب الدوليين    يدخل دخول رحمة.. عضو ب«الأزهر للفتوى»: يُستحب للإنسان البدء بالبسملة في كل أمر    ضبط 379 قضية مخدرات وتنفيذ 88 ألف حكم قضائى فى 24 ساعة    مصادر عسكرية يمينة: مقتل وإصابة العشرات فى انفجارات في صنعاء وسط تكتّم الحوثيين    دينا فؤاد تبكي على الهواء.. ما السبب؟ (فيديو)    خدمات عالمية.. أغلى مدارس انترناشيونال في مصر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تونس: توافق سياسي وسط احتجاجات رافضة في المناطق الفقيرة
نشر في مصراوي يوم 13 - 01 - 2014

في شارع الحبيب بورقيبة، كل شيء يوحي بأن تونس مازالت تعيش نفس الحراك الذي أعقب الثورة التي أطاحت بالنظام السابق. أسلاك شائكة واستنفار أمني كبير ومجموعات شبابية متمركزة هناك للتعبير عن آرائها في مرحلة يعتبرها البعض الأهم في مسار الانتقال الديمقراطي.
تحت القنطرة الرئيسية للشارع الرئيسي احتل عدد من الفنانين الفضاء هناك، و شرعوا في رسم لوحات ضخمة على المساحات الإسمنتية الباهتة. إنهم يحاولون إضفاء جو من الأمل والألوان على الشارع والتعبير عن آرائهم وتطلعاتهم. في لقاء مع DW /عربية تقول شهلة سومر، فنانة تشكيلية شابة: 'أولا نحن نحاول إدماج الفن في الواقع اليومي للناس وثانيا نعمل على تجميل القنطرة التي يعبرها المارة'. وحول الرسالة التي يريد الفنانون تمريرها في ذكرى الثورة يؤكد عبدالوهاب الشارني، أستاذ جامعي وفنان تشكيلي: 'الفنان غير معزول عن واقعه وبما فيه من مظاهر تعبر عن أزمته ومشكلاته وهو يعبر عنها وعن موقفه منها من خلال ريشته وما يضعه من ألوان. ومهما يكن رأي الفنان فإن عمله يختزل بطريقة غير مباشرة رأيه في واقعه اليومي وأحلامه للمستقبل'.
في وسط شارع بورقيبة، قامت مجموعة من الشابات والشبان الناشطين بجمعية التضامن الاجتماعي والقادمين من حي الكبارية، أحد الأحياء الفقيرة جنوب العاصمة، بنصب خيمة، ستقوم طيلة الأيام القادمة بحملة توعية لفائدة المارة بالشارع الرئيسي. وغير بعيد عن وزارة الداخلية التونسية التي تحيط بها الأسلاك الشائكة تراكمت أكياس الأزبال، إذ يبدو أن مستخدمي البلدية لم ينجزوا عملهم خلال الليلة السابقة.
ويقدم المشهد العام في الشارع الرئيسي بتونس العاصمة مفارقة غريبة بين مظاهر الفن والحلم والعمل التطوعي من جهة، وواقع ضعف المسؤولية في القيام بالواجب المهني من جهة أخرى، ويبدو أن هذه المفارقة ليست الوحيدة بل هي سمة المشهد العام في تونس.
مفارقات كثيرة
من بين المفارقات التي تعيشها تونس هذه الأيام هو التوصل إلى اتفاق على أبرز المسائل الخلافية في الدستور حيث اختار السياسيون هيئة لتنظيم الانتخابات القادمة ورئيسا جديدا للحكومة خلفا لعلي العريض المستقيل، في حين يعيش البلد احتجاجات كبيرة في عدد من المناطق. ويتساءل العديد من التونسيين عن الجهة التي تغذي هذه الاحتجاجات وعن الدوافع الحقيقية لهذه الموجة من العنف والفوضى.
في حديث مع DW يعزو منير الكشو، أستاذ الفلسفة السياسية المعاصرة بجامعة تونس، موجة الاحتجاجات الأخيرة إلى وجود 'قصور كبير لدى الحكومة في التواصل مع مختلف فئات الشعب من أجل تبسيط الإجراءات الجديدة الواردة بقانون المالية وشرحها بشكل يفهمه المواطنون والفلاحون على نحو خاص. 'ويرى الأستاذ الكشو أن بعض الإجراءات كانت قد ' ُتحدث تغييرا هيكليا على الصعيد الاقتصادي لأنها تندرج في إطار إستراتيجية الدولة في مقاومة التهرب الضريبي والاقتصاد الموازي'. ويعزو أستاذ الفلسفة السياسية المعاصرة بجامعة تونس موجة الاحتجاجات أيضا إلى 'غياب ناشطين فاعلين من الأحزاب الحاكمة لتعزيز موقف الحكومة وشرحه للناس في المناطق الداخلية. فقد حدثت مغالطة في الفهم لدى الفلاحين، الذين اعتبروا بأن مستوى الضريبة على الشاحنة التي لا تتعدى حمولتها الطن الواحد سيرتفع من 32 دينار إلى 500 دينار، علما أن الزيادة بالنسبة لهذا الصنف من الشاحنات لم تتجاوز 16 دينار، وهو مبلغ معقول جدّا مقارنة بالزيادات في سعر المحروقات '.
ويبدو أن الوعي بخطورة الوضع العام بالبلد يشغل كل الفئات، غير أنه لا أحد يعمل على تقديم حلول ممكنة. ويرى منير الكشو أنه من بين 'العوامل التي ساهمت في بروز أحداث الاحتجاجات هو الموقف الانتهازي لدى أطراف اجتماعية على غرار منظمة الفلاحين ومنظمة الأعراف واتحاد الشغالين. فهي صرحت من جهة بأن الإتاوات لا تنفع وغير ضرورية، ومن جهة أخرى تعتبر بأن البلد يشهد اختلالا كبيرا في موازنته العامة بسبب الاستمرار في دعم المحروقات التي تتسبب في أعباء إضافية على ميزانية الدولة.'
ضعف الحكومة
ورغم أن الاحتجاجات كانت من خلفية إقرار ضرائب جديدة على العربات الفلاحية، فإن إعلان الحكومة عن تعليقها إلى حين إيجاد بدائل لها لم يحد من مواصلة تلك الاحتجاجات. وهناك من يتساءل عن الجهات المستفيدة من تأزم الوضع السياسي والاجتماعي. وعن ذلك يرى منير الكشو، أستاذ الفلسفة السياسية المعاصرة بجامعة تونس 'أن بقايا النظام القديم وشبكات التهريب والإجرام، إضافة إلى أطراف سياسية أخرى غير متيقنة من نجاحها في الانتخابات القادمة هي المستفيدة الأكبر مما يجري ومن أي تعثر للعملية السياسية وتعطيل للإصلاحات الهيكلية الواردة مثلا في قانون المالية لسنة 2014.' كما يعزو المتحدث موجة العنف التي تعم بعض المناطق الفقيرة إلى 'ضعف الحكومة وعدم وجود دعم لها من قبل الفاعلين
السياسيين على المستوى المحلي'.
ويرى بعض الناشطين السياسيين أن موجة الاحتجاجات تعود إلى عوامل اجتماعية، إذ لم تحدث إلا في المناطق والأحياء الفقيرة وأن الثورة لم تحقق تطلعات الشباب في تلك المناطق. وقد ساهم غلاء المعيشة وارتفاع الضرائب وانسداد الأفق أمام الشباب في غضب فئات كثيرة من الناس على كل الطبقة السياسية وكل مظاهر السلطة أو ممثليها في الجهات.
وفي تصريحات إعلامية لقناة حنبعل الخاصة قال مهدي بن غربية، النائب المعارض 'إن موجة الغضب الشعبي الذي يعيشه البلد موجهة لكل الطبقة السياسية سواء كانت في الحكم أو في المعارضة. وعلى الطبقة السياسية الاتعاظ من تجربة الحكم الانتقالي التي امتدت على مدى ثلاث سنوات حتى الآن وشهدت حراكا اجتماعيا كبيرا وزيادات في رواتب الموظفين وعدم المعرفة بدواليب الدولة والإدارة من قبل الساسة الجدد. فالخمس سنوات القادمة ستكون أصعب وعلى كل الفئات أن تضحي لتجاوز الصعوبات المنتظرة'.كما يلاحظ النائب المعارض.
ويتفق المتتبعون للشأن السياسي في تونس أن الإجراءات الواردة في موازنة 2014 غير شعبية ولكنها ضرورية وأن وزير المالية كان شجاعا عندما تحدث بصراحة عن الوضع الاقتصادي في تونس، غير أنه لم يجد دعما من الحكومة ومن الطبقة السياسية. ويتخوف كثيرون من أن لا يجد مهدي جمعة، رئيس الحكومة المكلف، الدعم الكافي من الأحزاب السياسية والأطراف الاجتماعية إذا قال للشعب الحقيقة الكاملة أو اتخذ إجراءات غير شعبية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.