منحت مهلة لسوريا حتى منتصف 2014 لتدمير مخزونها من الأسلحة الكيمياوية لكن في دولة تمزقها الحرب، فإن عملية التخلص من هذه الأسلحة ستكون على الأرجح مليئة بالمصاعب، والسؤال إذن كيف سيكون من الممكن القيام بهذه العملية؟ تستخدم العديد من التقنيات لتدمير الذخيرة والمواد الكيماوية، لكن معظمها تتضمن طريقتين: الإحراق عند درجات حرارة عالية جدا للقضاء على سمية المواد الكيماوية، أو تحييد الأسلحة من خلال إضافة المياه ومادة مثل الصودا الكاوية ينطوي تدمير الأسلحة الكيماوية المزودة بمواد متفجرة على مخاطر إضافية. وأحد الحلول أيضا استخدام وحدات تدمير متنقلة، والتي يمكن نقلها بشكل سريع نسبيا إلى أحد الأماكن، وبذلك يمكن تفادي مخاطر نقل الأسلحة الحية عبر منطقة حرب. تعمل بعض هذه الوحدات على تدمير المواد الكيماوية من خلال إحاطتها بعبوات ناسفة ومن ثم وضعها في غرفة مصفحة. ويتسبب الانفجار في تدمير الذخيرة والمواد الكيماوية. طور الجيش الأمريكي وحدة متنقلة تعرف باسم نظام تدمير المتفجرات ، وتستخدم هذه الوحدة مواد كيمياوية لتحييد العامل السام، واستخدمت أيضا في تدمير أكثر من 1700 من هذه المواد في الولاياتالمتحدة منذ عام 2001 ويمكنها أن تعالج ما يصل إلى ستة أسلحة في وقت واحد. وهناك نظام آخر يمكن استخدامه في سوريا يطلق عليه تكنولوجيا التفجير بالحرارة ، ويتضمن تسخين الذخيرة داخل غرفة تفجير إلى درجة تصل إلى 550 درجة مئوية، وهي درجة كافية لتدمير السلاح ومكوناته الكيماوية. وذكر متحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية بأنه لم يتم بعد اتخاذ قرار بشأن ما هي التقنية التي سيتم استخدامها لتدمير الأسلحة الكيماوية السورية، حيث أن التفاصيل الكاملة لبرنامج الأسلحة الكيماوية السوري لم يتم الكشف عنها بعد. تعمل الحرارة الشديدة لهذه الغرف على تحويل المادة إلى منتجات أقل ضررا يمكن التعامل معها كنفايات خطيرة في مركز للمعالجة التجارية. لكن هناك مخاوف بيئية تتعلق بتقنية الإحراق، ولذا فإن المعالجة بالتحييد هي الأكثر شهرة. وخلال هذه العملية يتم ضخ المادة الكيماوية في صهريج، حيث تضاف المياه والصودا الكاوية، وهو ما يجعلها أقل سمية وقابلة للمعالجة كنفايات خطيرة أو يمكن إحراقها في صهريج آخر. يمكن تدمير الأسلحة الكيماوية في الموقع باستخدام وحدات متنقلة، أو نقلها إلى موقع آخر لمعالجتها على نطاق واسع. وقال رالف تراب الذي عمل في السابق لدى منظمة حظر الأسلحة الكيماوية ، وهي الهيئة التي نفذت عمليات تفتيش مؤخرا في سوريا، إن أحد الأشياء التي يمكنني أن أتحدث عنها بالتأكيد هو أنهم لن يقوموا بذلك (تدمير الأسلحة الكيماوية) بالطريقة المعتادة، حيث يكون لديك الوقت والرفاهية لتجميع المخزون...هذا الأمر سيستغرق بضع سنوات، وليس لديهم الوقت للقيام بذلك . وأشار إلى أن السوريين ربما يجب عليهم تبنى نهجا مختلطا أكثر حيث يتم إبطال استخدام الأسلحة أولا من خلال إزالة الشحنات وملء الحمولات بالخرسان، أو طمرها في الخرسان. ووفقا لبنود اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية، فإنه من غير المسموح به تفريغ المواد الكيماوية في البحر أو دفنها على عمق كبير تحت الأرض. وتمنع الاتفاقية أيضا تدمير الأسلحة بتنفيذ عمليات تفجير محدودة في حفر عميقة، وهو التوجه الذي استخدم في العراق في التسعينيات من القرن الماضي، وهذا بسبب المخاطر على سكان المناطق المحيطة. وقالت باتريشيا لويس مديرة أبحاث الأمن الدولي في مؤسسة تشاتهام هاوس إنها تفضل شحن الجزء الأكبر من المواد خارج سوريا إلى دولة مثل روسيا. وأضافت رأيي هو أن أحد الأشياء التي سيجب عليهم القيام بها هو ضمان وقف مؤقت لإطلاق النار...لذا أعتقد أن المفتشين سيجب عليهم العمل سريعا للغاية حينما يكون لديهم إطلاق نار، وهذا هو السبب في أن نقلها (خارج سوريا) يبدو منطقيا بالنسبة لي . وتابعت لأن روسيا هي من اتخذت المبادرة هنا، فإن عليها مسؤولية ضمان تفعيلها . وتحتفظ سوريا بقاعدة بحرية في طرطوس بسوريا حيث يمكن نقل الأسلحة الكيماوية ومن ثم شحنها إلى موقع آخر، لكن قد تكون هناك مخاوف بشأن السماح بنقل الذخيرة الكيماوية عبر مياه دولية، وفقا لبنود اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية. دمر مخزون الأسلحة الكيماوية للعراق ومؤخرا ليبيا. وفي العراق، حدد مفتشو الأممالمتحدة مواقع منشآت الأسلحة الكيماوية ثم قاموا بإغلاقها، وبمجرد إغلاقها، تم إبطال استخدامها بشكل فعال. وأوضح الستير هاي، أستاذ علم السموم البيئية في جامعة ليدز، إن نموذج العراق يمثل خيارا محتملا في سوريا. وقال طالما أن هذه المواد آمنة، فإن هذا هو أول ضمانة، ومن ثم يجب عليك البدء في تدميرها بأفضل طريقة ممكنة . في ليبيا، كان المخزون الليبي أقل بكثير وبنيت منشأة للتخلص (من هذه المواد) ، رغم أنه تم اكتشاف مخزون إضافي من غاز الخردل لاحقا عقب الإطاحة بنظام القذافي. وفقا لبنود اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية، منحت لسوريا مهلة تسعة أشهر للانتهاء من تدمير مخزونها من الأسلحة الكيماوية. وأكد الرئيس السوري بشار الأسد التزامه بخطة تدمير الأسلحة الكيماوية، لكنه قال إن ذلك قد يستغرق نحو عام. لكن هاي أعرب عن أمله في منح قدر من الفسحة لسوريا في حال واجه برنامج تدمير الأسلحة الكيماوية بعض المصاعب لبعض الأسباب الفنية أو أنه أصبح من الصعب معالجة الحجم الكامل لهذه المواد في وقت واحد. تحتفظ الولاياتالمتحدةوروسيا بأكبر مخزون من معدات الأسلحة الكيماوية في العالم. وبحسب منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، فإن نحو 81 في المئة من المخزون العالمي المعلن دمر في يوليو/تموز 2013. ودمرت الولاياتالمتحدة نحو 90 في المئة، وروسيا نحو 74 في المئة. لكن المواعيد النهائية تم تمديدها بالفعل من 2007 إلى 2012، وتعهدت روسيا حاليا بإنجاز برنامجها (لتدمير هذا المخزون من المعدات) بحلول عام 2015 والولاياتالمتحدة 2023. وروسياوالولاياتالمتحدة من الموقعين على اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية، وتنفيذ هذه الاتفاقية تشرف عليه منظمة حظر الأسلحة الكيماوية ومقرها لاهاي. والهيئة هي من وفرت العلماء الذين نفذوا عمليات التفتيش عن الأسلحة مؤخرا في دمشق، وعلى الأرجح أنها ستشرف على برنامج تدميرها. وقال كبير مفتشي الأممالمتحدة عن الأسلحة ايك سيلستروم لبي بي سي إنه سيكون من الصعب العثور على جميع الأسلحة الكيماوية السورية وتدميرها، لكنه أعرب عن اعتقاده من أن هذا الأمر قابل للتحقيق، وقال إنه قابل للتنفيذ، لكنه بالطبع سيكون عملا شاقا . وأضاف وفقا لموقع الحكومة السورية وموقف المعارضة، واعتمادا على إلى أي مدى يمكنهما التفاوض، فإن هذا الأمر يمكن القيام به، ستكون مهمة صعبة .