في اليوم الثالث لتحركهم، واصل المتظاهرون الاتراك الاحد الضغط على حكومة رجب طيب اردوغان عبر احتلال ساحة تقسيم في اسطنبول، فيما اندلعت حوادث جديدة في العاصمة انقرة. واعتبارا من الظهر، اجتاح الاف الاشخاص ساحة تقسيم التي خلت من عناصر الشرطة بعد يومين من اعمال العنف التي اسفرت عن مئات الجرحى وانتهت باعتقال اكثر من 1700 متظاهر في كل انحاء تركيا، قبل اطلاق سراح القسم الاكبر منهم. واخلى ناشطو المجتمع المدني، وهم راس الحربة في اكبر حركة احتجاج شعبية على الحكومة الاسلامية المحافظة منذ توليها الحكم في 2002، المكان لانصار اليسار واليسار المتطرف الذين احتفلوا ب"انتصارهم" بعد انسحاب قوات الامن السبت. واقام المتظاهرون في خطوة تحد لرئيس الوزراء رجب طيب اردوغان، متاريس في الشوارع المؤدية الى ساحة تقسيم كدسوا فيها كل ما دمر في المدينة وهياكل سيارات مقلوبة وحتى بعض الحافلات البلدية. وقال هاليت ارال لفرانس برس "جميع الاتراك يعيشون تحت الضغط منذ عشرة او 11 عاما، اليوم، الجميع يريدون استقالة رئيس الوزراء". ورغم ان اي حادث لم يسجل في اسطنبول صباحا، فان قوات الامن تدخلت مجددا بعد ظهر الاحد في انقرة مستخدمة خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع لتفريق الاف الاشخاص الذين ارادوا التوجه الى مكتب اردوغان. وكانت مواجهات عنيفة اندلعت ليل السبت-الاحد بين عناصر الشرطة والمتظاهرين في العاصمة التركية محدثة اضرارا جسيمة. وقالت نقابة الاطباء في انقرة ان 414 مدنيا اصيبوا في هذه الصدامات، فيما تحدثت وكالة انباء الاناضول عن 56 جريحا في صفوف قوات الامن. ووقعت حوادث مماثلة ليلا حول مكتب رئيس الوزراء في اسطنبول. وتحت وطاة الانتقادات، اضطر اردوغان السبت الى التراجع بعد يومين من الصدامات وامر الشرطة بالانسحاب من ساحة تقسيم وحديقة جيزي التي اشعل اعلان العزم على هدمها شرارة الاحتجاجات. ونددت المنظمات الحقوقية التركية والاجنبية بهذا القمع متحدثة عن اكثر من الف جريح. حتى ان منظمة العفو الدولية لفتت الى مقتل شخصين. لكن اي مصدر رسمي لم يؤكد هذه الحصيلة. واورد وزير الداخلية التركي معمر غولر مساء السبت ارقاما ادنى بكثير، مشيرا الى 79 مصابا هم 53 مدنيا و29 شرطيا. وحتى داخل السلطة، ارتفعت اصوات عدة مبدية اسفها لتدخل الشرطة. وفي هذا السياق، اعتبر الرئيس التركي عبدالله غول ان مستوى المواجهة "يثير القلق" فيما دعا نائب رئيس الوزراء بولنت ارينج الى الحوار "بدل اطلاق الغاز على الناس". بدورها، دعت دول حليفة لتركيا مثل الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا الحكومة التركية الى ضبط النفس، في حين دعت الخارجية السورية الاحد مواطنيها الى عدم التوجه الى تركيا "حفاظا على سلامتهم". وكان وزير الاعلام السوري عمران الزعبي ندد الجمعة ب"الاسلوب الارهابي" الذي يقود به رئيس الوزراء التركي بلاده، وب"الهمجية" التي يتم التعامل بها مع المتظاهرين. وطالبه "بالتنحي" اذا "كان عاجزا عن اتباع وسائل غير عنفية". وتستخدم دمشق عبارات وكلمات سبق للمسؤولين الاتراك ان توجهوا بها الى نظام الرئيس السوري بشار الاسد في معرض انتقادهم لقمع الحركة المطالبة برحيله في سوريا والتي تحولت الى نزاع دام. في مواجهة كل ذلك، تراجع رئيس الوزراء واقر بان الشرطة تحركت في بعض الحالات في شكل "مفرط" قائلا "صحيح، لقد ارتكبت اخطاء واعمال مفرطة في كيفية رد الشرطة". واضاف ان وزارة الداخلية امرت باجراء تحقيق. لكنه كرر انه سينجز مشروع تطوير ساحة تقسيم الذي اثار الغضب الشعبي حتى النهاية. وفي ما بدا تحديا جديدا للمتظاهرين الذين يتهمونه بالسعي الى "اسلمة" المجتمع التركي، اكد اردوغان الاحد انه سيتم تشييد مسجد في ساحة تقسيم. وقال "نعم، سنقوم ايضا ببناء مسجد. ولن اطلب اذنا من رئيس حزب الشعب الديموقراطي (اكبر احزاب المعارضة) او من حفنة من المخربين للقيام بذلك. من صوتوا لنا (في الانتخابات) منحونا السلطة للقيام بهذا الامر".