توصلت قبرص ليل الاحد الاثنين الى اتفاق مع الجهات الدائنة الدولية يجنبها الافلاس والخروج من منطقة اليورو، لقاء خسائر فادحة لمودعي اكبر مصارف الجزيرة وتصفية ثاني اكبر مصارفها. وقال المتحدث باسم الحكومة خريستوس ستيليانيديس الاثنين "اخيرا قبرص خرجت من فترة الشكوك وعدم الاستقرار الاقتصادي. وتم تفادي الافلاس ما كان سيعني الخروج من منطقة اليورو بعواقب كارثية". ويلقي الرئيس القبرصي نيكوس اناستاسيادس الذي يعود الى قبرص الاثنين بعد اجراء مفاوضات شاقة حول خطة انقاذ الجزيرة مع القادة الاوروبيين، خطابا متلفزا عند الساعة 19,00 بالتوقيت المحلي (17,00 ت.غ) كما جاء في بيان رسمي. وقد عبر اناستاسيادس عن "ارتياحه" لنتيجة المحادثات بعدما تفاوض على مدى 12 ساعة في بروكسل مع الجهات المانحة الدولية للتوصل الى اتفاق يجنب الجزيرة الافلاس والخروج من منطقة اليورو. واشادت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل بخطة المساعدة لقبرص، معتبرة انها "جنبت البلاد الافلاس" وانها كانت "متوازنة". وقالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد في بيان ان الخطة التي ستجنب قبرص الافلاس "تركز على المصرفين اللذين يطرحا المشكلة والحماية الكاملة للودائع في كل المصارف". وثمن هذا الاتفاق سيكون فادحا على الاقتصاد القبرصي. وبحسب الاتفاق ستحصل قبرص على مساعدة بقيمة 10 مليارات يورو، لقاء تحجيم قطاعها المصرفي من خلال اغلاق مصرف لايكي، ثاني اكبر مصارفها. وسيطاول هذا الاجراء اصحاب الاسهم والسندات والودائع ما فوق مئة الف يورو، ما يوازي 4,2 مليارات يورو بصورة اجمالية. وفي المقابل، تستثنى من الخطة بالكامل جميع الودائع الصغيرة التي ستنقل الى "مصرف صالح" يتم انشاؤه لاستيعابها، فيما تحول الاموال الاخرى الى "مصرف سيء" مكلف استيعاب الاصول التي اطلقت عليها تسمية "المسمومة". واعلن البنك المركزي القبرصي الاثنين انه عين مسؤولة لتصفية بنك لايكي وجاء في بيان اصدره "ان البنك المركزي القبرصي (...) يعلن اليوم تعيين اندري انتونيادس مسؤولة خاصة لاعادة هيكلة بنك لايكي". اما بخصوص "بنك قبرص" الاكبر في البلاد والذي يختزن تقريبا ثلث اجمالي الودائع في الجزيرة وبينها الكثير لمودعين روس، فلن تتم تصفيته، بعد ان قاومت السلطات القبرصية بشدة لتفادي ذلك. غير ان اصحاب الودائع التي تفوق مئة الف يورو سيتكبدون خسائر فادحة. واعلن ستيليانيدس ان الضريبة على الودائع التي تفوق 100 الف يورو في "بنك قبرص" ستكون "حوالى 30%". كما اعلن البنك المركزي القبرصي انه لم يتخذ بعد اي قرار حول اعادة فتح المصارف المقفلة منذ 16 اذار/مارس والتي كان من المقرر ان تفتح غدا الثلاثاء. واضافة الى اعادة هيكلة القطاع المصرفي، ستوقع السلطات القبرصية في الاسابيع المقبلة مع الترويكا (الاتحاد الاوروبي والبنك المركزي الاوروبي وصندوق النقد الدولي) بروتوكول اتفاق لاجراء اصلاحات بنيوية وعمليات خصخصة مع رفع الضريبة على الشركات من عشرة الى 12,5 في المئة. كذلك، على قبرص ان تعمل على مكافحة تبييض الاموال بحسب نتائج عملية تدقيق وشيكة. ودعا رئيس المجلس الاوروبي هرمان فان رومبوي الاثنين الى تطبيق الاتفاق الذي ابرم ليلا بين قبرص والجهات الدائنة الدولية "في اسرع وقت ممكن". وقال فان رومبوي في بيان "الاتفاق ضروري لضمان مستقبل دائم لقبرص في منطقة اليورو (...) كل الاطراف يجب ان تضمن الان التطبيق في اسرع وقت ممكن. علينا جميعا العمل جاهدين من اجل الحد من العواقب الاجتماعية للازمة في قبرص". واوضح رئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل باروزو ان هذا الاتفاق ابرم "بدعم كامل من الرئيس القبرصي" نيكوس اناستاسيادس الذي اجرى مفاوضات شاقة استمرت 12 ساعة في بروكسل. واعتبرت الحكومة اليونانية ان الاتفاق الذي عقد في بروكسل بين نيقوسيا والاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي "مؤلم" لكنه يحول دون خروجها من منطقة اليورو ويجنبها "الفوضى" التي يمكن ان تليه. وتم التخلي نهائيا عن فكرة فرض ضريبة على جميع الودائع المصرفية وهي فكرة وردت في الخطة الاولى التي تم التوصل اليها في نهاية الاسبوع الماضي وقد اثارت موجة احتجاجات واستنكار ورفضها البرلمان القبرصي. واستصدرت السلطات القبرصية الجمعة قانونا حول اعادة هيكلة النظام المصرفي يجنبها المرور مجددا عبر البرلمان لاقرار خطة الانقاذ الجديدة. من جانبه، طلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من الحكومة ان تدرس "شروط اعادة جدولة" الدين البالغة قيمته 2,5 مليار يورو الذي منحته موسكو لقبرص في 2011 كما اعلن المتحدث باسم الكرملين الاثنين. وقال ديمتري بيسكوف كما نقلت عنه وكالات الانباء الروسية ان بوتين "كلف الحكومة ووزارة المالية ان تضعا مع شركائنا شروط اعادة جدولة الدين الذي سبق ان منح لقبرص". في المقابل، اعلن رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف ان روسيا ستدرس عواقب الاتفاق المبرم الاثنين في بروكسل بين قبرص والجهات الدائنة والذي سيلحق خسائر بكبار المودعين في اول مصرفين في الجزيرة، على مصالحها. وبعد اسبوع على محاولة اولى فشلت كانت تنص على فرض ضريبة على جميع الودائع المصرفية في البلاد، عدلت مجموعة اليورو وصندوق النقد الدولي بنود الاتفاق لتعود الى القواعد الاوروبية المرعية، مستبعدة اي ضريبة على الودائع ما دون مئة الف يورو. وما زال يتعين ان تصادق برلمانات عدد من دول منطقة اليورو وبينها المانيا على خطة الانقاذ بحلول منتصف نيسان/ابريل على ان يتم صرف الدفعة الاولى من المساعدة في منتصف ايار/مايو. وتعم موجة غضب البلاد حيث جرت تظاهرات السبت والاحد. كما الحقت عبوة ناسفة خفيفة الزنة مساء الاحد اضرارا طفيفة باحد فروع مصرف قبرص في ليماسول (جنوب) بحسب وسائل اعلام محلية.