رفضت المعارضة السورية في الداخل والخارج والدول الغربية الحل الذي اقترحه الرئيس السوري بشار الاسد للازمة في بلاده الاحد وبدا فيه واضحا عدم استعداده للتخلي عن السلطة بعد 21 شهرا من نزاع دام حصد اكثر من ستين الف قتيل. وتقدم الاسد في خطاب طويل الاحد ب"حل سياسي"، داعيا الى مؤتمر وطني باشراف الحكومة الحالية بعد وقف العمليات العسكرية يتم خلاله وضع ميثاق وطني جديد، وتليه انتخابات وتشكيل حكومة، مؤكدا ان اي مرحلة انتقالية يجب ان تتم عبر "الوسائل الدستورية"، متجاهلا بالتالي الدعوات الموجهة اليه للتنحي. وقال المنسق العام لهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديموقراطي حسن عبد العظيم في مؤتمر صحافي في دمشق الاثنين "لن نشارك في اي مؤتمر للحوار الوطني قبل وقف العنف اولا واطلاق سراح المعتقلين وتأمين الاغاثة للمناطق المنكوبة المتضررة وبيان مصير المفقودين". واوضح عبد العظيم الذي يمثل اهم تجمع للمعارضة في الداخل ان "اي تفاوض وليس حوار يجب ان يكون باشراف مبعوث الجامعة العربية والاممالمتحدة" الاخضر الابراهيمي، مؤكدا انه لن يكون هناك "حوار او تفاوض بيننا وبين النظام مباشرة"، لان مرحلة الحوار والحل السياسيين "فات اوانها وزمانها ومكانها". وفي بيان باسمها تلاه امين سرها رجاء الناصر، اعتبرت الهيئة ان خطاب الاسد جاء "ليقطع الطريق على ما حمله الابراهيمي من مبادرة لحل سلمي يجري العمل على تحقيقه وعلى مساعيه لتأمين توافق دولي اميركي لضمان نجاح هذا الحل". وكان الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية الذي يمثل اوسع اطياف المعارضة اعتبر الاحد ان الخطاب يؤكد "عدم اهلية" الاسد لشغل "منصب رئيس دولة يدرك المسؤوليات الجسام التي تقع على عاتقه في فترة حرجة من تاريخ بلده"، لانه "لا يرى الا بقاءه هو ومنظومة حكمه الضيقة في سدة الحكم رغما عن انوف الجميع". ومضى النظام في التحضير لوضع آلية لاقتراح الاسد كما وعد الاخير في كلمته الاحد. فقد دعا رئيس الوزراء وائل الحلقي الاثنين "اعضاء الحكومة الى اجتماع نوعي لوضع الاليات اللازمة للبرنامج الوطني الذي اعلنه السيد الرئيس بشار الاسد"، من دون تحديد موعد لذلك. ولقي طرح الرئيس السوري ادانة غربية واسعة، آخرها من الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الذي اصيب "بخيبة امل" لان الخطاب "يرفض العنصر الاكثر اهمية في اعلان جنيف (...): انتقال سياسي وتشكيل حكومة انتقالية تتمتع بسلطات تنفيذية كاملة وتضم ممثلين لجميع السوريين"، بحسب ما قال المتحدث باسمه مارتن نيسيركي. واتهمت الدبلوماسية الاميركية الرئيس السوري الاثنين بانه "غير انساني" و"غير عقلاني"، وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية فيكتوريا نولاند ردا على سؤال "على الصعيد الشخصي، اعتبر بالتأكيد ان ما قام به (الاسد) هو تجسيد للشر". واضافت "لقد تجاوز الوحشية. ما قام به بحق شعبه غير انساني"، معتبرة ان الاسد هو "احد الافرقاء الاكثر وحشية على الساحة الدولية اليوم". وانتقد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الاثنين بشدة خطاب الاسد. وكتب على موقع تويتر "نعلم بالفعل ان بشار قاتل لشعبه، لكننا نلاحظ من خلال خطابه المثير للشفقة انه ايضا اصم واعمى". اضاف "افضل امنية يمكن ان نتمناها لسوريا عام 2013 هي ان تتخلص من ديكتاتورها". وكانت واشنطن ولندن وبرلين رأت في الخطاب انفصالا عن الواقع ومحاولة للتشبث بالسلطة. واقتصرت الردود العربية حتى الآن على الرئيس المصري محمد مرسي الذي قال ان الشعب السوري يرغب بمحاكمة رئيسه "على غرار ما كان الشعب المصري يريده (...) ونحن ندعم الشعب السوري". ولم يصدر اي تعليق عن الدول الخليجية الداعمة للمعارضة السورية. وعلى جبهة الدول الحليفة للاسد، رحبت طهران بالخطة التي "ترفض العنف والارهاب والتدخل الخارجي" وتشكل "حلا شاملا للازمة"، بينما لاذت روسيا والصين بالصمت. واتى خطاب الاسد بعد حركة دبلوماسية مكثفة في محاولة لايجاد مخرج للازمة، تستكمل مشاوراتها في الايام المقبلة. وقال نيسيركي الاثنين ان بان والابراهيمي "يواصلان العمل من اجل حل سياسي للنزاع"، على ان يشمل ذلك "انتخابات حرة وعادلة تحت اشراف الاممالمتحدة". اضاف "اكثر من اي وقت، انه امر اساسي وملح ان يتوحد المجتمع الدولي بهدف مساعدة الشعب السوري في بناء سوريا جديدة وديموقراطية تحظى فيها كل حقوق المجموعات والاقليات بحماية في شكل ملائم وذلك في اسرع وقت خلال العام 2013". واشار الى ان الابراهيمي سيلتقي الاثنين في القاهرة رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم ال ثاني، قبل ان يجتمع مساء الثلاثاء بوزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي الذي يزور العاصمة المصرية. الى ذلك، لا يزال الابراهيمي يسعى الى عقد اجتماع ثلاثي جديد مع نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف ومساعد وزيرة الخارجية الاميركية وليام بيرنز. وكان الابراهيمي قال في وقت سابق ان مقترحه لانهاء الازمة يتضمن تشكيل حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات لحين اجراء انتخابات برلمانية او رئاسية. لكن صحيفة "الوطن" السورية المقربة من النظام نقلت الاثنين عن مصادر "على اطلاع بالموقف الرسمي" ان مفهوم الغرب عن "المرحلة الانتقالية" هو الانتقال "من مرحلة الرئيس الاسد الى مرحلة ليس فيها الرئيس الاسد"، رافضة ذلك "شكلا ومضمونا". ورأت ان طرحا مماثلا يهدف الى "استحواذ هذه الحكومة على صلاحية قيادة الجيش من الرئيس الأسد تمهيدا الى تقسيمه وتمزيقه"، مؤكدة ان "هذا لن يحدث، سوريا ستظل تقاتل بهذا الجيش حتى النهاية ولن تسمح بتمزيقه". وفي روما، جدد البابا بنديكتوس السادس عشر الاثنين نداءه الى "حوار بناء" في سوريا، محذرا من انه "لن يكون هناك منتصرون وانما فقط خاسرون" اذا استمر النزاع. ميدانيا، واصلت القوات النظامية قصف مناطق في ريف دمشق ما تسبب بمقتل خمسة اشخاص بينهم اربعة من عائلة واحدة في بلدة كفربطنا، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان، في حين قتل 14 شخصا آخرين في قصف على مدينة حلب في الشمال. ومساء، افاد المرصد عن اشتباكات بين المقاتلين المعارضين والقوات النظامية في مناطق عدة من محيط العاصمة. في محافظة حمص (وسط)، قال المرصد انه تم العثور على جثامين عشرة رجال وامرأة مجهولي الهوية في الاراضي الزراعية قرب بلدة الشين في ريف حمص لم تعرف ظروف مقتلهم. وبلغت حصيلة القتلى الاولية لاعمال العنف في سوريا الاثنين 50، بحسب المرصد السوري الذي يتخذ من بريطانيا مقرا ويقول انه يعتمد على شبكة واسعة من المندوبين والمصادر الطبية في كل سوريا. في هولندا، بدأت صواريخ باتريوت المضادة للصواريخ رحلتها الى تركيا حيث من المقرر ان تنشر على الحدود مع سوريا للدفاع عن مدينة اضنة. ونقلت قافلة عسكرية صواريخ ورادارات وعتادا الكترونيا وتجهيزات 300 جندي متجهين الى تركيا، من قاعدة عسكرية في جنوب شرق هولندا الى ميناء في شمال شرقها، حيث ستبحر على متن سفينة وتصل الى تركيا في 22 كانون الثاني/يناير. وبدأ نشر صواريخ باتريوت الاميركية السبت في تركيا في حين يترقب وصول بطاريتين المانيتين في 21 الجاري.