يصل البابا بنديكتوس السادس عشر ظهر الجمعة الى لبنان في زيارة تستمر ثلاثة ايام وتنطوي على حساسيات كبرى في هذا البلد الذي تخيم عليه الازمة السورية، وتندرج تحت شعار "السلام" في الشرق الاوسط. وهي زيارة دولة تاتي تلبية للدعوة الرسمية التي وجهها اليه الرئيس اللبناني ميشال سليمان وزيارة راعوية تلبية لدعوتي مجلس بطاركة الشرق الكاثوليك ومجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك في لبنان على اثر انعقاد السينودوس حول الشرق الاوسط في تشرين الاول/اكتوبر 2010. وقد وضعت السلطات اللبنانية كل اجهزتها الامنية في حالة من الاستنفار تمهيدا لزيارة البابا التي تاتي في ظل مخاوف من تداعيات الازمة السورية على هذا البلد. ولم يشأ البابا الغاء هذه الزيارة التي قد تكون الاصعب خلال فترة ترؤسه الكنيسة الكاثوليكية، بسبب المأساة التي يعيشها العديد من المسيحيين في الشرق، مهد المسيحية بسبب خصوصا تصاعد موجة الاسلام المتطرف. وتاتي الزيارة في وقت تشهد سوريا المجاورة نزاعا داميا قتل فيه اكثر من 27 الف شخص بحسب ارقام المرصد السوري لحقوق الانسان منذ انطلاق حركة احتجاجية فيها منتصف اذار/مارس 2011 تعرضت للقمع على ايدي السلطات. واعلن البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الخميس ان البابا سيدعو خلال زيارته الى لبنان الى وقف دوامة العنف في سوريا والى وقف الدعم "بالمال والسلاح" لاي طرف. واعلن المنسق العام للزيارة الاب مروان تابت في مؤتمر صحافي الخميس ان الزيارة تنطوي على تسع محطات أساسية: ثلاث منها خاصة بزيارة الدولة، وأربع خاصة بالزيارة الراعوية واثنتين مشتركتين. ويبدأ البابا زيارته الى لبنان الجمعة بحفل استقبال في مطار رفيق الحريري الدولي ثم يتوجه الى حريصا (29 كلم شمال شرق بيروت) حيث مقر السفارة البابوية. وسيوقع في بازيليك القديس بولس الملاصقة للسفارة الارشاد الرسولي للسينودوس الخاص لمجمع الاساقفة من اجل الشرق الاوسط، وهو بعنوان "الكنيسة الكاثوليكية في الشرق الاوسط: شركة وشهادة"، في حضور رئيس الجمهورية المسيحي ميشال سليمان ومسؤولين كنسيين. ويلتقي البابا السبت الرئيس اللبناني ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ثم رؤساء الطوائف الاسلامية، واعضاء الحكومة ومؤسسات الدولة والهيئات الدبلوماسية ومنظمات شبابية. وسيكون على لقاء مع شبيبة لبنان بعد ظهر السبت في باحة مقر البطريركية المارونية في بكركي القريبة من حريصا. ويتخلل هذا اللقاء اناشيد وتراتيل وهو تحت عنوان "سلامي اعطيكم"، وهو الشعار الذي اختاره البابا لزيارته، بحسب ما اوضح منسق لقاء الشبيبة الخوري توفيق بو هدير في المؤتمر الصحافي. ويتوج البابا زيارته بقداس يترأسه عند الواجهة البحرية لبيروت. وقد وضع المنظمون في المكان 75 الف كرسي، علما ان المكان يتسع للالاف غيرهم وقوفا. وكان البابا وجه الاربعاء من الفاتيكان نداء من اجل "السلام المرغوب جدا" في الشرق الاوسط في نطاق "احترام الاختلافات المشروعة". وقال "تاريخ الشرق الاوسط يعلمنا الدور المهم وغالبا الاولي الذي تلعبه الجماعات المسيحية المختلفة في الحوار بين الاديان والثقافات"، مضيفا "لنطلب من الله ان يعطي تلك المنطقة من العالم السلاح المرغوب جدا ضمن احترام الاختلافات المشروعة". واكد البابا الاحد ان زيارته "الرسولية الى لبنان وعبره الى الشرق الاوسط باكمله توضع تحت علامة السلام". واضاف ان "الالتزام بالحوار والمصالحة يجب ان يكون اولوية لكل الاطراف المعنية ويجب ان يكون مدعوما من المجتمع الدولي الذي بات اكثر ادراكا لاهمية السلام المستقر والدائم في الشرق الاوسط بالنسبة للعالم اجمع". وسيلقي البابا سبعة خطابات على الاقل خلال هذه الرحلة ال24 الى الخارج منذ انتخابه عام 2005.