جنيف (رويترز) - عقد اتفاقا فريدا مع الرئيس السوري بشار الأسد.. تصدى لما اعتبره تجاوزات في الحرب الأمريكية على الإرهاب.. جمع تقارير كشفت عن إساءة معاملة الأمريكيين لمحتجزين في العراق.. وحارب من أجل حقوق السجناء في جوانتانامو. إنه جاكوب كيلينبرجر الذي يصف نفسه بأنه "مفاوض الملاذ الأخير" والذي يترك منصبه يوم الجمعة القادم بعد 12 عاما كرئيس للجنة الدولية للصليب الأحمر. والصليب الأحمر جهة إغاثة مستقلة يعمل بها 12500 موظف وتضطلع بمهام إنسانية على خط الجبهة وتنقل إمدادات غذائية ومعونات طبية في مناطق الحرب في أنحاء العالم. شهدت فترة عمل كيلينبرجر صراعات فجرتها هجمات 11 سبتمبر أيلول 2001 على الولاياتالمتحدة ومساعي أمريكية للقبض على متشددي تنظيم القاعدة في الخارج أو قتلهم وأحيانا باستخدام طائرات بلا طيار. وتنتهي فترة عمله في وقت تنزلق فيه سوريا إلى أتون حرب أهلية شاملة. قال كيلينبرجر (67 عاما) في مقابلة جرت في مكتبه بمقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر في جنيف "عندما أنظر إلى الوراء أرى أنها قضية محورية للغاية.. مسألة ما أطلقت عليه إدارة (الرئيس الأمريكي جورج) بوش تعبير الحرب العالمية على الإرهاب." وأضاف "التوازن الأساسي بين الضرورة العسكرية وبين الإنسانية واحترام كرامة الإنسان اختل في أماكن وواجه خطرا شديدا في أماكن أخرى. تملكني شعور بأنه ينبغي محاربة هذا من البداية." وأشار إلى أن الكثير من ملفاته كان متصلا بالقتال في أفغانستان والشرق الأوسط وقال "إنه لأمر يحمل دلالة خاصة أن تنتهي فترة عملي وسط أحداث هذه المنطقة.. وأحداث سوريا. لكن من قبل كان هناك لبنان وإسرائيل والأراضي الفلسطينية." وتساءلت إدارة بوش التي غزت أفغانستان في أواخر 2001 والعراق في مارس آذار 2003 علانية عن صلة معاهدات جنيف بمقاتلي تنظيم القاعدة وحركة طالبان فيما مثل تحديا للصليب الأحمر الذي يرعى قواعد الحرب المتفق عليها عام 1949 والتي تهدف لحماية المدنيين وأسرى الحروب. في أفغانستان سارعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بتفقد المحتجزين لدى الولاياتالمتحدة في قندهار وباجرام والمحتجزين في القاعدة البحرية الأمريكية في جوانتانامو في كوبا دون توجيه اتهامات لهم. وفي 2004 نشرت جريدة وول ستريت جورنال تقارير سرية أعدها الصليب الأحمر وتحدثت عن إساءة معاملة الأمريكيين لمحتجزين في العراق ومن بينهم محتجزون في سجن أبو غريب مما أثار موجة غضب دولية. وقال كيلينبرجر "كان هذا موقفا صعبا جدا بالنسبة لنا. إنها مشكلة ترتبط عادة بالقضايا السرية. ما ظهر بعد ذلك في الصور وما أعلن كان في الحقيقة جزءا من تقارير أعدتها لجنة الصليب الأحمر بعد زيارات لأبو غريب حتى نهاية عام 2003 لكنها كانت تقارير سرية لا يطلع عليها سوى السلطات الأمريكية وليس أي جهة أخرى." وعلى مستوى العالم زارت فرق الصليب الأحمر أكثر من 540 ألف محتجز في 75 دولة العام الماضي. ومن أولئك سيف الإسلام القذافي نجل الزعيم الليبي الراحل والذي تم الإمساك به أثناء فراره في الصحراء. ومنهم أيضا رئيس ساحل العاج السابق لوران جباجبو. وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر هي الوكالة الدولية الوحيدة التي وزعت مساعدات في سوريا كما أن فرقها زارت سجونا في دمشق وحلب ومازالت تسعى لزيارة كل المحتجزين لدى طرفي الصراع. وقد زار كيلينبرجر سوريا ثلاث مرات خلال الشهور التسعة الماضية للتفاوض على تيسير زيارة المحتجزين كما عقد اجتماعين مع الأسد. وقال الصليب الأحمر إن حروبا أهلية محلية استعرت في حماة وحمص وإدلب وإن لم تندلع بعد حرب أهلية شاملة وهو رأي يعتبره بعض السياسيين متحفظا بشكل مبالغ فيه. وتقضي القواعد الداخلية للصليب الأحمر بأن تظل المقابلات التي تجرى مع السجناء لتقييم مدى حسن أو إساءة معاملتهم وأحوال احتجازهم سرية وبألا تنقلها اللجنة إلا لسلطات الاحتجاز. وقال كيلينبرجر "مازلت مقتنعا بقوة بأن التكتم على المدى الطويل أداة في غاية الأهمية من أجل الوصول للمحتجزين وكذلك لدخول مناطق معينة." وأضاف "لكني أقر أيضا بأن نشر ما حدث في أبو غريب كان له تأثير كبير بالمعنى الإيجابي إذ أصبح هناك إدراك واضح في بعض الدوائر بالسلطات الأمريكية لضرورة تغيير بعض الأمور." يخلف كيلينبرجر في المنصب بيتر موريه وهو مثله دبلوماسي سويسري بارز. من ستيفاني نيبيهاي