يقر مجلس الشيوخ الفرنسي الاثنين ما لم يطرأ تغيير في اللحظة الاخيرة، قانونا يجرم انكار ابادة الارمن عام 1915، ما يهدد بتعميق الخلاف بين باريس وتركيا الشريكين الاستراتيجيين والاقتصاديين. وان كان قسم من الغالبية اليمينية ومجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه اليسار تحفظ على النص الذي يدعمه الرئيس نيكولا ساركوزي، يتوقع ان يتم تبنيه مساء اذ انه يحظى بتأييد الاتحاد من اجل الحركة الشعبية (يمين) والحزب الاشتراكي. وينص مشروع القانون على فرض عقوبة بالسجن سنة ودفع غرامة بقيمة 45 الف يورو على كل من ينكر الابادات المعترف بها امام القانون الفرنسي وبينها الابادة الارمنية. وكانت باريس اعترفت في 2001 ب"ابادة" الارمن في الاناضول بين 1915 و1917 (مليون ونصف المليون قتيل بحسب الارمن). واصبحت بالتالي تعترف ب"ابادتين"، واحدة بحق اليهود في الحرب العالمية الثانية والاخرى بحق الارمن لكنها لم تكن تعاقب سوى على انكار الاولى. وحاولت تركيا حتى اللحظة الاخيرة الضغط على البرلمان الفرنسي للتراجع عن ذلك. وترفض تركيا تعبير "ابادة" ولا تعترف سوى بمجازر ادت الى مقتل حوالى 500 الف ارمني. وصرح وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو الاثنين ان الحكومة التركية ستتخذ اجراءات انتقامية ضد فرنسا اذا اقر مجلس الشيوخ الفرنسي مشروع القانون. وقال للصحافيين "حددنا مسبقا سلسلة اجراءات ننوي اتخاذها اذا اقر النص نهائيا. لا احد يجب ان يشك في ذلك". وكان الوزير التركي الغى زيارة الى بروكسل الاثنين للمشاركة في اجتماع وزراء الخارجية الاوروبيين. وكان النواب الفرنسيون صوتوا على النص في 22 كانون الاول/ديسمبر ما حمل انقرة الى استدعاء سفيرها من باريس لبضعة اسابيع. وكانت تركيا الدولة العضو في حلف شمال الاطلسي جمدت تعاونها العسكري والسياسي مع باريس التي ترى في انقرة شريكا اساسيا لتسوية الازمة في سوريا. وافادت مصادر في انقرة ان تركيا قد تستدعي هذه المرة ممثلها في باريس الى اجل غير مسمى وتخفض حجم بعثتها وتتخذ تدابير ثأرية في المجالين التجاري والاقتصادي. ويخشى الفرنسيون من ان يتم استبعادهم من الاسواق الكبرى خلال استدراجات العروض. وقد يؤدي ذلك الى استبعاد فرنسا من اعمال بناء المحطات النووية او افشال المفاوضات لاشراك شركة الغاز الفرنسية في مشروع وضع انبوب غاز نابوكو الاوروبي. وحذر فرع ارباب العمل الاتراك في باريس من ان "النص اذا تم التصويت عليه قد يهدد العلاقات المميزة بين فرنسا وتركيا". ودعت باريس الاثنين الى "التهدئة". وقال الناطق باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو في لقاء مع صحافيين "ندعو الى التهدئة. تركيا شريكة وحليفة مهمة جدا لفرنسا". وخلال نهاية الاسبوع تظاهر الاف الاتراك في باريس للتنديد ب"استخدام مأساة تاريخية لاهداف سياسية". وقبل ثلاثة اشهر من الانتخابات الرئاسية في فرنسا، تتهم السلطات التركية الرئيس الفرنسي، الذي تتوقع استطلاعات الرأي ان يهزم فيها، بالسعي الى ضمان اصوات الجالية الارمنية في فرنسا (يقدر عددها ب600 الف بينهم اكثر من 400 الف ناخب). وكانت العلاقات بين البلدين شهدت فتورا في 2007 منذ وصول الرئيس نيكولا ساركوزي الى سدة الحكم، المعارض لانضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي. ومنذ بداية الازمة، حاول ساركوزي تهدئة الاجواء ودعا انقرة الى "تغليب العقل والحفاظ على الحوار" في وقت ابدى اعضاء في الحكومة الفرنسية تحفظات على هذا النص. ووصف وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه هذا النص بانه "غير مناسب". واعتبرته لجنة القوانين في مجلس الشيوخ "مخالفا للدستور". ويتوقع ان ينظم الاتراك والارمن الفرنسيون بعد الظهر تظاهرة امام مجلس الشيوخ.