يثير تكرار وقوع الانفجارات في مدينة صور الساحلية في جنوب لبنان قلق السكان الذين يتخوفون من محاولات لضرب الحركة السياحية في المدينة، لا سيما عشية احتفالات مقررة لمناسبة عيد رأس السنة في نهاية الاسبوع، لكنهم يؤكدون تمسكهم بالوجه المنفتح والتعددي لمدينتهم. وبدت الحركة خفيفة في المدينة صباح الاربعاء بعد الانفجار الذي استهدف قرابة الخامسة فجرا (3,00 ت غ) مطعما قبالة البحر تسبب باضرار مادية بالغة. ويرجح سكان المدينة ان يكون سبب الاعتداء الضغط لمنع تقديم الكحول في المطاعم. وقال صاحب المطعم زهير ارناؤوط لوكالة فرانس برس "يريدون ان يقتلوا صور سياحيا لكننا لن نرضخ لتهديداتهم"، من دون ان يوضح من هي الجهة التي تطلق التهديدات. الا انه تحدث عن "شائعات بان هناك من يريد ان يمنع اقامة حفلات ليلة رأس السنة في صور"، مضيفا ان مطعمه أعد لحفلة "لا تزال قائمة. هناك 32 عائلة تعتاش من هذا المطعم. سنستأنف العمل فور تنظيف اثار الانفجار". ويقع مطعم "تيروس" الذي استهدفته عبوة ناسفة بوزن كيلوغرامين على بعد امتار عدة من مطعم "دون ادواردو" الذي كان استهدف بانفجار قوي في 16 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي أوقع اضرارا مادية بالغة. واستهدف انفجار اخر في التاريخ نفسه محلا لبيع الكحول في الحي المسيحي من المدينة التي تقطنها غالبية شيعية. واعيد ترميم المتجر، كما اعيد ترميم غرفتين من مطعم "دون ادواردو" الذي استأنف استقبال الزبائن وتقديم الحفلات الموسيقية والكحول مع المأكولات الغربية. وقال حسين محسن شعبان، مدير واحد شركاء "دون ادواردو"، "ما شجعني ان الناس لا يخافون الانفجارات ولا يزالون يقصدون المكان". كذلك اكد صاحب مطعم ثالث رفض الافصاح عن هويته انه سيبقي على حفلة راس السنة المقررة في مطعمه، رغم تلقيه اتصالا هاتفيا من مجهول قبل فترة "ينصحني بعدم اقامة حفلات، لان ذلك افضل لنا وللمطعم". واضاف "مشروع المطعم كلفني نصف مليون دولار. ومنذ وقوع الانفجارين في تشرين الثاني/نوفمبر، لم نعمل. على اهالي صور ان يقفوا في وجه التعدي على الحريات". وفضل اصحاب مطاعم اخرى عدم تعريض مصالحهم للخطر. ولوحظ منذ اسابيع ان بعضهم علقوا لافتات على واجهات محالهم في صور كتب عليها "نعتذر عن عدم تقديم الكحول". وقال صاحب مطعم رفض الافصاح عن اسمه انه الغى الحفلة التي كان اعلن عنها لمناسبة عيد رأس السنة. واضاف "كنا قد وضعنا اعلانات في انحاء المدينة عن حفلة السبت 31 كانون الاول/ديسمبر مع مشروب مفتوح، فتم تمزيق اللافتات ليلا من دون ان نعرف هوية الفاعل". وتابع "اعتبرنا ذلك رسالة فالغينا الحفلة قبل عشرة ايام". وقرر هشام بيطار (44 عاما)، صاحب محطة وقود، وهو شيعي متزوج من مسيحية اعتاد في عيدي الميلاد ورأس السنة السهر مع افراد عائلته وعائلة زوجته في مطاعم صور، ان يلغي حجز السبت المقبل بعد وقوع الانفجار الاربعاء. وقال لفرانس برس "كنا قد حجزنا لعشرين شخصا، وألغينا الحجز"، مرجحا ان يسهر مع صحبه في بيروت (على بعد 85 كيلومترا). وعبرت هدى (33 عاما)، وهي صاحبة متجر ملابس، عن استيائها من تكرر الانفجارات، قائلة "اذا كان الاصوليون ينفذون هذه التفجيرات لكي يعيدوا صور الى عصر الجاهلية، فهذا مرفوض". واضافت "ليتركوا الناس تعيش. الله وحده يحاسب اذا كان الخمر او السهر حراما". واستهدفت عمليات تفجير قبل سنوات محلات لبيع الخمور في مدينة صيدا السنية القريبة ادت الى حظر بيع الكحول فيها. وقبل اشهر، اضطرت محلات لبيع الكحول في مدينة النبطية المجاورة الى الاقفال بضغط من سكان المنطقة ذات الغالبية الشيعية. وتعتبر صور من المدن القليلة في الجنوب التي تقدم الكحول في مطاعمها. وقد شهدت منذ انتهاء الحرب الاهلية (1975-1990) هدوءا جعلها مقصدا للسياح ومركزا لاقامة العديد من الاجانب. واعتبر شريف صفي الدين (59 عاما)، وهو صاحب محل موسيقى، ان "ما حصل اليوم رسالة امنية للقيمين على الوضع في الجنوب الذين يفترض بهم ان يكشفوا من هي الاطراف التي تحاول ان تضرب السياحة في هذه المدينة التي يقصدها المئات من الاجانب واهالي القرى المجاورة". واضاف "هذه الضربات الامنية بدأت تؤثر علينا اقتصاديا... فمنذ الصباح، لم يدخل احد متجري" الواقع في شارع رئيسي مواز للشارع الذي وقع فيه الانفجار. وفي محاولة للطمأنة، اكد نائب رئيس بلدية صور صلاح صبراوي انه سيتم "نشر الحرس البلدي واقامة حواجز" ليلة رأس السنة لحماية كل المطاعم التي تقدم حفلات. وطالب الدولة باقامة حواجز للقوى الامنية على مداخل المدينة، مشيرا الى انه تم منذ فترة "تركيب كاميرات في معظم شوارع صور" للمراقبة. وقال "صور مدينة مفتوحة للجميع، فيها المسيحي والمسلم وكل الطوائف... وصور تحب الحفلات والسهر، وهكذا ستبقى".