الشعب يريد إسقاط النظام...هذه الجملة تكررت كثيرا منذ أيام ثورة يناير العام قبل الماضي و ما زالت تتكرر حتى الآن فى ميدان التحرير و فى كل ميادين مصر،اذا تطرقنا الى التفكير فى ماهى هذه الجملة سنجد انها جملة خطيرة جدا، فالجملة تتطرق الى شقين، الأول إسقاط و الثانى نظام، فما معنى كلمة إسقاط ؟... وما هو النظام السياسي فى مصر؟ان كلمة إسقاط تعنى هدم و انهاء و بالتالى فمعنى ان الثوار يطالبون بإسقاط نظام اى هدم دولة بأكملها و هذا ما سنتعرف عليه من خلال تفسير معنى النظام.لقد قدمت مصر للإنسانية أقدم نظام سياسي في العالم· وعلي ضفاف نهر النيل قامت أول دولة مركزية موحدة في تاريخ البشرية، وكان لمصر السبق في تجسيد ذلك من خلال أطر مؤسسية كان لها الدور الهام في صياغة حياة الشعب وحماية قيم الحرية والديمقراطية فيها· يتكون النظام السياسي المصري من السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، والصحافة، والأحزاب السياسية، والإدارة المحلية ومؤسسات المجتمع المدني·و بالتالى فإن الدعوة لإسقاط نظام تعنى الدعوة الى إسقاط جميع مؤسسات الدولة وبالتالي فإن الأمر لا يتعلق بإسقاط رأس النظام فحسب بل إسقاط المنظومة بأكملها.،فلا عجب ان تجد من الثوار-او ان تقل بعض المتظاهرين-يذهبون لإحراق أقسام الشرطة مع العلم ان معظم من يقرأ ذلك الكلام يكون معارض أشد المعارضة لذلك.السبب فى ذلك الأمر هى فكرة السعي وراء الحرية!! بعض الحركات السياسية و الأحزاب و أظن ان ذلك الأعم تدعو حين تقوم الثورات بإستقالة الرئيس و الحكومة و حل مجلس الشعب ثم عمل إنتخابات من جديد و تكتمل الدورة من جديد و يعتقدون بأن ذلك كافيا جدا ،فى حين البعض الاخر يرى ان ذلك غير كافى و ان ما بنى على فاسد فهو باطل بل ان المطالب هى إسقاط و هدم مؤسسات الدولة بأكملها و إعادة بنائها من جديد.بشكل يحقق العدل و المساواة من جديد و يبطل النظام الهرمي فى الحكم ، كل من هذين الإتجاهين له حججه و دوافعه الأولية،المذهب الأول يرى انه ان سقطت الدولة فمن الصعب إصلاحها ، فى حين ان المذهب الثانى يرى ان مؤسسات الدولة قد أصابها العفن و الفساد، وهم يرون انه يخطئ من يظن أن الدولة العميقة ستعلن استسلامها بمجرد تغيير وزير ومجيء آخر.. الغريب فى الأمر ان كل منهم قد أجتمع فى ميدان التحرير ولم تحدث اى حالات شجار عن كيفية القيام بثورة؛ لذا وصلنا اليوم إلى كارثة حقيقية وهى أن معظم القيادات المرشحة اليوم للتصعيد فى الجهاز الإداري للدولة قد نموا وتربوا فى " حضانات " الحزب الوطنى وأمثال هؤلاء يمثلون العمق الحقيقي للدولة العميقة وأحد أهم أدوات الثورة المضادة.لذلك فإن المذهب الثانى يرى ان الحل الوحيد هو هدم ذلك النظام بأكمله و بناء نظام جديد يقوم على مبادئ الكفاءة و الخبرة فى مختلف المجالات.اذا تطرقنا للحديث حول ما العنف و التخريب،فإنه دائما ما يذكر حركة "الأنركية و قناع الفانديتا" فما هى الأناركية؟بإختصار كبير قناع فانديتا يعكس شخصية " جاي فوكس " الذي حاول في عام 1606 تفجير مبنى البرلمان الإنجليزي بالتعاون مع مجموعه من الثوار فإرتدوا أقنعه تخفي شخصياتهم .. تم آكتشاف فوكس وتعذيبه ثم إعدامه قبل الهجوم على البرلمان .. وقبل عدة سنوات ، أستلهم المخرج " جيمس مكتيجو " شخصية فوكس لإنتاج فيلم أمريكي شهير باسم" فآنديتا " كلمة لاتينيه تعني الإنتقام ، والمعنى يتفق تماما مع دعوات المتظاهرين الشيوعيين أو الاشتراكيين الثوريين .