طالعتنا الصحف بخبر تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم فيدرالية , ولمن لا يعلم النظام الفيدرالى فهو عبارة عن نظام يكون فيه لكل إقليم إستقلاله فى إختيار حاكمه وقوانينه والتى قد تختلف عن الأقاليم الأخرى ولكن كل تلك الأقاليم يكون لها رئيس دولة واحد ومثل هذا النظام فى الولاياتالمتحدة حيث أن لكل ولاية الحاكم الخاص بها والقوانين الخاصة بها ولكنها تتحد معاً فى وجود رئيس دولة يرسم السياسات الخارجية للدولة ككل , اى ان كل إقليم أو ولاية له مطلق الحرية فى وضع القوانين المنظمة لشئونها الداخلية. ومغزى ما حدث من خبر تقسيم اليمن يعطينا دلالة مرعبة عن ما كان الجميع يحذر منه من وجود مخطط إعادة تقسيم الوطن العربى على غرار إتفاقية( سايكس – بيكو). http://www.yabeyrouth.com/pages/index2412.htm
وقد يقول قائل وما الرعب فى ذلك ؟ الرعب يأتى من ان اليمن الان قد أصبح فعلياً مقسماً حتى وإن كان ذلك فى إطار الفيدرالية والتى نؤكد انها فيدرالية هشة , وأن كل إقليم قد اصبح دولة مستقلة , وإن قاموا بتغليفها بغلاف الفيدرالية, ولن نتعجب عندما يعلن إقليم أو أكثر إستقلاله فى المستقبل .
ولو لاحظنا جميعاً ما يحدث وبدأنا فى ربط الأحداث بمنطقية مع حذف بعض الأحداث الهامشية والتى وضعت عمداً للتغطية على خطوات تنفيذ ذلك السيناريو لوصلنا لنتيجة مرعبة , ولنعد بالأحداث قليلا مع الإختصار.
دول العالم العربى تتحكم فى إقتصاديات وتجارة العالم كله من حيث وجود النفط فيها بغزارة ومن حيث إمتلاكها لجميع الشواطىء المطلة على البحر الأحمر تقريباً ونصف شواطىء البحر المتوسط بالإضافة لقناة السويس , وهذا معناه التحكم فى الطريق البحرى الأفضل لسير التجارة العالمية , كما أن بعض دول العالم العربى كانت تمتلك جيوشاً قوية قادرة على الدفاع عن مصالحها ومصالح أشقائها فى حالة الخطر ( والذى نؤكد أنه قادم لا محالة) , لذلك كان لزاماً اولا تقسيم تلك القوة الهائلة لدول متناحرة وهذا ماحدث فى القرن العشرين من تقسيم العالم العربى لدول متنافرة ومتناحرة , ثم تم زرع جسم غريب فى المنطقة ليكون شوكة فى ظهر الجميع وليكون ايضاً هو مخلب القط لتنفيذ المخطط والذى يؤمن الغرب بقدسيته وحتمية حدوثه ونقصد بذلك إسرائيل , لذلك وجدنا دولة صغيرة حجماً هى إسرائيل وحولها مجموعة من الدول الأقوى منها نظرياً بمراحل لكن تناحرها وتنافرها المتعمد أسبابه كان سبباً فى ضعف تلك الدول جمعاء أمام ذلك القزم الذى تعملق بوقوفه على أكتاف العمالقة .
ولكن حتى فى ذلك الوضع برزت قوى عربية كان الغرب يراها خطراً على مخططه فهى دول قوية مستعصية إما بشعوبها اوجيوشها أو بهما معاً فكان حتماً الوصول لطريقة لتفكيكها , وبعد تفكير يبدوا أنهم قرروا إتباع طريقة التفريغ من حوله أو قصقصة الريش , أى الوصول لتفكيك العملاق عن طريق قصقصة جناحيه , فكان العراق أولا وكلنا نذكر كيف بدأت الحرب العراقية الإيرانية فجأة وإنتهت فجأة , ليتم إنهاك الجيش العراقى ثم إدخاله الفخ الكويتى والذى عن طريقه تم إصطياد اول عملاق عربى . وفى نفس الوقت وبخط متوازى يظهر للجميع انه غير مترابط كان العمل يتم بتفريغ المنطقة حول عملاق آخر وهو مصر من ناحية الجنوب حيث تم فصل ثم تقسيم السودان وتوتير العلاقة بين مصر وأثيوبيا ( بالله عليكم ما سبب تعمد إذاعة جلسة سد النهضة على الهواء فى عهد المعزول ثم تعمد إفشال المفاوضات بين مصر وأثيوبيا حول سد النهضة حالياً) كما تم إقتطاع أريتريا من أثيوبيا لتصبح اُثيوبيا بلداً بلا شواطىء. ومن ناحية الغرب تم تفريغ تونس الدولة الصغيرة حجماً ثم فُرّغت ليبيا , وأصبحت الآن على مشارف التقسيم , وفى نفس الوقت كان المخطط فى سوريا يسير بنجاح فى تأجيج النعرة الطائفية بين الشعب والجيش وبذلك يكون تم ضرب العراق والذى سقط فى المستنقع الطائفى وتكون سوريا على اعتاب السقوط , ولم يعد باقياً سوى مصر , تلك الدولة الوحيدة والتى تطل على البحرين الأحمر والأبيض وتمر بها قناة السويس والتى تتمتع بخصوصية فشعبها غير مهيأ للنعرات الطائفية كما أن جيش مصر ليس جيشاً عقائدياً , وها هو مخطط التفريغ حولها قد تم , فبدأ المخطط الآخر لتقسيمها كما حدث مع العمالقة الآخرين ,ولكن ما حدث فى 30 يونيو 2013 كان كقنبلة إنفجرت فى وجه واضعى ذلك المخطط فارتبكوا وهاجوا وماجوا , لكن يبدوا انهم لن ينسوا ثأرهم , وها هم الآن يعلنون عن نجاحهم فى تفكيك دولة صغيرة حجماً هى اليمن لكن قيمتها كبيرة من الناحية الإستراتيجية فى كونها بوابة للتحكم فى مضيق باب المندب , أى التحكم فى بوابة البحر الأحمر , وبذلك يستطيعون المناورة مع الجيش المصرى والذى تحكم فى ذلك المضيق فى حرب 73 , اى أنهم لا زالوا يحاولون الوصول لتفكيك مصر وتقسيمها عن طريق عملية التفريغ , كما انهم يعطون رسالة واضحة لدول مثل السعودية والإمارات واللتان وقفتا بجانب مصر أنهم ليسوا ببعيدين عن مخطط التقسيم .
إن مخطط الشر لازال قائماً ولن يهنأ واضعوه الا عندما يتم تقسيم العالم العربى الى دويلات صغيرة وتكون ايضاً متناحرة متنافرة مع إعطاء اسباب القوة لإسرائيل حتى يكونوا قد أتموا المخطط المقدس والذى يؤمنون به طبقاً لعقيدتهم , فهل لنا ان نفيق ام سنظل دائماً مفعولُ بنا .