ماذا لو أنك رسام هاوٍ وطُلب منك منافسة أعظم رسامي العصر الحديث ؟!..أو كنت تهوى الكمبيوتر والبرمجه وطُلب منك مقابلة ( بيل جيتس ) !!! أو كنت جراح مغمور ووجدت دكتور مجدي يعقوب بجوارك يدً بيد ... لو عددنا ماذا لو فهى كثيرة على مستوى الهواية أو الاحتراف وفي جميع مجالات الحياة الجادة منها والهزلية .. وما نعيشه الأن من أحداث ساسية واجتماعية يجعلنا غير متحمسين لخوض تجارب ترفيهية خوفاً من أن نتهم بالسطحية واللامبالاه وسط ما نعيشه من أهوال ولكنها الحياة التي ستسير بنا ان شئنا وبغيرنا ان أبينا....... وعندما تكون علي موعد مع الظروف لتنافس أعظم محترف لهوايتك التي تعشقها هذا هو الحدث الجلل مع دقات التليفون .. ألوو .. صديق قديم علي الطرف الأخر للهاتف.. وبعد الترحيب وتبادل عبارات العتاب لندرة الاتصالات بسبب مشاغل الحياة كانت الماجأة .. انت مدعو لمبارة مع ( كاسبروف ) .. تبادرلذهني أنها مزحة من صديقي الذي يعلم مدى عشقي لهذه اللعبة وتبادلنا عبارات المزاح الى أن أكد لي يوم وموعد ومكان المقابلة ..... ومع هذه السطور بدأ فصل أخر في هذه القصة القصيرة التي عزمت علي سردها عليكم لا لشيئ سوى أن التجربة التي مررت بها مع كاسبروف تركت بنفسي بالغ الأثر.. فأي انسان مهتم بالشطرنج تتاح له هذه الفرصة من المفروض أن يكون في قمة السعادة فهناك محترفين عظام في هذه اللعبه يقضي سنوات في محاولة ليباري هذا العملاق ولم تساعده ((الظروف )) علي ذلك.. ولكنه جاء الى حيث أكون ودون أي محاولة مني لذلك ولكن عندما عرفت تفاصيل المبارة كانت نقطة التحول في هذه القصة.... فالمبارة ليست مبارة فرديه بل يُرشح للرجل أفضل ثماني عشرة لاعباً ويبدأ الرجل في منافسة جميع اللاعبين بنفس الوقت وهذا النوع من المباريات معروف عالميا ويُقام بصفة مستمرة علي مستوى العالم ... ولا أخفي سرا لم أكن سعيداً أبداً بهذه الفكرة....... توقعت قبل بداية المبارة أني لن أحقق شيئ والجيم سينتهي مع سابع أو ثامن نقلة على الأكثر فهذا كاسبروف (( حاوي الشطرنج ))وكانت المفاجأه السارة الوحيدة بالنسبة لي في هذه القصة أني ابليت بلاءً حسناً ولعبت أروع جيم وبمستوى لم ألعبه من قبل .. فالمبارة بدأت في الرابعة عصرا وانتهت في السابعة والنصف تخللها وقت الصلاة فقط .. وبعد هذا الوقت الطويل كانت النتيجة الحتمية هزيمة ال 18 لاعب وهنا يأتي الهدف من سرد هذه القصة ... لماذا هُزمت وهُزمنا جمنا رغم أن من بين الحضور لاعبين مشهود لهم بالكفاءة العالية ؟!! هُزمنا جميعالأننا دخلنا هذا الجيم المفتوح ونحن مهزومون مسبقا ودخلنا الجيم بغرض كتابة سطر في ال ( c v ) وللتاريخ الشخصي أنك لعبت مع أعظم لاعب شطرنج بالعالم وأخذ الصور التذكارية ...!!! هُزمنا جميعاً لأنه لم يكن لأي منا دافعية الفوز بل جميعنا هزم نفسه قبل أن يهزمه كاسبروف فالفوز بالمبارة لم يكن هدف قدر ما كان الهدف الأكبر الفوز بصورة أو توقيع للرجل.. هُزمناجميعنا لان هذا موقعنا الفعلي من الأعراب .. (مفعول به ) ولم نحاول يوماً أن نكون غير ذلك .. نعم يا سادة هذه الحقيقة.... بعد المبارة جائني أحد زملاء الهزيمة والبسمة تعلو وجهه والفرحة تملأ قلبه وقد لاحظ علي وجهي قسمات عدم الرضا فسألني عن سبب ذلك؟ أجبته بسؤال لماذا لم يكن هذا الرجل عربي وال18 لاعب أوربيين لماذا لم تكن الصورة عكسية ؟؟!! لماذا يفوزن هم ونحن نتبارى للفوز بتوقيع أو صورة تذكارية ؟! لماذا لم نتفوق الا على بعضنا البعض علي مستوى الرياضة أو الثقافة أو العلوم أو الفنون أو حتى السياسة والتنافس بيننا يكون بمدأ ( قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار ) وعندما تتاح لنا الفرصة للظهور في المحافل العالمية يكون هدفنا التمثيل المشرف أو الخروج بأقل الخسائر ونتجنب الا نسحق تحت أقدامهم قدر الامكان.... قسمات عدم الرضا لم تكن ضد الرجل قدر ما كانت حزناً وحسرة علي حالنا سياسيا واقتصاديا وعلميا وفي أي مجال تبحث فيه ستجد الصفرهو موقعنا بجدارة... لذلك يا عزيزي كاسبروف أنت أعظم لاعب شطرنج عرفه تاريخ اللعبة ولكن أعتذر لك شديد الاعتذار .. لأني لا أشكر الظروف التي جمعتني بك .