الصدفة وحدها من الممكن أن تؤكد أن اللامعقول أصبح معقولاً، فمن يستطيع الآن وبعد مباراة منتخب مصر الوطنى أمام منتخب غينيا فى ثانى مبارياتنا فى التصفيات الإفريقية المؤهلة إلى نهائيات بطولة كأس العالم المقبلة 2014 فى البرازيل، أن يقول لمحمد أبو تريكة: «اعتزل كرة القدم»، ورغم اختلافى الشديد فى طريقة تعامل تريكة كنجم كبير له ثقله ليس على مستوى كرة القدم المصرية فقط وإنما على مستوى الوطن العربى كله، إلا أن تلك المباراة على وجه الخصوص أثبتت أن مسألة تفكير أبو تريكة فى الاعتزال أصبحت غير واردة على الإطلاق من جانب الجهاز الفنى للأهلى بقيادة حسام البدرى، وحتى إذا أراد الإحلال والتجديد مع بعض العناصر ذات السن الكبيرة وتقديم لاعبين صغار السن من داخل قطاع الناشئين أو صفقات جديد تستمر لسنوات طويلة مع الأهلى. ففى ظل عدم وجود دورى ممتاز فى مصر، وراحة من التدريبات الرسمية فى ناديه منذ فبراير الماضى، والاكتفاء فقط بالتدريب من أجل البطولة الإفريقية قبل حوالى ثلاثة أسابيع كاملة، نجح فى قيادة زملائه فى الملعب وخارج حدود الملاعب المصرية وقادهم إلى الفوز الذى يعطى الأمل فى منتخب جديد مع الأمريكى بوب برادلى، المدير الفنى، بأغلى ثلاث نقاط فى مشوار التصفيات للوصول إلى كأس العالم، وأصبحت أرى فى تريكة رغم تلك النجومية الطاغية شيئا من عواجيز المنتخب الإيطالى عندما نجحوا فى الفوز ببطولة كأس العالم فى 2006، وكان أشد المتفائلين لا يرشحهم للوصول إلى المباراة النهائية من الأساس، لأنه فريق لا يضم لاعبين صغارا أو شبابا وانما يعتمد على عناصر الخبرة من اللاعبين كبار السن بقائدهم المدافع الصلد كانفاروا. إذا كان البعض يطالب باعتزال الكبار على اعتبار أنهم ليسوا المستقبل للكرة المصرية، فالتحدى من جانب لاعبين يعرفون معنى كلمة الاحتراف بعيدا عن استخدام لغة الماديات وخلافه، الموجودة فى كرة القدم المصرية بشكل عام، فالسن لن تكون عاملاً مؤثراً فى أن يساعدنا كل من بركات وأبو تريكة ووائل جمعة فى الوصول الى كأس العالم، الأهم عطاؤهم فى الملعب، وليس الحديث عن وقت اعتزالهم، والأهم أيضاً من هذا أن إدارة الأهلى التى أراها الأكثر احترافية فى العمل الإدارى على مستوى الأندية المصرية بشكل عام لن تطالبهم بالاعتزال إلا حينما ترى أنهم غير مؤثرين مع الأهلى، لذلك كيف نطالب أبو تريكة بالاعتزال مثلما حدث أيام البرتغالى مانويل جوزيه قبل حوالى موسم كامل؟!، وهو قائد فى الملعب أمتع جموع عشاق الكرة المصرية بالأهداف حتى ولو كانت بالخبرة فقط، وليس بالعرق فى الملعب.