"قام المشير طنطاوي ( 76 سنة ) باستقبال كمال الجنزوري ( 77 سنة ) لعمل حكومة إنقاذ لثورة الشباب"، بهذه النكتة اللاذعة استقبل معتصمو ميدان التحرير خبر تعيين الجنزوري رئيساُ ل"حكومة الإنقاذ" في مصر، في إشارة تهكمية إلى أن "مشاكل الشباب لن تحل من قبل كهول". من المعروف عن الشعب المصري حبه للضحك والفكاهة، وقد يكون هذا هو السبب الوحيد الذي ساعده على تحمل عقود طويلة من الظلم أثكلت كاهله، حتى انتفض وتحرر. وعلى الرغم من الأوضاع الحياتية الصعبة، والمرحلة السياسية الشائكة التي تمر بها مصر، فإن روح الفكاهة لم تفارق هذا الشعب ذو "المزاج العالي". فعندما اعتصم المصريون بميدان التحرير طيلة 18 يوما، نتج عنها تنحي الرئيس حسني مبارك في 11 شباط (فبراير) الماضي، أمطروه بسيل من الرسوم الساخرة والنكات اللاذعة واللافتات التهكمية.. واليوم وهم يجنون ثمار ثورتهم في أول انتخابات برلمانية حرة، لا يزالون ينتقدون الأوضاع بنظرة ساخرة. وفي الوقت الذي لعب فيه موقع "فيسبوك" دورا حيويا في نشر الثورة والحفاظ عليها، كان أيضاً منبراً للشباب لنشر تعليقاتهم الساخرة عن الانتخابات. فكتب شاب مصري على صفحته: "الانتخابات دي غير شرعية لان المرحوم جدي لأول مرة من سنين طويلة مبقاش عنده الحق في التصويت .. فين أيامك يا مبارك كنت بتراعي حتى الأموات"، وذلك في تلميح على ما كان يقوم به الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم سابقا بزعامة مبارك بعدم شطب أسماء المتوفين من كشوف الناخبين وإضافة أصواتهم إلى مرشحي الحزب لتزوير الانتخابات. وكتبت فتاة تعليقا قالت فيه: "أول مرة أبويا الله يرحمه ما يطلعش من تربته (قبره) وينتخب .. أنا خايفة يكون جراله حاجة." وكان المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي تولى إدارة شؤون البلاد بعد مبارك قد ألغى نظام التصويت بالبطاقة الانتخابية، وجعل التصويت في الانتخابات بالرقم القومي فقط. وفتح هذا النظام الجديد الباب أمام الملايين للمشاركة بسهولة في عملية الاقتراع، وهو ما عكسته الصفوف الطويلة من الرجال والنساء التي اكتظت بها الطرق المؤدية لمراكز الاقتراع. وفي شكوى ساخرة من طول طوابير المقترعين وطول الوقت الذي استغرقه البعض للإدلاء بصوته، كتب بعض الشباب "طوابير طويلة جدا من الناخبين .. فين أيام المخلوع لما صوتي كان بيوصل وأنا قاعد في البيت." وفي تعليق آخر على شكوى من تأخر فتح بعض مراكز الاقتراع بسبب عدم وصول المواد الأساسية للعملية الانتخابية مثل أوراق التصويت والأقلام والحبر الفسفوري وتأخر بعض الموظفين عن الحضور لمراكز الاقتراع كتب شباب مصريون "الشعب التزم والمسؤولين هما اللي ملتزموش." وكانت اشتباكات دامية قد اندلعت الأسبوع الماضي، حين حاولت قوات الأمن فض اعتصام بميدان التحرير ما أسفر عن اشتباكات خلفت 42 قتيلا ومئات المصابين مما دفع بعض التيارات السياسية إلى الدعوة لمقاطعة الانتخابات. ولكن حتى هؤلاء الذين دعوا إلى مقاطعة الانتخابات، لم يستطيعوا منع أنفسهم من المشاركة في الحدث ولو حتى بتعليق ساخر ينتقد بعض مظاهر التجربة الجديدة، والتي كان من بينها تزايد عدد المرشحين بشكل كبير دفعهم إلى اتخاذ رموز انتخابية لم تستخدم مثل "سخان المياه" و"القميص الرجالي" و"إشارة المرور" و"الموبايل". فيما تبادلت التيارات الدينية والليبرالية الاتهامات باستمالة الناخبين بالرشاوى العينية مثل تقديم مواد تموينية وبطاقات رصيد للهاتف المحمول، إلى جانب مبالغ نقدية، سخر الشباب المصري من الطرفين قائلا "الناخب الشاطر هو اللي ياخد السكر والزيت من الإسلاميين وكروت الشحن من الليبراليين والفلوس من فلول الحزب الوطني والوعد بدخول الجنة من المتشددين، ثم يعطي صوته لشباب الثورة."