إن أرقي وسيلة لتقييم الأحزاب السياسية، بالإضافة إلي سمعه قادتها ومرشحيها ورأسمالهم السياسي والأخلاقي والإجتماعي والفعالية الإجتماعية للحزب وشعبيته، أرقي وسيلة هي تقييم برامج الاحزاب والمرشحين. ليس فقط من منظور حقوقي وسياسي؛ فالأحزاب كلها تكرر في برامجها إعلانات ومواثق حقوق الانسان المدنية والسياسية بشكل رائع، لكن الأهم أن يحتوي البرنامج علي جوهر شامل للتنمية السوسيو-إقتصادية تحقق إستجابة أفضل لإحتياجات المواطن الحقيقية ومشكلاته اليومية المزمنة. ومن خلال نظرة سريعة علي بعض برامج الأحزاب القائمة في الساحة السياسية المصرية لاحظت الآتي: 1- بعضها عام وغامض 2- بعضها يصف واقع ما قبل الثورة بشكل صحفي 3- بعضها غاشش من برنامج الحزب الوطني 4- بعضها يكتب عناوين طموحة بلا تفاصيل واضحة 5- إهمال تام لتحديد أهداف كمية للبرامج الإقتصادية والإجتماعية 6- بعضها يعتبر برنامجه مجرد برنامج للمرحلة الانتقالية. 7- بعضها طموح وممتاز ونتاج سنوات من التعديل والتطوير لكن لم يغطي توقعات ما بعد الثورة 8- اغلبها ليست برامج ثورية.. ومعظمها لم يتبع منهج علمي في كيفية صياغة خطة التغيير المجتمعي الشامل والنهضة الحقيقية والتركيز علي المشكلات الحقيقية للمواطنين 9- اغلبيتها لا تفرق بين المشكلات الأم والمشكلات الأعراض لمشكلات اخري 10- بعضها لم يطرح برنامج وأكتفي بمبادئ عامة 11-تشابه العديد من البرامج بل ووجود أكثر من حزب يتبني نفس الموقع من تيار معين 12- بعضها مصاغ علي لسان رئيس الحزب 13- كلها لم تحدد تصور كيفية ادارة مصر في اول 100 يوم 14- معظمها لم يفرق بين برنامج المرحلة الانتقالية بعد الانتخابات والبرنامج الثابت للحزب نظرا لاختلاف السياقين 15- المحتوي الديني الكثيف ببعض البرامج، وهو أمر يليق أكثر بجماعة أو منظمة دينية، وليس حزب سياسي إذن مصر خرجت من يد الفاسدين المحترفين لتقع في أيدي الهواه الشرفاء. والإثنين لا يليقون بمكانة مصر. وللخروج من هذه الأزمة: 1-اعتبر ان هناك ضرورة لإتباع أسلوب علمي في صياغة البرامج وزيادة التركيز علي صياغتها من خلال باحثين ومتخصصين بالاضافة الي مشاركة المواطنين العاديين من خلال جلسات نقاشية وتوفر اقتراحات قد تغيب عن المتخصيين. 2- يشتمل المنهج العلمي علي التغلب علي أزمات التنمية والإستجابة لمشكلات المواطنين الحقيقية وتبني مضامين التنمية المستدامة إعتمادا علي تخطيط إستراتيجي متكامل وشامل وبعيد المدي. 3- ضرورة توضيح أهداف كمية للبرامج الإقتصادية والإجتماعية. 4- الإستعانة بمراكز الأبحاث ومنظمات المجتمع المدني العاملة في مجال التدريب والدعم الفني للأحزاب والمرشحين والإستعانة بالأدلة الخاصة بتطوير البرامج الإقتصادية. 5- إمكانية تخصيص قسما بالبرنامج يحتوي علي برنامج المرحلة الإنتقالية، في إطار البرنامج الأوسع للحزب. 6- البحث في التجارب الدولية الناجحة للأحزاب السياسية التي حققت طفرة تنموية في مجتمعاتها ، والإفادة من ذلك بما يتلائم مع السياق المصري. 7- ضرورة إتاحة البرامج بشكل واضح علي مواقع الأحزاب والعمل علي تطويرها بشكل مستمر مع الافصاح عن ذلك. 8- الإبتعاد عن شخصنة البرنامج وإعتماد منهج أكثر مؤسساتية في صياغة البرامج. 9- ضرورة حذف كافة المقدمات الطويلة التي تتحدث عن ماحدث خلال نظام مبارك وواقع مصر خلال عهده، ويمكن الاشارة السريعة لهذا السياق وسياق الثورة ومابعدها، وضرورة ألا تكون أوضاع النظام المباركي هي معايير الحكم. 10- زيادة الطموح والحلم والخيال السياسي والإبداع في البرامج ليس من خلال العبارات الرنانة ولكن من خلال التخطيط العلمي الإستراتيجي. ومن منطق عملي كباحث سياسي سأقوم بتقديم توصياتي كاملة في شكل بحث وتوزيعه بلا مقابل علي الأحزاب السياسية القائمة وخاصة التي اعلنت عن برامجها بشكل واضح. وبحثي يتسع لأي باحث مهتم بتقييم برامج الأحزاب مستعد للمشاركة معي.