هل عاد ذو القبضة الحديدية الرجل الذي سمى الشارع باسمه يقود إلى وزارة الداخلية ويشهد اليوم أعمال عنف دامية فيشتهر بين الناس ويتردد اسم "محمد محمود" بعد أن أهمله التاريخ؟ ابن باشوات، صعيدى من ساحل سليم مركز أبوتيج أسيوط يقولون ان أباه محمود باشا سليمان من كبار ملاك الأراضى الزراعية وقد ورث عنه وحده ألف وستمائة فدان ثم اقيمت على أرض العائلة المصادرة مبانى جامعة أسيوط. أول مصرى تخرج فى جامعة اكسفورد البريطانية.. عمل فى وزارة الداخلية ثم اصبح وزيرا لها.. وعندما تولى رئاسة الوزارة احتفظ لنفسه بالداخلية ليمارس سياسة "اليد الحديدية" التى اشتهر بها بين الساسة والعامة. كان أصغر المنفيين لجزيرة مالطة مع سعد زغلول بينهما عشرون عاما.. تميز عن غيره بأنه أكثر ثراء واعرق نسبا ويجيد اللغة الاتجليزية المطلوبة فى التفاوض مع السجان وفى معرفة الأخبار بقراءة الصحيفة المالطية الوحيدة التى تصدر باللغة الانجليزية.. لم تكن هناك وسائل أخرى للمعرفة والاتصال. يقول عنه سعد زغلول فى مذكراته انه اصر فى المنفى على ان ينام فى غرفة وحده وان يكون له طعام مخصوص ثم انشق وانقلب واصبح رئيسا للوزراء أربع مرات كان أبرز ما قام به سياسيا هو تعطيل الدستور نهائيا، الأمر لم يجرؤ عليه من سار على دربه وأولهم واشهرهم اسماعيل باشا صدقى.. وطبعا زور الانتخابات وتعقب المعارضين من حزب الأغلبية "الوفد" ففصلهم من أعمالهم أو إلى أماكن نائية ولا بأس من بعض الإصلاحات واقامة التماثيل. اشتهر باعتزازه بنفسه وقوله أنا ابن من عرض عليه حكم مصر فأبى.. عرضه الانجليز بعد موت السلطات حسين كامل قبل تعيين الملك فؤاد. يختلف محمد باشا محمود عن شقيقه حفنى وهو باشا أيضا شغل منصبا وزاريا لفترة قليلة ولكنه اشتهر فى الأوساط السياسية والثقافية بحضوره الدائم ومقالبه وقد شغل منصب رئيس تحرير جريدة "السياسة" وصاحب قضية نزاهة الحكم. يغفر لتاريخ محمد باشا محمود - وقد لا يغفر - مواقف ابنه محمود عندما تولى رئاسة ديوان المحاسبة فأثار قضية الفساد فى تسليح مصر ايام الملك والعمولات والشبهات وأغضب جلالته اكثر عندما حقق فى حصول الصحفى كريم ثابت وكان مقربا من القصر على خمسة آلاف جنيه من مستشفى المواساة بالاسكندرية لعمل دعاية له. لم يقم بها واثار بتحقيقه فى إصلاح اليخت الملكى المحروس ضجة نوقشت بشجاعة فى البرلمان وهو اليخت الذى بناه الخديو اسماعيل قبل مائة وخمسين عاما وكان أول من عبر قناة السويس عند افتتاحها وعلى ظهره كبار الضيوف من ملوك وامراء أوروبا مما جعل البعض يسمونها ذاكرة مصر السياسية العائمة خصوصا وان المحروسة هى التى اخذت فاروق واسرته منفيا إلى ايطاليا بعد ثورة يوليو. وقد تمكنت مكتبة الاسكندرية من الحصول على أوراق محمود محمد محمود بخط يده وتضم اربعمائة وثيقة تروى القصة الكاملة منذ تولى ديوان المحاسبة برجاء من رئيس الوزراء وحتى استقالته رغم ضغوط الحكومة والقصر وتلك أحد جهود الدكتور خالد عزب. هل هناك شارع باسم الابن.. اعتقد ذلك ولكنه بعيد كل البعد عن وزارة "أبيه" الداخلية!