قلما يستمتع الإنسان بموقف المحايد ، من انتخابات مصيرية مثل انتخابات الرئاسة فى مصر ، ولو خيرت لاخترت رجلا خليطا بين ثلاثة أو أربعة رجال ، ليستحق النجاح بلا منازع ، لكن لعبة الانتخابات تقتدي أن تنتخب رجلا واحدا من المتاحين أمامك ، والمتاحون كثيرون لكن القليل منهم يشفي الغليل في بلد يترقب مصيره العالم بأسره . ولأني لا أولع فى الغالب بلعبة التوقعات، والتكهنات ، التي باتت ابعد ما تكون عن العلم ، والمنهج ، والحياد ، بل إن أكثرها - فيما أشاهد - استطلاعات مباعة قبل أن تجرى ، فرأيت إن الأفضل أن أقدم على تصنيف المرشحين ، وهو عمل لا يخلوا من توقع تغلفه مشاهدات الواقع ، والتاريخ ، وتوزيع القوى على الأرض ، وفى الشارع ، فالمرشحون ثلاثة عشر مرشحا ويمكن تصنيفهم إلى أربعة أنواع :
النوع الأول:الثلاثة الكبار:
وهم من يتمتعون بأرضية ، وحيثية ،، ومصداقية ودعم من قوى شعبية ذات تاثير فى الشارع المصري وهم ثلاثة :
عبد المنعم أبو الفتوح ، وعمرو موسي ، ومحمد مرسي حيث غالبا ستكون الإعادة بين اثنين منهما إلا إذا حدثت مفاجأة
فالأول يحظى بدعم السلفيين ، وقطاع من الليبراليين، وقطاع من شباب الإخوان ، وطوائف مختلفة ، وهذا الخليط لا يستهان به ، إلى جانب الهوى الإسلامي هو الذي حسم كل الانتخابات التى جرت بعد الثورة.
والثاني عمرو موسى ، وزير سابق له خبرة فى الادارة ، وهو أفضل رجال عصر مبارك ، وتمتع بشىء من الاستقلال فى عهده جعل له شعبية وذكر ، ويتوقع ان يناصره العسكريون أو أسرهم وقطاع من موظفي الدولة وأنصار الاستقرار ، وعدم التجريب فى الرئاسة بشخص جديد.
والثالث محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة ، ويعتمد على شعبية الإخوان ، وتنظيمهم ، وبرنامجهم، وخطتهم للنهضة ، ويميل إليه قطاع من السلفيين وان كانت الأغلبية منهم تميل إلى أبو الفتوح الا أن الإخوان رسميا مع مرسي وريث مشروع النهضة ويعتمدون على خبرتهم وقدرتهم على الحشد ليلة الانتخابات وخبرتهم وتنظيمهم الكبير مقارنة بباقي التيارات
إما النوع الثاني: فرس الرهان وهم من لهم شعبية متوسطة ، وتناصرهم قوى ليست ذات حضور غالب فى الشارع المصري ن لكن احدهم قد تصعده التفاعلات وعمليات الصعود والهبوط إزاء الصف الأول ، وتدخلات وتحولات وأخطاء القوى المختلفة الفاعلة فى الشارع السياسي ،حيث لم يعد احد الاحتمالات مستبعدا وهم:
احمد شفيق : وتناصره قوى النظام السابق ، والمستفيدون السابقون منه ، وشفيق هنا ضمانة لاستمرار موازين القوة فى الشارع السياسي لصالح بقايا عصر مبارك ، ويناصره قطاع من الخائفين من الإخوان بخاصة ، والإسلاميين بعامة ، وهو عدو لدود لكل أنصار الثورة والثوار.
و حمدين صباحي:، وهو مناضل ناصري قديم ، وناشط وبرلماني معارض ، ونظيف اليد ، إلا أن بضاعة العصر الناصري بدت جذابة الى درجة اقل من مقام الرئاسة ، ولذلك فالأرجح أن يدخل فى صفقة مع احد المرشحين من الصف الأول، ليصبح نائبا للرئيس أو ما هو اقرب إلى ذلك
ومحمد سليم العوا : وهو مفكر إسلامي رفيع المستوى ، وفقيه وعالم ذو باع ، وتأتي أهميته من جمهور محبيه والذين تقلصوا جدا بعد نزول الإخوان بمرشحهم الأول ثم الثاني أو الاحتياطي، لكن فرص العوا مرهونة بقدرته على حل التقاطعات الإعلامية في المواقف مع المسيحيين من جانب ومع السلفيين من جانب آخر
أما النوع الثالث: المكاسب الإعلامية والمجد الشخصي
وهو وصف لتوقعاتنا لمكاسبهم وليس لغاياتهم ، فالنوايا لا يعلمها الا الله ، لكن رصيدهم فى الشارع ، وأعداد مناصريهم ، وطبيعة حضورهم الإعلامي ، وأداء حملاتهم الانتخابية ، كلها لا تؤشر فى غير هذا الاتجاه ، وهم خالد على، وابو العز الحريري ، وهشام بسطاويسي يبقى أن نذكر أن هذا المكاسب الإعلامية كمرشحين سابقين –وصفهم بعد الانتخابات- هي حقهم وتحصيل لحضورهم لكن هذا الحضور لا يتوقع أن يصنع أكثر من ذلك
النوع الرابع:الذين لا يتكلمون أو لا نسمعهم وهم الباقون الذين أصبحنا نتذكر وظائف بعضهم السابقة أكثر من تذكرنا لأسمائهم شخصيا وهؤلاء لم تنجح مشاريعهم للرئاسة وحملاتهم الانتخابية فى أن تحولهم إلى شخصيات عامة ذات ثقل وهنا لا تكاد تجد فائدة من نزولهم للانتخابات إلا تكثير العدد