أكد الفنان التشكيلي البارز عادل السيوي أن ثورة 25 يناير أثرت على العالم الغربي أكثر مما تأثر بها المصريون والعرب، مشيرا إلى اندلاع الثورة خلخلت مفاهيم الغرب بالنسبة لشعوب لم تمر بها مركب الحداثة ومع ذلك قامت بفعل معاصر بامتياز من خلال شباب استخدموا تقنيات ولغة العصر الحديث. وأضاف السيوي - خلال ندوة عقدت بالهيئة المصرية العامة للكتاب تحت عنوان "شروط المعاصرة" وأدارتها الناقدة عبلة الرويني - أن السؤال الذي طرحته الثورة هو هل يمكن للواقع المصري المتخلف أن يفرز تجارب معاصرة؟، ولفت إلى أن شباب الثورة مازالوا يبحثون عن قوالب سياسية معاصرة وليست جامدة مثل الأحزاب . لكنه رأى أن المعاصرة في الفعل السياسي لم يحاكيها معاصرة ثقافية وإبداعية، معتبرا أن الفعل السياسي المتمثل في الثورة يعد نقلة نوعية لم يوازيها حراك ثقافي بقدر ما هو فجر أسئلة مهمة عن اليقينيات الجامدة في أفكار المبدعين . وتحدث عن فن الجرافيتي الذي صاحب الثورة، قائلا إنه فن قديم جدا وهو يجسد الواقع المادي كجزء من العمل الفني نفسه مثل الرسوم على الكهوف، ورأى أن ما ميز الجرافيتي المصري هو أنه استطاع أن يبتكر أشكالا جديدة ويستعيد الذاكرة الإبداعية المصرية وكأنه يقوم على إحياء ذاكرة الجماعة الشعبية . وأشار إلى أن الجرافتيين المصريين عبروا بلغة مختصرة عن الواقع ولم يتعالوا أبدا على وعي المواطنين، وضرب مثلا بالحديث عن الشرف واتهام بعض التيارات بالعمالة، وقال إن الجرافتيين استدعوا شخصية الممثل توفيق الدقن ومقولته الفنية : "أحسن من الشرف مافيش"، لطرح أسئلة حول ماهية هذا الشرف باستخدام إبداعي جمالي . وقال الفنان التشكيلي البارز عادل السيوي إن طلاب الفن التشكيلي المصريين يتلقون معرفة محدودة ولذلك عكف على ترجمة كتاب "نظرية التصوير لليوناردو دافنشي" منذ الثمانينات وهو نص تأسيسي لكلاسيكية الفن ثم ترجم "نظرية التشكيل" وهو يعد إنجيل الحداثة، ليختتم مشروعه الفكري بكتابه عن المعاصرة . أضاف أننا نعاني من حركة تشكيلية عرجاء، فهو تمتلك ساقا إبداعية طويلة، وأخرى للتنظير والنقد قصيرة، وتابع : ليس لدينا نقاد ولا مؤرخون فن، لكنه رأى أن الفنون الجديدة التي تطرح حديثا في داخلها النظرية المعاصرة نفسها . ورأى أن المعاصرة هي الزمن الذي نعيش في لحظته، وظهرت كانتقادات للحداثة بعد الحرب العالمية الثانية عندما فقدت الإنسانية ضحايا وآثار مدن واكتشفت أنها لم تكن حداثية، وبالتالي صكت في البداية مصطلح ما بعد الحداثة لكنها لم ترد احتكار التاريخ والمعرفة، فجاء مصطلح المعاصرة كمنقذ لانفتاحه على اللحظة الراهنة . وقال السيوي إن مشكلتنا الحقيقية أننا نستنسخ من الغرب نظريات متأخرة ونحاول اللحاق بمحطات هو نفسه تركها، مشيرا إلى أنه مع صعود هيمنة أمريكا على الإبداع الفني استوردنا نحن هذه الثقافة وتأثرنا بها . وحول فكرة القطيعة مع الماضي، قال السيوي إن المعاصرة معناها أننا نعيش زمن الفعل المضارع وجوهرها هو اللحظة التي نعيشها ونبدع فيها، وهذا لا يعني القطيعة مع الماضي فعلينا الاستفادة من كل الخبرات السابقة لكن بشرط عدم إقامة تابوهات وتحرير هذه اللحظة من سلطات أو قيود ما قبلها، فالقطيعة غير ممكنة وحتى حضارة أثينا نواة المركزية الأوروبية هي بنت أفكار مصر القديمة وتجارب إفريقية وآسيوية.