حذرت دراسة مصرفية حديثة للخبير المصرفى احمد ادم نائب رئيس البنك الوطنى للتنمية سابقا من تراجع الاحتياطات الدولية بالبنك المركزى وسوء ادارة قيادات المركزى لنسبة الاحتياطى الاجنبى مؤكدا على انها تسير من سيء لأسوأ مما سيشكل خطورة على قدرة مصر في تغطية وارداتها السلعية الضرورية في ضوء الانخفاض المستمر للجدارة الائتمانية للاقتصاد المصرى والبنوك المصرية . ويؤكد على ان انخفاض موارد النقد الأجنبى ادت لموقف حرج في ضوء الانخفاض المتواصل في الاحتياجات الدولية لمصر من العملات الأجنبية والتى انخفضت بفعل ثورة تونس والثورة المصرية من 36 مليار دولار في ديسمبر الماضى إلى 28 مليار دولار فقط في إبريل الماضى بانخفاض وقدره 8 مليار دولار كما أن الاحتياطيات الدولية غير الرسمية قد تآكلت تماما بعد أن بلغت في سبتمبر 2010 ما قدره 10 مليار دولار فانخفضت في ديسمبر الماضى إلى 7 مليار دولار ثم إلى 3 مليار دولار في يناير الماضى ثم تآكلت تماما بحلول شهر فبراير. وصار الوضع خطيراً في ضوء أن هذه الاحتياطيات لا تغطى أكثر من 6 شهور واردات سلعية وفى ضوء انخفاض موارد النقد الأجنبى وتحقيق ميزان المدفوعات المصرى لعجزا قد يتجاوز الخمس مليارات دولار نهاية العام المالى الحالى. وارجع ادم انخفاض الاحتياطيات الدولية للاسباب التالية : اولا : انسحاب الأموال الساخنة المستثمرة في أذون الخزانة والتى كشفت الأرقام المعلنة للبنك المركزى المصرى عن انخفاضها خلال شهور يناير وفبراير بواقع 25.5 مليار جم بما يمثل 4.5 مليار دولار إذ أنها تراجعت من 59.4 مليار جنيه إلى 33.9 مليار جنيه. ويؤكد ان السماح بزيادة استثمارات الأموال الساخنة بأذون الخزانة كان خطأ لا يغتفر للسلطات النقدية لأنه حول جزء كبير من الدين المحلى إلى دين خارجى بماله من تأثيرات سلبية على سيادة مصر كما أنه يشكل قماشه عريضة للتآمر على الاقتصاد المصرى ويشكل أيضا ضغطا كبيرا على سعر صرف الجنيه والاحتياطيات الدولية لمصر وهو ما حدث بالفعل.ويقول ادم هناك تساؤلات على المركزى الاجابة عنها وتتمثل في تلاشى الاحتياطيات غير الرسمية في شهر فبراير بعد أن كانت تبلغ 10 مليارات دولار في سبتمبر الماضى على الرغم من أن خروج الأجانب من الاستثمار بأذون الخزانة كان بمقدار (خلال الفترة من سبتمبر 2010 وحتى فبراير 2011) 5 مليارات دولار وتلاشى الاحتياطيات غير الرسمية كشف الاحتياطيات الدولية الرسمية لمصر وجعل أى إنفاق للدولة بالعملة الأجنبية ينعكس سلباً ومباشرة على الاحتياطيات الدولية لمصر. ثانيا : زيادة إيداعات البنوك العاملة بمصر لدى البنوك في الخارج في شهور ديسمبر ويناير وفبراير بواقع لا يقل عن 4.3 مليار دولار. وزادت هذه الإيداعات من 59 مليارات جنيه في نوفمبر الماضى إلى 87.3 مليار جنيه في نهاية فبراير الماضى وهو ما شكل ضغطاً على الاحتياطيات الدولية لمصر. ووضعا في الاعتبار أن شهور ديسمبر ويناير وفبراير كانت ثورة تونس أولا في شهر ديسمبر مع ارتفاع وتيره الاحتجاجات للمصريين في شهرى ديسمبر ويناير وسرعان ما تحولت إلى ثورة 25 يناير . وفى هذه الفترة (من ديسمبر) هرول كبار المفسدين وصغارهم بالإسراع في تحويل فوائضهم المالية خارج مصر وهو ما وضح لنا جليا قبل ثورة 25 يناير وطالبنا البنك المركزى المصرى بالتدخل لإيقاف تحويلات المصريين ومزدوجى الجنسية من داخل مصر لخارجها إلا أن البنك المركزى أصم أذنيه وسمح بالتحويلات ثالثا: عمليات التجميل التى كانت تجرى على المؤشرات والأرقام من قبل الحكومة السابقة والحزب الوطنى المنحل وذلك لتلميع صورة جمال مبارك ودفعه دفعاً للتوريث ومن ضمن عمليات التجميل ذكر رقم الاحتياطيات الدولية لمصر كرقم مطلق بدون إقرانه بما يغطيه من أشهر واردات سلعية فمثلا أقصى رقم حققته هذه الاحتياطيات كان 36 مليار دولار في ديسمبر الماضى وذكر هذا الرقم بدون الإشارة إلى ما يغطيه من أشهر واردات سلعية ومقارنته بالرقم قبل تسلم محافظ البنك المركزى لمنصبه وكان يبلغ 14 مليار دولار يعتقد المواطن المصرى غير المتخصص أن هناك زيادة كبيرة قد طرأت على الاحتياطيات قدرها 22 مليار دولار. بينما واقع الأمر أن 36 مليار دولار والمحققة في نهاية ديسمبر الماضى تنخفض بها الاحتياطيات وبواقع 16 مليار دولار عما كانت عليه في عام 2004 إذ أن الاحتياطيات في ديسمبر الماضى كان يجب أن تكون 52 مليار دولار لكى تغطى 12 شهر واردات سلعية كما كانت قبل تسلم الدكتور فاروق العقده منصبه مباشرة. ويقترح ادم مجموعة من الحلول لمواجهة خطر تراجع الاحتياطات الدولية وهى رفع الحد الأدنى لرؤوس أموال البنوك العاملة تحت مظلة البنك المركزى المصرى إلى 3 مليار جنيه وهو ما يعنى ضخ 11.5 مليار دولار في أوصال الجهاز المصرفى المصرى والاقتصاد المصرى. وهناك حلول طويلة الأجل أهمها: تحقيق الاكتفاء الذاتى لمصر من حاجاتها الغذائية وتنقية الواردات وخصوصا بالنسبة للممكن إيجاد بديل محلى له وهو ما سيؤدى لانخفاض الواردات بشكل قد يخفض كثيرا من العجز المزمن للميزان التجارى وبالتبعية يزيد من ناتج ميزان المدفوعات ويخفف من حدة الضغوط على الاحتياطيات الدولية وسعر صرف الجنيه المصرى.