نيكولاس مادورو، سائق الحافلة السابق الذى دخل الساحة السياسية من باب العمل النقابى، ويقدم نفسه على انه "الابن" الروحى لزعيم اليسار الراديكالى هوغو تشافيز، أصبح رئيسا لفنزويلا كما طلب الرئيس الراحل عندما كان مريضا من مواطنيه. وقد وعد خلال مراسم تنصيبه رئيسا لفنزويلا الجمعة بالسير على خطى تشافيز، وأكد فى الوقت نفسه أنه يمد اليد إلى المعارضة، بعد الأزمة العنيفة التى هزت هذا البلد النفطى الغنى فى منطقة الكاريبى. ولا يتمتع هذا الرجل الذى كان قريبا جدا من الرئيس السابق الذى توفى فى الخامس من مارس بقوة شخصية وخطابة راعيه. لكن وصية تشافيز خلال مرضه كانت كافية لينتخب رئيسا لهذا البلد النفطى الغنى. وكان مادورو يأمل فى تحقيق نتائج أفضل من تلك التى سجلها سلفه فى انتخابات أكتوبر الماضى (أكثر من 55 بالمئة لتشافيز). لكنه انتخب بفارق نسبته 1,8 بالمئة فقط عن خصمه الحاكم الشاب انريكى كابريليس. ووعد مادورو خلال حفل تنصيبه "ببناء وطن مستقل وعادل للجميع"، مؤكدا أنه "مستعد للمناقشة مع الجميع، بما فى ذلك مع الشيطان"، بدون أن يذكر اسم خصمه. ويؤكد الحارس الجديد "للثورة البوليفارية" وضامن وحدة المؤمنين بمبادئ تشافيز فى غياب القائد، باستمرار وفائه للرئيس السابق، لكنه كشف خلال الحملة الانتخابية القصيرة عن أسلوب خاص به يطغى عليه الجانب الروحى، خصوصا عندما قال إنه رأى تشافيز مجسدا بعصفور صغير. وكان تشافيز قد طلب من الفنزويليين قبل مغادرته كراكاس انتخاب مادورو رئيسا لهم، فى حال اضطر إلى مغادرة السلطة مؤكدا أنه "ثورى بالكامل"، وأنه "رجل تجربة بالرغم من شبابه". وقال الرئيس الفنزويلى حينذاك "إنه أحد القادة الشباب الذين يتمتعون بأفضل الكفاءات" لقيادة البلاد "بيده الحازمة ورؤيته وقلبه كرجل من الشعب وموهبته مع الناس، وبالاعتراف الدولى الذى اكتسبه". فيما كان مادورو وزيرا للخارجية منذ 2006 عينه تشافيز نائبا للرئيس فى أعقاب فوزه فى الانتخابات الرئاسية فى السابع من أكتوبر. ولا يعرف شىء عن الحياة الخاصة، لهذا الرجل القوى البنية ذى الشارب الداكن الكث واللطيف المحيا، إلا أنه يشاطرها مع سيسيليا فلوريس المدعية العامة للجمهورية. وقد تولى فى الماضى لفترة وجيزة رئاسة الجمعية الوطنية (2005-2006)، بعد انتخابه للمرة الأولى نائبا عام 1999 تحت راية حركة الجمهورية الخامسة التى أسسها تشافيز مع وصوله إلى السلطة فى العام نفسه. والتقى الرجلان سابقا فى إطار الحركة الثورية البوليفارية التى انشأها تشافيز كذلك، ونفذ على رأسها محاولة انقلابه الفاشلة على الرئيس كارلوس اندريس فيريز العام 2002. وقال تشافيز عند تعيينه نائبا للرئيس "انظروا إلى أين وصل نيكولاس، سائق الحافلة نيكولاس كان سائق حافلة، كم كانوا يسخرون منه". ومنذ بدأ تشافيز رحلاته المتكررة للعلاج فى كوبا كان مادورو من زواره المثابرين، وعند عودة الرئيس من زيارة طبية إلى هافانا كان نيكولاس مادورو إلى جانبه على درج الطائرة على ما نقل التليفزيون. كما بات هذا المسؤول الذى ينتمى إلى الجناح المعتدل فى تيار تشافيز مألوفا فى اللقاءات الدولية، منذ حل محل الرئيس المريض عدة مرات فى اجتماعات قمة مختلفة. ويركز محللون على نبرة المصالحة التى يعتمدها وقدرته الواسعة على التفاوض، والتأثير على مختلف توجهات تيار تشافيز. وقال المحلل السياسى ريكاردو سوكرى إنه "لا يثير ضجيجا، ويبدو أنه مستعد للحوار". وتابع الأستاذ فى جامعة فنزويلا المركزية "إنه أيضا خيار (الزعيمين الكوبيين فيديل وراوول كاسترو) حليفى الرئيس تشافيز. وشددت المؤرخة مرغريتا لوبيز مايا من جهتها على "إخلاص أفضل متحدث" دولى باسم تشافيز، الذى تبنى بالكامل خطابه "ضد الامبريالية"، ودعمه للأنظمة المثيرة للجدل على غرار إيران وليبيا وسوريا.