لم تكن تصريحات وزيرة الخارجية الأمريكية أمس ،عن فقدان نظام الأسد لشرعيته ، وانه ليس الرجل الذي " لا يمكن الاستغناء عنه " ، إلا تطور بطيء من حليف قديم ،أعلن دائما على الملا انه عدو ،وبعد ألف وخمسمائة قتيل ، جاءت صياغة كلينتون المتلعثمة ، نفى ونفى ، لم تكن كلينتون قادرة على أن تقول: الأسد رجل يمكن الاستغناء عنه ،لكن الأمر اكبر بالتأكيد من حركة الأمريكيين البطيئة ، لإدانة نظام نزل بالدبابات إلى الشوارع ،واعتقل الآلاف ،واسقط أكثر من ألف وخمسمائة قتيل، وترك له الأمريكيون أربعة أشهر كاملة ،مهلة كان يظن أنها تكفى ليسيطر على شعبه، وبخاصة وهو مطلق اليدين ،محمى من نظام عالمي متواطئ في اغلبه ،ضد ثورة الشعب السورى. إعلام سوريا لم يتمهل فى الرد ، إذ أعلنت وكالة الأنباء السورية "سانا" أن الأمريكيين مستمرون فى مؤامراتهم لإسقاط الأسد ،وان المؤامرة مكشوفة كالعادة ،وهى صياغة قديمة لم تعد تنطلى ،ولغة سقطت أحرفها تحت جنازير دبابات الجيش السورى، التى دهست شابين أول من أمس (كما يذكر تقرير منظمة العفو الدولية)
ولن يفيد فى ذلك أيضا إعلان اختتام اللقاء التشاورى فى دمشق مع رموز معارضة ومستقلة ، والإعلان عن ثمانية عشر بندا للإصلاح ، هى بالتأكيد غير مقبولة ، لدى شعب يقدم عشرات الشهداء يوميا ،ولا مقبولة من نظام يقدم يدا ملطخة بكل هذه الدماء ، يقدمها كيد للإنقاذ بلا مصداقية أو ثقة فى منعرج تاريخى تنكشف فيه أسرار العلاقات الدولية وتوليفات الحكم الدكتاتورى التى نسجت فى منطقتنا العربية منذ سايكس بيكو وعلاقات ذلك بالتركيبات الطائفية للشعوب والتى لعب الاستعمار القديم بها كورقة أسكنت الشعوب العربية تحت قهر الدكتاتوريات حتى ربيع الحرية الذى اندلع من تونس ومصر وما زال هادرا يتدفق على بقية ربوع بلاد العرب