شمال سيناء.. قوافل لطرق أبواب الناخبين    ضوابط مشددة لاستقالة العمال لضمان حقهم ومصلحة صاحب المنشأة    الإسماعيلية.. جولات مكوكية لكسب ثقة المواطنين    يساهم فى تحسين التصنيف الائتمانى.. والإدارة الحكيمة والسياسات المالية الناجحة وراء الإنجاز    توزيع تقاوي مجانية بالحقول الإرشادية بالإسماعيلية .. ضمن الحملة القومية للنهوض بمحصول القمح    مديرية العمل بالإسماعيلية : هدفنا تحقيق التوازن بين الرقابة على سوق العمل وتمكين الفئات المستحقة    ماركو روبيو: قرار مجلس الأمن سيدعم تنفيذ خطة ترامب بشأن غزة    أسامة حمدي يكشف: مواجهة جديدة بين حزب الله وإسرائيل تشترك فيها المقاومة العراقية| فيديو    لأول مرة إدارة ترامب تتحدث رسمياً عن إقامة دولة فلسطينية.. السفير ممدوح جبر يوضح    نشرة الرياضة ½ الليل| الأهلي سوبر.. تنحي بيريز.. خسارة مصر.. حداد في الزمالك.. وعودة توروب    فضيتان لفراعنة الجولف فى البطولة العربية وعيسى يبهر الجميع فى الجولة الأخيرة    جمارك مطار القاهرة تحبط أكبر محاولة تهريب ل«مخدر الحفلات» MDMA.. صور    للتسهيل على الركاب.. هيئة السكك الحديدية تعلن طرق حجز تذاكر القطارات ووسائل الدفع المتاحة    ردد مع الحضور أغنية "عارفة".. مدبولي يتفاعل مع ألحان الموسيقار عُمر خيرت    قريبًا.. المتحف المصري الكبير يعتمد مدونة السلوك الجديدة لتنظيم زيارات الجمهور| فيديو    باحثة: 90% من مشاكل الشباب سببها البيت والمجتمع    «مش كل وجع بطن قولون».. أعراض وأسباب مرض «السيبو»    خطوات علمية للوقاية من الأنيميا، نصائح يقدمها خبراء المركز القومي للبحوث    بلومبرج: ترامب سيوافق قريبا على بيع مقاتلات إف 35 للسعودية    مصطفى حسني للمتسابق محمد سامي: شعرت في قراءتك بالفخامة    قناة الزمالك تنعي وفاة محمد صبري    جمارك مطار القاهرة تتصدى لهجمات مهربي المخدرات بضبط 20 كيلو مجددًا    نقيب الفلاحين: اللحوم في أرخص أيامها الفترة دي    الحكومة تعتزم إنشاء مركز تعليم الحرف اليدوية بمدرب اللبانة.. صور    الباز: العزوف تحت شعار "القايمة واحدة" عوار يتحمله الجميع    انتخابات إلكترونية لنادي هليوبوليس في حضور وزير الرياضة    تربية عين شمس تحتفي بالطلاب الوافدين    لاعب وادى دجلة يوسف ابراهيم يتأهل إلى الدور نصف النهائي لبطولة الصين المفتوحة 2025    «الصحة» تنظم جلسة حول تمكين الشباب في صحة المجتمع    انطلاق برنامج دولة التلاوة عبر الفضائيات بالتعاون بين الأوقاف والمتحدة في تمام التاسعة    الأمطار الغزيرة تفاقم معاناة سكان في قطاع غزة    الهلال السعودى يكشف تطورات إصابات لاعبيه خلال التوقف الدولى    سكرتير المحكمة الدائمة للتحكيم: حل النزاعات أسهل في مراحلها المبكرة    إجراء جراحة دقيقة ومعقدة لإصلاح تمدد ضخم بالشريان الأورطي البطني بكفر الشيخ    وزير الخارجية يؤكد استعداد الشركات المصرية لتوظيف خبراتها في تلبية احتياجات السوق التركمانستانية    الأمم المتحدة: عشرات الآلاف من نازحى الفاشر فى عداد المفقودين    الكنيسة الأرثوذكسية تعلن تأسيس الأمانة العامة للمؤسسات التعليمية    الأهلي يعلن مواصلة تريزيجيه والشحات برنامج العلاج الطبيعي    أزهري: سيدنا محمد تعرض للسحر.. وجبريل نزل من السماء لرقيته    تعرف على الحوافز المقدمة لمصنعي السيارات في إطار البرنامج الوطني لتنمية صناعة السيارات واشتراطات الاستفادة من البرنامج    الطيران المدني توضح حقيقية إنشاء شركة طيران منخفض التكاليف    أهرامات الجيزة ترحب بالسائحين.. وفصل الخريف الأنسب    المسلماني: مجلس «الوطنية للإعلام» يرفض مقترح تغيير اسم «نايل تي في»    الخريطة الكاملة لمناطق الإيجار السكنى المتميزة والمتوسطة والاقتصادية فى الجيزة    حبس زوجة أب في سمالوط متهمة بتعذيب وقتل ابنة زوجها    أذكار المساء: حصن يومي يحفظ القلب ويطمئن الروح    ضبط 140809 مخالفات مرورية خلال 24 ساعة    تكافؤ الفرص بالشرقية تنفذ 9 ندوات توعوية لمناهضة العنف ضد المرأة    الأهلي يصل صالة خليفة بن زايد لمواجهة سموحة فى نهائي سوبر اليد.. صور    ضبط مصنع غير مرخص لإنتاج أعلاف مغشوشة داخل الخانكة    يوم كروي عالمي: مباريات اليوم مفتوحة من أوروبا إلى أميركا وتجارب ودّية مثيرة    مؤتمر السكان والتنمية.. «الصحة» تناقش النظام الغذائي ونمط الحياة الصحي    صندوق "قادرون باختلاف" يشارك في مؤتمر السياحة الميسرة للأشخاص ذوي الإعاقة    هطول أمطار وتوقف الملاحة بكفر الشيخ.. والمحافظة ترفع حالة الطوارىء    سنن التطيب وأثرها على تطهير النفس    سنن الاستماع لخطبة الجمعة وآداب المسجد – دليلك للخشوع والفائدة    غلق مخزن أغذية فى أسوان يحوي حشرات وزيوت منتهية الصلاحية    نانسي عجرم ل منى الشاذلي: اتعلمت استمتع بكل لحظة في شغلي ومع عيلتي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سوءات بلا هوية .. بقلم : عبد الرازق أحمد الشاعر

عام 1812، خاض نابليون أسوأ حروبه على الإطلاق حين تقدم بجيش قوامه ربع مليون مقاتل نحو قرية بورودينو الروسية ليكسر شوكة الإمبراطور الروسي ألكساندر الأول في عقر حدوده.
هناك، اشتبك الجيش الفرنسي العظيم مع قوات الجنرال ميخائيل كوتوزوف في معركة دامية استمرت يوما واحدا لكن خسائرها فاقت كل تصورات القائد الفرنسي المقتحم.
لم يستطع نابليون يومها أن ينهي المعركة لصالحه كما اعتاد رغم تخلي الجنود الروس عن مواقعهم، ورغم رفع البيارق الفرنسية فوق الجليد الروسي لساعات.
كانت الخسارة أكثر من المعتاد، وكان الإعياء قد بلغ بجنوده كل مبلغ.
ولم يجرؤ نابليون على اقتفاء أثر الجنود الفارين أو حتى مغادرة الميدان، لأنه تشكك يومها بنوايا كوتوزوف، مما مكن الجيش الروسي المنهزم من لملمة ما تبقى له من قوة وما تبعثر لديه من جند.
كان الفريقان يألمون، المنتصر ومن ولى دبره، فقد كانت الميادين يومها مغطاة بالجثث والأشلاء والبقايا.
ويومها، اختلطت الدماء بالدماء والأشلاء بالأشلاء، فلم يميز الأحياء من الجند أنوف رفاقهم من آذان أعدائهم.
ورغم إعيائه الشديد، قرر قائد الجند أن يمر على أشلاء ثلث جنوده ليلقي عليهم تحية الوداع قبل أن ينصرف عن بلاد هزمها كما هزمته، ويعود إلى فرنسا نصف منتصر ونصف مهزوم.
وبين الأشلاء المتناثرة فوق مسرح الدماء، لمح نابليون رأسا تتلوى ذات اليمين وذات العجز، فاقترب من الجندي الجريح ووضع يده فوق فجوة ببطنه ليوقف شلال الأحمر النازف من أعماقه، وطلب حمالة لإسعاف ما تبقى من أنفاس الرجل.
يومها، اقترب منه أحد المغترين بنياشينهم، وهمس في أذن القائد الأعلى لما تبقى من الجند: "إنه روسي يا سيدي." عندها، سدد نحوه نابليون نظرة ازدراء، وقال في تلقائية قائد لم ينسه النصر آدميته: "لا أعداء بعد النصر يا رجل".

الصغار فقط هم الذين يقلبون في جثث الجرحى ليحصوا من كان معهم، ومن كان في المعسكر الآخر، لينقذوا هذا ويتركوا الآخر نهبا للآلام والدماء والموت. الصغار هم الذين يفتشون في جيوب من ماتوا للبحث عن هوية ترفعهم فوق الأكتاف أو تلقى به تحت الأحذية الثقيلة.
في المعركة، يوجه الرجال صدورهم نحو أسنة الرماح ولا ينحنون إلا لالتقاط سهم أو رفع جريح، لكنهم يعفون عند المغنم ويديرون ظهورهم لضعفهم البشري ليزدادوا قوة.
أما ضعاف النفوس، فموقعهم خلف الصفوف ساعة الكر، لكنهم يتقدمون الجميع حين تضع الحرب أوزارها ليقلبوا وجوه من رحلوا ويوزعوا الرحمات واللعنات ذات يمين وذات يسار.
الضعفاء، والضعفاء جدا، هم الذين يقلبون في دفاتر من سُحِلٓ ومن جرح ومن قتل ليحددوا مواقعهم في الجنة أو مقاعدهم من النار.
أما كبار النفوس، فلا يرون في عيون الجرحى بعد المعركة إلا عينين تستغيثان وقلبا بشريا يخفق تحت أسنة الوجع. كبار النفوس لا يشمتون بمن أهين وأُهدرت كرامته وانكشفت سوأته.
لا فرق بين فتاة خُلعت عباءتها بأظافر عسكرية ورجل خُلع كبرياؤه أمام أعين الكاميرات المتلصصة بمخالب شُرطية في دأعين الكبار. فسوآتنا البشرية واحدة، وكاشفوها في كلتا الحالتين آثمون وخارجون على ناموس الرب الذي أمرنا بستر العورات وإن كانت عورات روسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.