اتصال هاتفي بين وزير الخارجية ونظيره الروسي.. تناول سبل دعم الاستثمارات الصناعية الروسية    جيسوس: ماني تهور.. ورونالدو الأفضل في العالم    هل يهدد غياب لياو انطلاقة ميلان في الدوري الإيطالي؟    محافظ الأقصر يلتقي وفد أهالي المدامود ويعلن زيارة ميدانية عاجلة للقرية    الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات يصدر إجراءات جديدة بشأن المكالمات الترويجية الإزعاجية    بعد مشاجرة كرداسة …خبراء يطالبون بتطوير آليات قانونية لفض النزاعات بين الملاك والمستأجرين    نفق وأعمال حفر إسرائيلية جديدة داخل ساحة البراق غرب المسجد الأقصى    ستاندرد آند بورز: رسوم واشنطن توجه الصين نحو أسواق الجنوب    محافظ سوهاج يعتمد تعديل المخطط التفصيلي لمركز ومدينة سوهاج    محافظ الدقهلية: نتابع على مدار الساعة انتظام العمل واستقبال طلبات المواطنين بالمراكز التكنولوجية    نجم مانشستر سيتي ينتقل إلى البوندسليجا    محمد مطيع رئيسًا للاتحاد الإفريقي للسومو ونائبًا للدولي    دون إصابات.. السيطرة على حريق محدود بفرع النادي الأهلي في مدينة نصر    ضبط صانعة المحتوى «بطة» لنشرها فيديوهات تتضمن ألفاظا خادشة للحياء    أحدث إصدارات قصور الثقافة في معرض السويس الثالث للكتاب    اليوم.. العرض الخاص لفيلم درويش في الرياض بحضور عمرو يوسف    مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير يفتح باب المشاركة في دورته ال12    كيف تعرف أن الله يحبك؟.. الشيخ خالد الجندى يجيب    الشيخ خالد الجندى: افعلوا هذه الأمور ابتغاء مرضاة الله    وزير الصحة يجتمع مع مجموعة BDR الهندية وشركة المستقبل للصناعات الدوائية لدعم توطين صناعة الدواء    «التعليم العالي»: إعلان القائمة المبدئية للمرشحين لمنصب رؤساء 5 جامعات أهلية    مصادر طبية: 40 شهيدًا بنيران الاحتلال في مناطق عدة منذ فجر اليوم    كابوس في لحظات سعادة... تفاصيل مؤثرة لغرق طفل أمام عيني والدته بسوهاج    صور.. النقل تحذر من هذه السلوكيات في المترو والقطار الخفيف LRT    "فاليو" تنجح في إتمام الإصدار السابع عشر لسندات توريق بقيمة 460.7 مليون جنيه    تدريب المعلمين على تطبيقات الآلة الحاسبة.. بروتوكول جديد بين "التعليم" و"كاسيو"    نتيجة تنسيق تقليل الاغتراب لطلاب المرحلتين الأولى والثانية 2025    "رقص ولحظات رومانسية"..منى زكي وأحمد حلمي في حفل عمرو دياب في الساحل الشمالي    أول تعليق من أشرف زكي بعد تعرض ألفت عمر للسرقة في باريس    بالصور- وزير العدل يفتتح مبنى محكمة الأسرة بكفر الدوار    التأمين الصحي الشامل يشارك في قمة "تيكاد 9" باليابان    من هم أبعد الناس عن ربنا؟.. أستاذ بالأزهر يجيب    موعد حفل توزيع جوائز الأفضل في إنجلترا.. محمد صلاح يتصدر السباق    بالصور- افتتاح مقر التأمين الصحي بواحة بلاط في الوادي الجديد    بعد جولة مفاجئة.. محافظ الدقهلية يحيل مسؤولين بمستشفى نبروه للتحقيق    الأرصاد: اضطراب الملاحة على البحر الأحمر وخليج السويس والموج يرتفع ل3.5 متر    علي الحجار يحيي حفل الخميس ب مهرجان القلعة 2025 (تفاصيل)    تأجيل محاكمة عاطل بتهمة سرقة طالب بالإكراه ل23 سبتمبر    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    كل ما تريد معرفته عن وظائف وزارة العمل 2025    مدير أوقاف الإسكندرية يترأس لجان اختبارات القبول بمركز إعداد المحفظين    استعدادًا للعام الجديد.. 7 توجيهات عاجلة لقيادات التربية والتعليم بالدقهلية    «الوعي»: التحرك المصري القطري يُعيد توجيه مسار الأحداث في غزة ويعرقل أهداف الاحتلال    لافروف: أجواء محادثات بوتين وترامب فى ألاسكا كانت جيدة للغاية    فنان شهير يفجر مفاجأة عن السبب الرئيسي وراء وفاة تيمور تيمور    "الموعد والقناة الناقلة".. النصر يصطدم بالاتحاد في نصف نهائي السوبر السعودي    صعود جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل جلسة اليوم    وزير الدولة للاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني: الاقتصاد المصري يحتل أهمية خاصة للاستثمارات    الداخلية تؤسس مركز نموذجي للأحوال المدنية فى «ميفيدا» بالقاهرة الجديدة    إلغاء إجازة اليوم الوطني السعودي ال95 للقطاعين العام والخاص حقيقة أم شائعة؟    15 صفقة لفريق الكرة النسائية ب "رع" استعدادا للموسم الجديد    جولة تفقدية للجنة العليا للتفتيش الأمني والبيئي بمطارى مرسى علم الدولى والغردقه الدولي    «100 يوم صحة» تقدم 52.9 مليون خدمة طبية مجانية خلال 34 يومًا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 19-8-2025 في محافظة قنا    عماد النحاس يكشف موقف الشناوي من مشاركة شوبير أساسيا    رابط نتيجة تقليل الاغتراب 2025 بعد انتهاء تسجيل رغبات طلاب الثانوية العامة 2025 للمرحلتين الأولي والثانية    وقت مناسب لترتيب الأولويات.. حظ برج الدلو اليوم 19 أغسطس    «ثغرة» بيراميدز تغازل المصري البورسعيدي.. كيف يستغلها الكوكي؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأزهر بين السياسة وحرية الفكر .. بقلم : د. عادل عامر
نشر في الإسماعيلية برس يوم 20 - 03 - 2012

روحَ تراث أعلام الفكر والنهضة والتقدم والإصلاح في الأزهر الشريف " فحسب, وإنما " استلهموا في الوقت نفسه إنجازات كبار المثقفين المصريين, ممن شاركوا في التطور المعرفيّ والإنساني, وأسهموا في تشكيل العقل المصري والعربي الحديث في نهضته المتجددة, من رجال الفلسفة والقانون والأدب والفنون...! ".
إن التخلي عن نزعة التعالي والإقصاء واحتكار معرفة الحقيقة وإنتاجها, والإيمان بمبدأ المشاركة, وتوسيع قاعدة المرجعية المعتمَدة للمنظور السياسي والاجتماعي الجديد...الخ, كل ذلك مما تتميز به الرؤيا الجديدة للأزهر.
وعبر لغة جديدة كلياً تعكس التحولات الأعمق في بنية التفكير لدى الإسلاميين العرب, تضمنت الوثائق إشارات متكررة إلى المشترك بين قوى المجتمع, والتوافق المجتمعي, ونهج الاعتدال والوسطية, والمرجعية الإسلامية النيرة, وعملية التحول الديمقراطي ...الخ.
في مقاربة موضوع الدولة المنشودة تشير الوثيقة الأولى إلى اعتماد – إستراتيجية توافقية - " ترسُم شكل الدولة العصرية المنشودة ونظام الحكم فيها ".
وهذا تحول حاسم في موقف الفكر الإسلامي من موضوع الدولة والحاكمية.
ويتعين هذا التحول بشكل جلي عندما تذهب الوثائق مباشرة إلى تحديد شكل الدولة المنشودة المتوافق عليها : " الدولة الوطنية الدستورية الديمقراطية الحديثة التي تعتمد على دستور ترتضيه الأمة يفصل بين سلطات الدولة ومؤسساتها القانونية الحاكمة".
وفي هذا السياق تلتفت الوثيقة إلى إدانة الدولة الكهنوتية, مما يحيل بشكل غير مباشر إلى تنحية مطلب الدولة الدينية, لصالح الدولة المدنية التي تكون فيها سلطة التشريع لنواب الشعب, وتكون إدارة شؤون البلاد بالقانون – والقانون وحده !!, كما ورد حرفياً في الوثيقة الأولى.
وبالنسبة لشكل الحكم تشير الوثيقة الأولى إلى " اعتماد النظام الديمقراطي، القائم على الانتخاب الحر المباشر، الذي هو الصيغةَ العصرية لتحقيق مبادئ الشورى الإسلامية، بما يضمنه من تعددية ومن تداول سلمي للسلطة، ومن تحديد للاختصاصات ومراقبة للأداء ومحاسبة للمسئولين أمام ممثلي الشعب، وتوخي منافع الناس ومصالحهم العامة في جميع التشريعات والقرارات ".
وقد تكامل هذان المحددان لشكل الدولة والحكم, مع إشارة مباشرة إلى (المواطنة) باعتبارها مناط المسؤولية في المجتمع, ورفض أية تفرقة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين.
يتحدد مفهوم المواطنة في خطاب الأزهر, بصفته تعبيراً حقوقياً وسياسياً مؤسساً لبناء المجتمع الحديث.
فحق المواطنة الكاملة للجميع يقوم في جوهره على المساواة التامة في الحقوق والواجبات, كما أشارت الوثيقة الثانية. وحقيقة الأمر أن احتفاء الوثيقة الثانية – صدرت في 2012/1/8 – بمنظومة الحريات الأساسية, يهدف إلى تأكيد مبدأ المواطنة واعتبارها العلاقة الحاكمة الأرأس في النظام الديمقراطي والدولة المنشودة.
من هنا تطرح الوثيقة الثانية منظومة الحريات(حرية العقيدة, حرية الرأي والتعبير,حرية البحث العلمي والإبداع...الخ) بوصفها منظومة حقوق مدنية وسياسية واجتماعية للأفراد, تكفلها مقاصد الشريعة الغراء من جهة, وروح التشريع الدستوري الحديث من جهة ثانية.
وتشير الوثيقة إلى " متطلبات اللحظة التاريخية الراهنة, والحفاظ على جوهر التوافق المجتمعي, ومراعاة الصالح العام في مرحلة التحول الديمقراطي " كمحددات فاعلة في المبادئ والضوابط الحاكمة للحريات الأساسية.
إن التدقيق المتبصر في تناول الوثيقة الثانية لمنظومة الحريات, يكشف الانحياز الكامل إلى متطلبات التاريخ الملموس والمتعين, على حساب السطوة المفترضة للنصوص وقراءاتها السابقة.
بين الوثيقتين أصدر الأزهر " بيانَ دعم حراك الشعوب العربية الشقيقة نحو الحرية والديمقراطية ".
وقد تضمن هذا البيان أفكاراً هامة جداً حول شروط اكتساب أو سقوط شرعية السلطة الحاكمة.
مع تمييز نابه ودقيق بين معنى المعارضة الوطنية الشعبية, وبين مفهوم البغاة في الإسلام.
كل ذلك على ضوء أحداث ثورات الربيع العربي, وبما يتفق مع توجهات الشعوب العربية في التحرر من أنظمة الاستبداد والفساد.
يتأسس فهم البيان للشرعية على مفهوم العقد الاجتماعي بين السلطة والمجتمع.
من هنا يؤكد البيان على أن شرعية السلطة الحاكمة تعتمد على رضا الشعوب واختيارها الحر الذي يستعلن في شرط الديمقراطية الكاملة.
ويشير البيان إلى أن الشرعية ليست شيئاً يُمنح مرة وإلى الأبد, وإنما هي شيء تمنحه الأمة أو تسلبه تبعاً لمدى التزام السلطة بشروط العقد, وعلى رأس هذه الشروط توفير الحرية والعدالة.
أما العامل الحاسم في سقوط الشرعية عن السلطة الحاكمة فهو مواجهتها " أيّ احتجاج وطني سِلميّ بالقوّة والعُنفِ المسلَّح، وإراقة دماء المواطنين المسالمين ".
إن " انتهاكُ حرمة الدَّم المعصوم هو الخطّ الفاصل بين شرعية الحكم وسقوطه في الإثم والعدوان ".
بهذا الشكل يكون الأزهر قد ربط شرعية السلطة, وجوداً أو انتفاءً, بممارساتها.
وهو في المقابل يمنح الشرعية للمعارضة الوطنية الشعبية – السلمية – ولقوى الثورة والتجديد والإصلاح.
ويرد على فقهاء السلاطين الذين اعتبروا أن معارضي السلطة الحاكمة ينطبق عليهم توصيف البغاة وحكمهم الشرعي في الإسلام.
لكن البيان يربط أيضاً شرعية المعارضة وقوى الثورة والتغيير, بالتزامها بالسلمية, والابتعاد " كليًا عن كل ما يؤدى إلى إراقة الدماء، وعن الاستقواء بالقوى الخارجية أيًا كان مصدرها ".
إن الهدف الأساسي من هذا العرض المطول لمضمون وثائق الأزهر الصادرة مؤخراً, هو القول بوجود خطاب إسلامي جديد كلياً, حول قضايا سياسية واجتماعية عديدة.
وأرى من الضروري التعامل مع هذا الخطاب بكثير من الجدية والاهتمام, من قبل القوى السياسية العلمانية والليبرالية الديمقراطية في العالم العربي.
سيتردد القول هنا وهناك, من قبل هذه القوى ونخبها السياسية والثقافية, بأن هذه الوثائق لا تعبر بالضرورة عن رأي الإسلام السياسي, وأنها تظل حبراً على ورق ما لم يتهيأ لها التحقق في صياغات قانونية دستورية, وممارسات ملموسة على الأرض, حيث التطبيق هو المعيار والمحك.
وسيطرح آخرون مسألة توقيت صدور هذه الوثائق, مع ما يعبر عنه بعض قيادات الحركات الإسلامية من مواقف قريبة في توجهها من مضمون الوثائق, ليستخلصوا بأن ذلك ليس أكثر من دعاية انتخابية تأخذ بعين الاعتبار مآلات الأوضاع بعد الربيع العربي...الخ.
كل ذلك ربما كان صحيحاً ومبرراً, لكن المشكلة في أن تتحول هذه الملاحظات, أو الهواجس, إلى موقف عصابي إقصائي يحول دون القبول بأبسط معايير الممارسة الديمقراطية التي يتبناها هؤلاء, ويتخوفون باسمها من الإسلاميين, أعني القبول بالمشاركة, والإقرار بحق الآخر في التعبير عن حضوره السياسي وممارسة السلطة, وفق آليات ديمقراطية تعددية تداولية يبدو أن الجميع بات مؤمناً بها الآن


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.