تظل نفحات شهر رمضان وبركاته تهل علي الأمة الاسلامية كل عام حاملة في طياتها الكثير من المعاني والواجبات العملية لنهوض الأمة وتطورها علي كل المستويات ليرسم لنا شهر الصوم مشروعا إصلاحيا للفرد والأمة.. ويبقي الواجب علينا أن نتعرض لهذه النفحات.. فهذا الشهر بعد مدرسة للأمة للتقرب من ربها وتنقية نفوسها ومراجعة أهدافها وخطواتها وآغتنام هذه الفرصة الثمينة لكي تتغير النفوس البشرية في هذا الشهر الكريم.. لذلك نحن في حاجة ماسة إلي هذا الفقه »فقه تغيير النفوس« لكي نستطيع استثمار هذه النفحات لتوجيه أنفسنا نحو الأفضل وعلاج ما بها من أسقام وعلل.. من المعلوم أن باعث التمييز في أساسه داخلي لكي يكون لدي النفس البشرية الثقافة والسلوك حتي يصبح الفرد مهيمنا علي شئونها ضابطا لتصرفاته حاكما لكل تصرفاته وهذا يتطلب الكثير من الجهد الدءوب.. إن شهر رمضان شهر التغيير فهو عبارة عن دورة تدريبية تطبيقية فيقول العلماء إن ترسيخ العادة أو الاعتقاد يحتاج إلي 12 يوما من التطبيق الواعي المدعم بالتركيز فإذا كان العمل في رمضان بإخلاص وبطريقة صحيحة وواعية حتي تكون راسخة في العقل اللاواعي بعد رمضان.. التغيير يبدأ من النفس البشرية.. إن عرفت النفس البشرية ربها وأصلحت نفسها واستقامت علي شريعته بذلك يبدأ التغيير من داخلها وان نكصت علي أعقابها وتنكرت لشرع ربها كان هذا هو الفشل فالتاريخ الشاهد علي هذا القانون أن العرب كانوا قبل الاسلام قبائل متفرقة متفائلة بقسم ديارهم التمرس والروح فلما جاء الاسلام جمع المتفرق وأصلح بينهم وجعلهم أمة واحدة.. في رمضان ينعم المسلم بالصيام والقيام وتلاوة القرآن والقرب من الله بالاعتكاف.. وكل ذلك يرتقي بالمسلم.. فالصوم وقوة الارادة ففي الصوم تقوية للإرادة وتربية علي العبد والصوم بما فيه حتي العبد وفطام للنفوس من أبرز وسائل الاسلام في إعداد المؤمن الصابر المرابط المجاهد.. والاعتكاف يقرب المسلم إلي الله فهو سمو روحي مهم ولون من ألوان الخلوة بالله يجتهد فيه لإصلاح قلبه عن طريق الانقطاع الكامل والإقبال علي الله بالصلاة والقراءة والذكر وترك شواغل الحياة.. القرآن روح يسري في القلب فيحييه لذلك فإن النفوس البشرية تتغير تغيرا تاما في رمضان.. مما يدعنا نقول إن تغيير الحال ليس من المحال.. فقد يسر الله سبحانه وتعالي لنا سبيل تغيير النفس في رمضان فجعل منه نقطة انطلاق وتغيير قوية لتصحيح أوضاعنا فأبواب الخير منفتحة ونوافذ الشر موصدة. الصيام له فوائد طيبة ودينية! ماذا يقول أطباء علم النفس في هذا التغيير داخل شهر رمضان؟! أكد الأستاذ الدكتور محمد عبدالفتاح الجمال أستاذ علم النفس أنه لايوجد إحصائيات تقول أن نسبة الجرائم تقل في شهر رمضان عن باقي شهور السنة فهذا مفهوم سطحي للعبادات فالدين ثابت لأنه عبادة ودستور حياة فالفرد يعمل به في الدنيا والآخرة فمعدل الانفعالات أكثر في رمضان بجانب تفعيل الإيمان والإسلام فالصيام له تأثير فسلوك البشر ينعكس من خلال الصلاة والصيام . وأضاف أن هذا الشهر هو شهر المغفرة من الذنوب وأن يصل إلي التقوي اللازمة في طريق فهم معني رمضان بالإحساس بالجوع والتواصل مع الآخرين ومواصلة النفس في التغيير.. ورأيه الشخصي أن يقوم الفرد بالتحكم في ذاتها Contrloling your selef وتحمل الآلام والمستثيرات في الغرائز والقدرة علي مواجهة الإحباطات النفسية الأمارة بالسوء ولايجب أن تكون هناك سلوكيات خاطئة بعدم فهم معني هذا الشهر الكريم فمن يصوم الصيام بشكل صوري فقط ليس لديه الثقافة الكافية وبذلك تنطبق عليه السلوكيات الخاطئة التي في طريقها نشاهد الانفعالات والتوتر والعصبية في رمضان. التغيير الإيجابي أشار دكتور يسري عبدالمحسن أستاذ علم النفس أن التغيير الإيجابي يأتي عن طريق الالتزام بتعاليم الدين وأسس العبادة والقرآن الكريم من حيث الواجبات الدنيوية فالإرادة في التغيير هي محور التحول والتقوي فلا يرتبطا بالصوم أو الجوع إنما تكون هناك عادات غذائية سليقة والتدريب السليم علي التغيير فالصوم هو تقوية الإرادة والتخلص من العادات السيئة قصة تغيير النفوس!! قال علماء الدين أن »فقه تغيير النفوس« ثماره لابد من أن تتوفر لدينا شروط التغيير ومنها الرغبة الحقيقية في التغيير ومعرفة كيفية التغيير وأن يكون التغيير عملا لا قولا وإدراك أن التغيير لايأتي من الخارج بل يأتي من الداخل »إن الله لايغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم »ثم العزيمة الصادقة علي القيام بهذا التغيير.. علينا أن نتوب توبة صادقة ولنحرص علي الإكثار من العبادة في هذا الشهر وخاصة قيام الليل والتهجد وقراءة القرآن وتدبره ولاننسي الإكثار من التصدق والعطف علي اليتامي والمساكين وإفطار الصائمين. كما أن الجرائم تنخفض فعلا في رمضان نتيجة تغير النفوس للأفضل. ان التغيير المنشود في رمضان تغيير عميق شامل يبدأ في الفرد نفسه عن طريق التوبة والمراقبة والإخلاص والمحاسبة والمسارعة إلي الخيرات وفي بيته بالقدوة والتوجيه وحسن التربية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنهاية بأمته بالاهتمام بأخبارها والتعرف علي حال الاسلام والمسلمين وتقديم يد العون لمن يحتاج لذلك تكون هناك فكرة إسلامية صميمة وسلوكا حسنا.