"أرسلوا افكاري إلى قطر.. فهى المؤهلة لحمل المسئولية"، هكذا قال اسامة بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة فى مذكراته التى أفرجت عنها المخابرات الامريكية لأول مرة، بعد اغتياله فى غارة بمنطقة أبوت أباد فى باكستان عام 2011. وخلال 225 صفحة من مذكرات بن لادن، جدد مطالبته بإقامة ثورات فى الدول العربية، خاصة فى دولة ليبيا الشقيقة، التى تتربع فيها فروع القاعدة حاليًا مثل جبهة المرابطين وجماعة بيت الإسلام التى اعلنت مسئوليتها مؤخرًا عن حادث الواحات الإرهابى الذى استشهد فيها 16 بطلاً من رجال الشرطة. لكن لماذا قطر؟، هل لأنها تغرد دائمًا ضد الأشقاء، هل لأنها دأبت واعتادت طعن الخليج والعرب فى الخلف، هل لأنها صاحبة المشوار الأطول فى تاريخ الخيانة ضد المنطقة العربية، هل لأنها تساند كل ما هو عربى فى المحافل الدولية مثلما رفضت من قبل استضافة المغرب لمونديال 2010 لتقوم بالتصويت لجنوب إفريقيا، أو لأنها اختارت أن تصوت منفردة ضد قرار يطالب بوقف تخصيب اليورانيوم الإيرانى، أو لأنها خالفت الإجماع العربى على زيد بن رعد وانحازت لكى مون فى الاممالمتحدة، او لانها امتنعت من قبل عن التصويت لإنشاء محكمة تحقيق فى اغتيال الحريري، او لانها صوتت ضد بن على الحسين عند ترشحه لمنصب نائب مدير الفيفا، او لأنها اظهرت العداء للعرب وصوتت لصالح تركيا لتنظيم اكسبوا 2020، او لانها غدرت ب على بن الحسين للمرة الثانية فى انتخابات رئيس الفيفا، او لأنها وقفت ضد الإرادة العربية فى انتخابات اليونيسكو وتلعب على خسارة مصر. ربما تكون كل هذه الاسباب تحمل قشورًا من الحقيقة، أما الواقع فأقوى وأقذر، فإن كان هدف القاعدة هو اجتياح الدول الخليجية والعربية وإسقاطها، فإن الدوحة تتسق مع هذا الهدف، وقدمت مهرها للقاعدة من خزينتها الخاصة لتمويل عمليات القاعدة، وبفكر عاهر فتحت الدوحة خزائنها بعد تواري القاعدة عن المشهد لتنظيمات اخرى إرهابية مثل النصرة وداعش، نتمهل قليلاً لننطلق حول التفاصيل. إن كانت قطر تدرك جيدًا أنها دولة حديثة الولادة بطور الإنسان، أو جديدة المنشأ بطور التاريخ وأعمار الدول، وانها بلا تاريخ حقيقى، أو جذور رسمت ملامحها على الارض أو الجدران أو حتى الوجوه التى تباينت بين الخليجي والعربى المنشأ، او حتى القادم من الهند وباكستان ودول اسيا، فإن الإدراك نفسه جعل منها دولة تبحث عن دور، عن تاريخ، عن أى تأثير، ولما لا وذهب البترول الاسود يصب فى خزائنها، ومن السواد اختارت قطر طريق الشر لصنع تاريخ من المال القطرى الحلال، الذى حوله قادتهم إلى مال حرام بامتياز. قاعدة قطر قطر لا تتفاخر فقط بوجود اكبر قاعدتين امريكيتين على اراضيها، أو حتى فتح حدودها للقوات التركية أو الإيرانية لحكم شعبها، وإنما امتدت علاقاتها إلى القاعدة التى تقبع شرق جارتها ايران "افغانستان"، ومنها كانت البداية القطرية فى تمويل إرهاب القاعدة حول العالم. ففى عام 2010، قام أحد أفرع الحكومة القطرية بالتبرع بتمويلات للمساعدة فى إعادة بناء مسجد يمنى للشيخ عبد الوهاب محمد عبد الرحمن الحميقانى، لمن لا يعرف الحميقانى فهو أحد ممولى تنظيم القاعدة، والذى أدرجته وزارة الخزانة الأمريكية على قائمتها السوداء للإرهاب، وتصدرت قطر المشهد علانية بحضور مسئولين قطريين افتتاح المسجد. وفى عامى 2012 و2013، أرسلت قطر ملايين الدولارات أموال فدية إلى القاعدة فى شبه الجزيرة العربية، حيث مكنت هذه الأموال التنظيم الإرهابى من إعادة بناء نفسه والسيطرة على جنوب اليمن. أنابيب البترول القطرية التى كانت تصب فى خزينة تنظيم القاعدة الإرهابى، لفتت انتباه الامريكان منذ تسعينات القرن الماضى، لكن فور فتح التحقيقات فى عهد اوباما قرر إغلاقها، او على الاقل تعطيلها، حتى امر ترامب بإعادة التحقيق فيها، والكشف عن وثائق بن لادن السرية التى اغتنمها الجيش الامريكى اثناء اغتياله بباكستان. الصحف العالمية ومن بينها الامريكية "فورين بوليسى" نشرت تقارير مطولة حول الدور القطرى المشبوه فى تمويل تنظيم القاعدة وافرعه خاصة فى سوريا، التى تتمتع بدعم قطرى كبير، لقتال النظام السورى فى محاولة لإسقاط الدولة الشقيقة. وامتد التمويل القطرى إلى افرع القاعدة ايضًا فى ليبيا الشقيقة، حيث وصفت قطر قوات "البنيان المرصوص" بالمعارضة، والتى صنعت من نفسها جيشًا خاصًا، والتى تديرها عصابة الإخوان الارهابية بالمعارضة السلمية، فى حين ضخت قطر بأموال فى جيوب القاعدة بليبيا متمثلة ايضًت فى ميليشيات "المرابطون" و "جماعة انصار الاسلام" الموالية ايضًا لداعش والتى اعلنت تبنيها لعملية الواحات الإرهابية التى استهدفت رجال الشرطة فى مصر. تنوع التمويل القطرى للقاعدة في عدة اشكال، منها دعم مباشر، ومنها دعم غير مباشر بالدفع بما اسمته اعمال انسانية تتمثل فى بناء المساجد، وعلاج المرضى والجرحى من الحروب، إلاا أن اغلب تلك الاموال تذهب من اجل شراء العناصر الإرهابية للسلاح الذي يوجهونه ضد المواطنين والمسالمين. ومن الشخصيات القطرية التي نشطت بشكل بارز في جمع الأموال لتنظيم القاعدة، المتشدد سعد بن سعد الكعبي، الذي حرص على تقديم دعم سخي لفرع تنظيم القاعدة في سوريا، من خلال المنصات الرقمية. تجديد الدماء عملت الدوحة على تجديد دماء الإرهاب، فمن الغرب حيث دعم القاعدة فى افغانستان، إلى سوريا وليبيا ايضًا، حيث قامت بعقد صفقة مع "جبهة النصرة" الإرهابية سابقًا أو "جبهة فتح الشام" حاليًا من اجل قتل نظام الاسد والمدنيين المسالمين المؤيدين له، أو على الاقل ممن لا يرغبون فى القتال، وإعادة اعمار سوريا ووقف الانتهاكات اللاإنسانية التى ترتكب بحقهم، والتى راح ضحيتها آلاف الارواح من الاطفال والنساء والشباب والشيوخ على حد سواء، لتنطلق جبهة تحرير الشام التى قطعت علاقتها رسميًا بالتنظيم الام "القاعدة" بعمليات عسكرية واختطاف واغتيالات، وهى الجبهة التى تضم فى صفوفها اعلى نسبة من التكفيريين، والتى صنفتها من الغرب أستراليا وكندا وفرنسا ونيوزيلاندا والاتحاد الأوروبى وروسيا، وبريطانيا، والاممالمتحدة، ومن الشرق السعودية والإمارات ومصر بإنها منظمة ارهابية. وتأكيدًا للدور القطرى فى دعم النصرة، ففى عام 2015، بدأ المسئولون الحكوميون القطريون فى لقاء قادة "جبهة النصرة"، ومن بينهم زعيم الجبهة أبو محمد الجولاني، لإقناع الجبهة بأنها سوف تتلقى دعمًا قطريًا فى حالة قطع علاقاتها مع القاعدة، -وهو ما اشار إلى انقلاب قطرى على القاعدة او على الاقل وجود خلافات مبدئية بين قطر والقاعدة التى كانت تمولها فى وقت سابق- ونفذت النصرة فعليًا هذا الاتفاق فى يوليو 2016 ،وبعد ذلك بأسبوعين، كما سمحت قطر لقادة جبهة النصرة بجمع تبرعات على أراضيها، كما توسطت الحكومة القطرية بين جبهة النصرة وحكومات مختلفة لدفع فدية للرهائن والتى تبلغ قيمتها 100 مليون دولار. الاموال القطرية دفعت النظامين السورى والليبى إلى اتهام الدوحة بتمويل الإرهاب على اراضيها، بينما صد الامير الصبى "تميم" الهجوم مشيرًًا الى انه يمول الديمقراطية التى تريد إزاحة الحكام الديكتاتوريين حول العالم، فيما يقع عدة مسئولين قطريين فى أخطاء وصفها النظام القطرى ويعترفون أن بلادهم مولت الإرهاب ولو لفترة عن طريق الخطأ، إلا ان الدوحة تصحح من نفسها مجددًا وتجدد وقوفها بجانب التنظيمات الإرهابية، لتقرر كل من السعودية والامارت والبحرين ومصر قطع العلاقات مع قطر. ثورات الإرهاب سخرت قطر كل إمكانياتها وخزائنها من اجل تمويل الثورات العربية، تحت شعار الدفاع عن الحرية، حيث ضخت بالاموال إلى الإرهاب فى سوريا، والعراق بالدفع بعصابات داعش، وليبيا بالبنيان المرصوص والمرابطين وانصار الاسلام، وايضًا حماس، وجماعة الاخوان الإرهابية فى مصر، حيث قامت الحكومة القطرية بإقراض أو منح الإخوان المسلمين حوالى 7٫5 مليار دولار خلال فترة حكمهم، فى الفترة ما بين يونيو 2012 ويوليو 2013، وخلال هذه الفترة، أرسل الشيخ حمد بن جاسم بن جابر آل ثانى رئيس الوزراء وقتها شخصيًا مبلغًا قيمته 850 ألف دولار إلى الإخوان، هذا بالإضافة الى تسخير الجزيرة لشاشاتها لصالح جماعة الاخوان الإرهابية بدءًا من احداث الثورة فى 2011، وحتى وصول الجماعة الإرهابية الى الحكم وعزل "مرسى" وهو ما دفع 22 موظفًا مصرياً الى الاستقالة بسبب تداركهم التغطية المتحيزة للجزيرة والمؤيدة لأجندة الجماعة الإرهابية. الدعم القطرى لجماعة الإخوان الإرهابية، لم يتوقف على قناة الجزيرة أو دفع اموال إلى جماعة الاخوان الإرهابية فى مصر، وإنما امتد الى إيواء العديد من رؤوس الإرهاب، وعلى رأسهم الكهل المتصابى يوسف القرضاوى الذى يواصل الوعظ برسائل إرهابية من الدوحة، والممنوع من دخول الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا، كما إنه مطلوب اعتقاله من قبل "الإنتربول". وبخلاف قادة الإخوان التى تستضيفهم قطر وتمولهم من اجل الهجوم على النظام القطرى، فإنها حولت الدوحة إلى وكر لرؤوس الإرهاب حول العالم لتستضيف شخصيات اخرى مثل، فضل محمد مظلوم نائب، وزير الدفاع السابق لدى حركة طالبان، والمحظور من قبل الأممالمتحدة، نورالله نورى، القائد العسكرى السابق لدى حركة طالبان، والمحظور من قبل الأممالمتحدة، وعبد الحق واسيق، نائب مدير عام المخابرات السابق لطالبان، والمحظور ايضًا من قبل الأممالمتحدة. ممولون تتخذ قطر العديد من الأذرع الممولة للإرهاب، والذين تم وضعهم على القوائم السوداء حول العالم، ومنهم عبد الرحمن بن عمير النعيمي، المتورط فى نقل ملايين الدولارات إلى فروع تابعة للقاعدة فى العراقوسوريا والصومال واليمن، وخليفة محمد تركى الصبيعي، الذى هرب مئات الآلاف من الدولارات إلى كبار قادة القاعدة فى جنوب آسيا، بمن فيهم خالد الشيخ محمد، وعبد العزيز بن خليفة العطية، المطلوب من قبل الحكومة اللبنانية والذى هرب أموالا إلى تنظيم القاعدة ونشطاء جبهة النصرة فى لبنان، وسالم حسن خليفة راشد الكوارى، الذى هرب مئات الآلاف من الدولارات إلى القاعدة من خلال شبكة مقرها إيران. ايضًا عبد الله غانم مفوز مسلم الخوار، الذى ساعد كوارى فى تهريب مئات الآلاف من الدولارات إلى القاعدة من خلال شبكة مقرها إيران، كما سهل سفر مقاتلين إلى أفغانستان للمشاركة فى الحرب، وعبد اللطيف بن عبد الله صالح محمد الكوارى الذى هرب أموالا إلى القاعدة، والمسئول عن توفير إثبات للممولين القطريين بأن أموالهم تم تسليمها إلى الجماعة الارهابية، وغيرهم من الاسماء التى تمولها خزينة الدوحة من اجل معاونة التنظيمات الإرهابية التى تهدف إلى إسقاط الخليج ومنطقة الشرق الاوسط وإعادة تقسيمها برغبة وحلم من الصهاينة وبمباركة من ايران.