أضفت مشاركة جبهة البوليساريو في القمة العربية الأفريقية بظلالها علي قضية الصحراء والتي مازالت دون حل جذري منذ عام 1975... وعادت بي الذاكرة إلي عام 1984 عندما دعيت مع خمسة من مراسلي الصحف العالمية لزيارة المغرب وكان ملف قضية الصحراء هو السبب الرئيسي لهذه الدعوة حيث كانت القضية موضع حراك مستمر في الأممالمتحدة.. وطلبت من سفير المغرب لدي الأممالمتحدة أن تتاح لي فرصة لقاء الملك الحسن اثناء هذه الزيارة ولم أكن متأكدة من إمكانية تلبية هذا الطلب... وقد تم هذا اللقاء الصحفي بحديقة القصر ومازالت لدي صورة وقد جلست لأتحدث مع الملك الحسن وفي نفس الصورة جلس إلي الخلف من الملك الأمير محمد وشقيقه حيث كان والدهما يحرص علي أن يتابعا معه جميع اللقاءات الصحفية.. وفي اليوم التالي لهذا اللقاء كانت هناك اجتماعات مع عدد من القيادات السياسية تمهيدا لزيارة ميدانية لمنطقة الصحراء حيث كانت المواجهات المسلحة جارية... وفي طائرة هليكوبتر عسكرية ووسط عاصفة رملية عنيفة حلقنا فوق ميدان المعركة وهبطنا بعد ذلك في مدينة العيون علي الحدود المغربية حيث التقي الوفد الصحفي بقيادات المدينة الذين أكدوا ولاءهم للمملكة المغربية ورغبتهم في عدم الانفصال عن وطنهم الأم.. ومرت سنوات علي هذا النزاع المسلح الذي استمر حتي سبتمبر من عام 1991 وتم وقف اطلاق النار باشراف بعثة من الأممالمتحدة بقرار من مجلس الأمن وكانت حكومة الرباط قد اقترحت اعطاء الصحراء حكما ذاتيا تحت سيادة المغرب إلا أن جماعة البوليساريو طالبت باستفتاء لتقرير المصير.. وقد ظلت القضية مدرجة علي جدول أعمال مجلس الأمن وذهبت مرة أخري إلي المغرب علي طائرة كوفي عنان سكرتير عام الأممالمتحدة في ذلك الوقت وكان ذلك في بداية التسعينيات وكان ملك المغرب محمد السادس هو من استقبل السكرتير العام والوفد الصحفي المرافق له .. والتقط مصور القصر صورة لنا مع ملك المغرب وتسلمنا الصورة علي الطائرة قبل المغادرة.. وما ذكرته مجرد لقطة من الذاكرة بعد أن وجدت الصور بين أوراقي.. وأخيرا فإن ما أثاره حضور الرئيس عبدالفتاح السيسي للقمة الأفريقية العربية التي حضرتها جماعة البوليساريو العضو الرسمي بالاتحاد الافريقي من بعض اللغط إنما يعكس مرة أخري أن عودة مصر لممارسة دورها الرائد في المنطقة واستخدامها لخبراتها وحياد واستقلالية قرارها قد أصبح يثير حساسية لدي دول تسعي بكل الطرق لفرض مواقف ترضي أصحاب نظرية »الفوضي الخلاقة».. وقد رأينا ذلك عندما صوتت مصر في مجلس الأمن لصالح قرارات تستهدف استخدام الوسائل السلمية لتسوية الأزمة السورية.. وأنا هنا أهدي تعليق سفير فرنسا لدي الأممالمتحدة الذي قال عندما كانت بلاده تتولي رئاسة مجلس الأمن ردا علي سؤال حول رأي مجلس الأمن فيما تطرحه مصر من مقترحات بشأن الازمة السورية حيث قال أمام كل ممثلي الاعلام في الأممالمتحدة : »عندما تتحدث مصر فلابد لنا أن نصغي ونتعامل مع ما تطرحه من مقترحات..» يوم المرحاض الدولي أسفة لطرح هذا الموضوع الذي لابد وأن يثير قرفا وضيقا للجميع ولكنها الأممالمتحدة التي تحتفل يوم 19 نوفمبر من كل عام بهذا اليوم.. وهذا الاحتفال بدأ بقرار من الجمعية العامة منذ 3 سنوات وهدفه التوعية بأهمية توفير المياه الصالحة للاستخدام الادمي وتوفير وسائل الصرف الصحي بهدف حماية الجنس البشري.. وعلي الرغم من أهمية هذا الهدف فقد كنت أتمني اختيار اسم آخر لهذا اليوم.. وتجدر بالاشارة هنا أن العديد من الندوات والاجتماعات قد نظمت في أغلب دول العالم للتوعية بهذا اليوم... والسؤال هو هل سمعنا في مصر بشيء عن هذا الاحتفال ونحن كما اعتقد في أشد الحاجة للتوعية والعمل من أجل توفير الصرف الصحي للجميع وحماية مصادر المياه من التلوث؟ وفي الوقت الذي سلطت فيه الأممالمتحدة علي سرعة العمل من أجل الاهتمام العاجل بأزمة الصرف الصحي التي لا تحظي بما تستحقه من جهد لاحتواء تداعياتها علي صحة البشر وأماكن عملهم فقد كانت المناسبة فرصة لتوضيح حقيقة أن هناك ما يقرب من 2٫4 مليار نسمة حول العالم يعيشون دون مرافق صحية ويتعرضون نتيجة لذلك لأمراض كثيرة. وقد اختارت الأممالمتحدة شعارا للاحتفال هذا العام »المراحيض والوظائف» حيث أشارت تقديرات الأممالمتحدة إلي أن عدم توافر المرافق الصحية يؤدي إلي ضياع ما يقرب من 5٪ من إجمالي الدخل القومي في الدول المتضررة. وذكر بان كي مون سكرتير عام الأممالمتحدة في رسالة بمناسبة هذا اليوم أن المراحيض تلعب دورا هاما في دعم الاقتصاد وأن عدم توافرها في المنازل أو أماكن له تداعيات خطيرة علي الصحة العامة مما يؤدي إلي الغياب عن العمل وعدم التركيز والارهاق ونقص الانتاجية. ومن الجدير بالذكر أن دراسات الأممالمتحدة قد أوضحت أن 17٪ من الوفيات في أماكن العمل ترجع إلي انتشار الامراض المعدية وحثت تلك الدراسات علي أهمية الاستثمار في توفير المرافق الصحية لتفادي خسائر تصل سنويا إلي ما يقرب من 260 مليار دولار. وذكر السكرتير العام أن كل دولار ينفق لتوفير المياه الصالحة للاستخدام البشري واقامة المرافق الخاصة بالصرف الصحي يكون عائده الاقتصادي أربعة دولارات.. ومن الجدير بالذكر أن أهداف التنمية المستدامة التي وضعها المجتمع الدولي واتفق عليها تدعو إلي توفير المياه والمرافق الصحية.. إلي البيت الأبيض مازالت قطاعات عريضة من الشعب الأمريكي إلي جانب مراكز البحوث تحاول استيعاب وصول دونالد ترامب إلي المكتب البيضوي وتوليه الرئاسة الامريكية ولكن الواقع علي الرغم من جميع التكهنات عما يمكن أن تسفر عنه عملية إعادة فرز البطاقات الانتخابية في بعض الولايات فإن انتقال الرئيس المنتخب ترامب إلي البيت الأبيض يوم 20 يناير القادم بعد أن يقسم اليمين هو ما تتحدث عنه بعض الأوساط... ولما كانت عملية الانتقال من منزل إلي منزل آخر أمرا لا يمر دون متاعب فإن قرار ترامب بالانتقال من منزله بأعلي ناطحة سحاب تحمل اسمه في نيويورك إلي أشهر منزل في الولاياتالمتحدة بواشنطن ليس بالامر التقليدي حيث انه يتم وفقا لقواعد متعارف عليها اشبه بالعملية العسكرية.. وربما كان أهم هذه القواعد هو أن الرئيس الجديد لا يستطيع الدخول إلي البيت الأبيض أو العمل فيه قبل ظهر يوم 20 يناير وبالتالي فإن الرئيس وأسرته وفريق العمل عليهم أن يجدوا مكانا لممارسة عملهم في واشنطون حتي ظهر يوم 20 يناير. وتقع مسئولية تنظيف غرف البيت الأبيض البالغ عددها 123 غرفة إلي جانب 35 دورة مياه علي عائق فريق الخدمة العامة وهي مهمة شاقة ولابد أن تتم خلال 6 ساعات فقط وهي الساعات الخاصة بالقسم ومشاهدة ما يجري من عروض شعبية من منصة تقام في مواجهة البيت الأبيض.. أما نقل المتطلبات الخاصة بالرئيس وأسرته فيتم نقلها بمعرفة الرئيس وأسرته ويتولي شخصيا دفع تكاليف النقل حتي وصولها إلي البيت الأبيض.. ويقوم العاملون بالبيت الأبيض بنقل احتياجات أسرة الرئيس وترتيبها وفقا للتعليمات... ويصبح من حق الرئيس أن يقوم بتغيير الديكورات الخاصة بمكتبه وإعادة ترتيب اللوحات التذكارية.. إلا أن المفاجأة الحقيقية والمثيرة هي أن الرئيس الجديد مطالب بوضع ترتيبات الجنازة الخاصة به قبل مرور أسبوع من دخوله إلي البيت الأبيض.. وهو أمر قد يدعو إلي التشاؤم إلا أن عليه أن يضع تفاصيل كيفية دفنه وتشييع جنازته.. وللرئيس الجديد الحق في تغيير كبير الطهاة في البيت الأبيض وأما عن شراء الطعام اليومي فيتم علي نفقة الرئيس وأسرته أما الموائد الرسمية فإنها تصرف من بند خاص بذلك... ومن جهة أخري يخصص للرئيس سيارة مصفحة جديدة إلي جانب اخطاره بالاجراءات الأمنية في حالة الطوارئ... وبطبيعة الحال يقوم الرئيس الجديد وأسرته بوضع ما يحلو لهم من صور تتناول القسم وغيره وذلك بعد رفع الصور الخاصة بالرئيس السابق... وقد جاء في تقرير نشر مؤخرا أن الرئيس المنتخب قد لا يستطيع ممارسة عمله في المكتب البيضاوي حيث إن سلفه الرئيس الحالي باراك أوباما قد رفض علي مدي أكثر من عام السماح للجهات الأمنية بتوريد الوسائل الأمنية الخاصة بحماية الرئيس وقرر ارجاء ذلك لحين تسلم الرئيس الجديد لمنصبه علما بأن هذه المهمة قد تستغرق أكثر من ستة أشهر لتغيير نوافذ وحوائط المكتب لوضع الأجهزة الالكترونية الحديثة... وربما كان التأجيل وسيلة جديدة كلية ... وعلي الرغم من شهرة البيت الأبيض عالميا فإن عددا من الرؤساء كان يجد أنه مكان موحش وكان الرئيس الراحل جون كنيدي يطلق عليه اسم »القفص اللامع» أما الرئيس ريجان فكان يسميه السجن الأبيض الشهير ويجدر بالإشارة أن عدد من يترددون علي البيت الأبيض يوميا يصل إلي 6 آلاف شخص ولابد أن يتم تسجيل اسم كل زائر بسجلات خاصة بالأمن توضح ساعة وصوله والهدف من زيارته ... حتي لو كان الزائر من أفراد الاسرة أو أصدقائها... وأما عن كيفية استخدام الرئيس المنتخب للبيت الأبيض فتبقي غير معروفة إلا أنها دون شك ستكون ذات طابع خاص... وقد اتاح لي عملي كمراسلة لدار أخبار اليوم التواجد في البيت الأبيض في مناسبات عديدة منها علي سبيل المثال دخول المكتب البيضاوي اثناء اجتماع رئيس مصر مع رئيس الولاياتالمتحدة وفي هذه المناسبات تصبح علي بعد مترين فقط من الرئيس الامريكي وقد تستطيع الصياح بسؤال تحصل من خلال الاجابة علي تقرير مهم بشأن العلاقات المصرية الامريكية وتسمح السلطات الامنية بدخول خمسة صحفيين من كل جانب أي خمسة مصريين وخمسة من مراسلي البيت الأبيض من الاجانب... وقد استغل مراسلو البيت الأبيض من الاجانب تلك الفرصة في أغلب الاحيان لاستطلاع رأي الرئيس في قضية داخلية تشغل الرأي العام الأمريكي... أي أن كل شخص يغني علي ليلاه... والتواجد داخل المكتب البيضاوي أو المشاركة في مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض أمر تقليدي تتبع فيه الاجراءات العادية... ولكن الأكثر إثارة هو حضور دعوة من البيت الأبيض للمشاركة فيما يعرف بالاختلاط وتبادل الرأي وهي توجه لثلاثة من الصحفيين المصريين وثلاثة من الامريكيين لحضور فترة للترفيه عقب عشاء العمل الرسمي الذي يقيمه الرئيس الامريكي لضيفه رئيس مصر... وفي هذه الفترة يتخللها فاصل غنائي من جانب فنان أو فنانة مشهورة وبعد تلك الفترة ينطلق الحاضرون لمشاركة الضيوف بمن فيهم الرئيس الأمريكي وضيفه إلي جانب السيدة الاولي وكبار المدعوين من وزراء أو رجال الكونجرس في تناول المشروبات والحلوي وتعطي هذه الفرصة التي تمتد لأكثر من ساعتين الحصول علي تصريحات خاصة من الرئيس الامريكي وأخذ صور تذكارية معه... ومازلت حتي الآن احتفظ بصورة خاصة التقطها لي مصور البيت الأبيض وأنا اتحدث مع الرئيس ريجان وكذلك صورة اخري اعتز بها مع الرئيس جورج بوش الأب... وفي عهد الرئيس السابق جيمي كارتر لم تكن هناك قواعد تحكم ما يضعه الصحفي المدعو من ملابس سوي أن تكون ملابس رسمية حيث كانت روزالين زوجة الرئيس كارتر سيدة متواضعة بعيدة عن عالم الموضة والازياء.. ولكن الوضع تغير مع الرئيس ريجان فقد كانت زوجته نانسي الممثلة السابقة تهتم بالمظاهر وبالتالي كانت التوجيهات هي ارتداء ملابس سهرة لحضور مثل هذه التجمعات... وكانت السهرة تمتد إلي ساعة متأخرة من الليل بعكس ما جري بعد ذلك في عهد الرئيس السابق جورج بوش الأب الذي كان يحرص علي الذهاب للنوم في العاشرة مساء، أما في عهد الرئيس السابق بيل كلينتون فقد كانت زوجته هيلاري مشغولة دائما ولا تريد الاختلاط بالصحافة وبالتالي تحول الاحتفاء برئيس مصر إلي حفل غداء رسمي..