لاحظ مندوبنا الفني ان الأستاذ نجيب الريحاني يصطحب كلبته " ريتا " اينما تنقل في المقاهي التي يرتادها ومنها كافيه ريش بميدان سليمان باشا، ومقهي ريكس بشارع عماد الدين حيث يحلو له لعب الطاولة، وقد لاحظنا ان ريتا يحلو لها ان تبدأ مع صاحبها " ماتشا " من الهزار العنيف الذي يولع به كلاهما في اوقات الفراغ، كما انها مولعة بالتفرج علي " الطاولة " ومراقبة اللعب باهتمام، فإذا عاكس " الزهر " الريحاني أشار إليها اشارة خاصة فتتجه لمعاكسة خصمه حتي يضرب " لخمة " ويفارقه حذره ويخسر الجولة، وهي تقوم عنده بمثابة " صفارة الإنذار " فتنبه بقدوم الزائرين وهم في اول الشارع فتفسح امامه مجال " الزوغان " عند اللزوم، كما انها بارعة في "تطفيش " الزائرين غير المرغوب فيهم،وطلبنا من الأستاذ الريحاني ان يكتب للقراء مقالا يصف فيه ارتباطه الجنوني بكلبته ريتا فكتب لنا مقالا بعنوان " كلبتي " يقول فيه : كلبتي.. الأنثي الوحيدة التي تعرف الوفاء والإخلاص، لأنها أعز مخلوق لديّ وأقرب صديقاتي إلي قلبي.. كلبتي حيوان أتحدث إليه، يفهم ما أريد أكثر من أي إنسان، هي أليفتي في المنزل، وصديقتي في الشارع وزميلتي في العمل، تشاركني في التمثيل ولا تتعبني في إخراج دورها، فهي تجيده ولا تنساه ولا تتأخر عن موعد العمل، ومن هنا كانت هي الممثلة الوحيدة التي أبقيت عليها من أفراد فرقتي وعندما سافرت إلي لبنان فارقتها لأول مرة في حياتي، وقد أصيبت بمرض من جراء حزنها العميق، وكنت أراها كثيرا في المنام وبعد عودتي لم تكد تراني بعد غيبة حتي وقفت بعيدة عني، وهي التي كانت تتحرق شوقًا إلي لقائي، واغرورقت عيناها بالدموع وكأنها تقول: إخس عليك يا خاين العيش والملح، وفي الأيام الأخيرة اعتدت ألا أتركها لحظة، إذ إنها لا تزال في أيام الحداد علي فقيدها وفلذة كبدها الكلب شكل، لا رحمه الله مطرح ماراح.. فقد كان عفريتا في صورة كلب ". الهلال - يناير 1946