استعادادت مكثفة لافتتاح أول فرع لجامعة الإسكندرية في ماليزيا    وزير العدل ومحافظ البحيرة يتفقدان مكتب توثيق الشهر العقاري بكفر الدوار    وزير الأوقاف يهنئ الدكتور ماجد إسماعيل بتعيينه رئيسًا تنفيذيًّا لوكالة الفضاء المصرية    بوصلة مصر نحو «2040» علم وتكنولوجيا في مدار بريكس    تنظيم أول ورشة عمل تدريبية حول الصحافة في عصر الذكاء الاصطناعي    كامل الوزير لمُصنّعي الأسمنت: زيادة الإنتاج الحل الأمثل لتقليل الأسعار    ب«حملات إلكترونية».. حماية المستهلك يعلن تفاصيل إجراءات الرقابة على الأوكازيون الصيفي    مفتي لبنان: لن يكون هناك فتنة طائفية أو حرب أهلية وسنقف سدا منيعا أمام أي تحريض    روسيا تعلن استعدادها لتسليم 31 شخصًا إلى أوكرانيا ضمن اتفاق تبادل المواطنين    أزمة بين أستراليا وإسرائيل والثانية تلغي تأشيرات دبلوماسيين.. فما القصة؟    تعرف على منافس النصر في نهائي السوبر السعودي عقب تخطي اتحاد جدة    25 لاعبًا في قائمة منتخب 17 سنة للمشاركة في بطولة كأس الخليج    مصرع وإصابة 5 أشخاص في حريق بورشة موبيليات بدمياط    نقيب السينمائيين ينعي الدكتور يحي عزمي بكلمات مؤثرة    4.2 مليون في ليلة واحدة.. تعرف على ترتيب الأفلام في شباك التذاكر    فيلم "فلسطين 36" يزين سباق الأوسكار 2026    نجلاء بدر تعلق على التشكيك في غرق تيمور تيمور بسبب إنقاذ ابنه    كيف تعرف أن الله يحبك؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    الشيخ خالد الجندي: افعلوا هذه الأمور ابتغاء مرضاة الله    خطة لدعم خدمات صحة الأم والطفل وتحسين المؤشرات السكانية بسيناء    نائب وزير الصحة تبحث مع وفد اليونيسف تأهيل مستشفى العريش كمركز تميز لخدمات النساء والتوليد    تقارير: وفاة رزاق أوموتويوسي مهاجم نادي الزمالك السابق    ما علاج الفتور في العبادة؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ شمال سيناء يعتمد نتيجة الدور الثاني للشهادة الإعدادية    أسرة عبدالحليم حافظ تكشف حقيقة بيع منزله بمقابل خيالي لملياردير مصري    مهرجان المنصورة الدولي لسينما الأطفال ينطلق في فبراير المقبل    وسط أجواء فنية ساحرة.. "صوت مصر" يعيد أم كلثوم لواجهة المشهد الثقافي    خطوة بخطوة.. طريقة الاستعلام عن المخالفات المرورية    سماع أسرة الزوج وفحص هواتف.. تحقيقات موسعة فى مقتل لاعبة الجودو دينا علاء    إجازة المولد النبوي الأقرب.. العطلات الرسمية المتبقية في 2025    مدير أوقاف الإسكندرية يترأس لجان اختبارات القبول بمركز إعداد المحفظين    رئيس جامعة الإسكندرية في ماليزيا استعدادًا لافتتاح أول فروعها بجنوب شرق آسيا 2026    التربية المدنية ودورها في تنمية الوعي والمسؤولية في ندوة بمجمع إعلام القليوبية    شاهد.. مدير «الرعاية الصحية» ببورسعيد: حملة «صحتك أولًا» تهدف لتعزيز الوعي الدوائي    جولة تفتيشية للوقوف على انتظام حركة التشغيل في مطاري الغردقة ومرسى علم    بالأسماء.. وزير الداخلية يمنح 21 مواطنًا جنسيات أجنبية مع الاحتفاظ بالمصرية    الأرصاد: فرص أمطار رعدية على حلايب ونشاط رياح بكافة الأنحاء يلطف الأجواء    وزارة النقل تناشد المواطنين التوعية للحفاظ على مترو الانفاق والقطار الكهربائي    وزير الري: تطوير مؤسسي ومنظومة إلكترونية لتراخيص الشواطئ    صعود جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل جلسة اليوم    " ارحموا من في الأرض" هل هذا القول يشمل كل المخلوقات.. أستاذ بالأزهر يوضح    "قصص متفوتكش".. 3 معلومات عن اتفاق رونالدو وجورجينا.. وإمام عاشور يظهر مع نجله    ميدلزبره يقترب من ضم موهبة مانشستر سيتي    الإمارات تسقط أكثر من 4000 طن مساعدات على غزة    كييزا يغلق باب الرحيل ويتمسك بالبقاء مع ليفربول    53 مليون خدمة.. ماذا قدمت حملة "100 يوم صحة" خلال 34 يومًا؟    الداخلية تؤسس مركز نموذجي للأحوال المدنية فى «ميفيدا» بالقاهرة الجديدة    رئيس الوزراء يلتقى وزير الدولة للاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني    الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية: تكثيف الهجوم على غزة سيؤدى لأثر إنسانى مروع    هيئة التأمين الصحى: إشراك القطاع الخاص ركيزة أساسية للتوسع المستقبلى    دراسة تتوقع خفض الشركات الصينية أسعار سياراتها الكهربائية في أوروبا    الماريجوانا على رأس المضبوطات.. جمارك مطار القاهرة تحبط محاولات تهريب بضائع وأسلحة بيضاء ومخدرات    «عارف حسام حسن بيفكر في إيه».. عصام الحضري يكشف اسم حارس منتخب مصر بأمم أفريقيا    وقت مناسب لترتيب الأولويات.. حظ برج الدلو اليوم 19 أغسطس    رئيس وزراء السودان يطالب الأمم المتحدة بفتح ممرات إنسانية في الفاشر    أبرزها 10 أطنان مخلل.. ضبط أغذية منتهية الصلاحية ومجهولة المصدر ببني سويف    عماد النحاس يكشف موقف لاعبي الأهلي المصابين من المشاركة في المباريات المقبلة    حقيقة إصابة أشرف داري في مران الأهلي وموقف ياسين مرعي من مباراة غزل المحلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هوامش ثقافية‮:‬
سردية الكعكة الحجرية والثورة النيئة‮ ‬
نشر في أخبار الحوادث يوم 17 - 09 - 2016

في روايته القصيرة‮ "‬البحث عن دينا‮" (‬2016‮)‬،‮ ‬الأقرب إلي روح النوفيلاNovella التي تبلغ‮ ‬بالكاد‮ ‬123‮ ‬صفحة،‮ ‬استطاع محمود الورداني،‮ ‬صاحب‮ "‬النجوم العالية‮" ‬و"في الظل والشمس‮" ‬و"رائحة البرتقال‮" ‬و"الروض العاطر‮" ‬و"بيت النار‮"‬،‮ ‬وغيرها من أعمال قصصية وروائية،‮ ‬تحويل سرديّته الذاتية/الواقعية،‮ ‬القادمة من رحم أحداث السبعينيات المتخمة بالأحلام والطموحات والثورات المجهضة،‮ ‬إلي واقع قصصي‮ ‬ينمو ببطء،‮ ‬كالعشب،‮ ‬في المساحة البينية الواقعة بين المتخيّل الروائي والواقعية التسجيلية‮.‬
تلامس الرواية الصادرة عن الكتب خان‮ ‬،‮ ‬في جوهرها،‮ ‬روح‮ ‬النوفيلا المشحونة بالأحلام والكوابيس،‮ ‬القادرة علي إلقاء حجر مدبّب في بركة الواقع السياسي المصري المضطرب منذ سنوات‮. ‬ومن جهة أخري،‮ ‬فهي نوفيلا في تكثيفها السردي واختزال مشاهدها المشحونة بتراجيديا الفعل الدرامي وإيقاعه اللاهث،‮ ‬وغير ذلك من صفات نص روائي‮ ‬يتسق مع ثيمته الرئيسية؛ أقصد إلي ثيمة‮ "‬البحث‮" ‬تحديدا،‮ ‬التي استطاع الكاتب من خلالها إعادة تبئير‮ ‬ کefocalization،‮ ‬أو إعادة صنع سياق مرجعي جديد‮ ‬ کecontextualization لثورة‮ ‬يناير‮ ‬2011‮ ‬في إطار الثورة المصرية المجهضة علي مدار أكثر من أربعين عاما؛ أي منذ السبعينيات تقريبا‮.‬
ليست‮ "‬دينا‮" ‬في فضاء هذه الرواية مجرد شخصية روائية عابرة،‮ ‬أو كائن من ورق علي حد تعبير بارت،‮ ‬بل هي تمثيل ثقافي واجتماعي لفكرة‮ "‬الثورة النبيلة‮"‬،‮ ‬كما أن فقدانها جناحيها،‮ ‬اللذين انتُزِعا منها انتزاعا قسريا بفعل فاعل‮ ‬يؤول إلي مَن التفّوا علي الثورة،‮ ‬أو‮ "‬ركبوا موجتها‮" ‬بالتعبير السياسي الدارج في الشارع المصري؛ أمر قد حال بينها وبين التحليق في سماوات الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية،‮ ‬فأمست دينا‮ -‬ومعادلها الثوري‮ "‬مصر‮"- ‬كائنا مقيَّدا،‮ ‬مشدودا إلي واقع متدنٍّ،‮ ‬تائه بين ميادين القاهرة وشوارعها وحاراتها التي تحيط بميدان التحرير،‮ ‬خصوصا شارع محمد محمود الذي أصبح جزءا لا‮ ‬يتجزّأ من أيقونة الحرية المفقودة‮. ‬أما جناحا دينا فليسا سوي رمز دالّ‮ ‬علي شخصية مركّبة،‮ ‬ذات أطياف،‮ ‬تجمع بين قدرتها علي الظهور والاختفاء،‮ ‬الحضور والغياب،‮ ‬كطيف هاملت الذي ظلّ‮ ‬يؤرّقه طويلا حتي آمن به وانتقم لأبيه المغدور به‮. ‬من جهة مقابلة،‮ ‬يشترك الراوي مع دينا في كونه‮ ‬يشبهها في امتلاك جناحين مثلها،‮ ‬لكنهما انتُزِعا منه أيضا‮. ‬إن قيمتي الحرية والعدل اللتين صوّرتهما قصيدة‮ "‬الكعكة الحجرية‮" ‬لأمل دنقل هما جناحا دينا اللتان كانت تمتلكهما وفقدتهما في تلافيف الثورة المصرية‮. ‬وهنا،‮ ‬تستدعي الرواية تظاهرات الطلاب وأحداث الكعكة الحجرية التي كان تضم كلا من أمل دنقل ومحمد شهدي وأحمد رزّة ورضوان الكاشف،‮ ‬وغيرهم كثيرون وكثيرات من قيادات انتفاضة السبعينيات الذين حضروا في ثنايا الرواية كأطياف متتابعة‮. ‬وليست‮ "‬الكعكة الحجرية‮" ‬حاضرة،‮ ‬هنا،‮ ‬بأطيافها،‮ ‬ودلالتها الرمزية فحسب،‮ ‬بل بوصفها نصا موازيا‮ ‬ Paratext لا‮ ‬يجب استبعاده في مستوي القراءة الثقافية‮.‬
ليس بحث الراوي‮-‬الشخصية عن دينا،‮ ‬وهو مسعي المؤلف الضمني والمؤلف الحقيقي أيضا،‮ ‬فعلا مرهونا بشخصية دينا في حد ذاتها،‮ ‬بل بما تمثّله من فكرة نبيلة ظل تراوده منذ تشكّل وعيه في أحداث السبعينيات،‮ ‬ولما تتحقّق بعد‮. ‬لذا،‮ ‬تظل الصورة السردية الأثيرة،‮ ‬والأكثر تواترا في فضاء الرواية،‮ ‬هي صورة‮ "‬الكائن ذو الجناح الوردي‮". ‬وما بين حقبتي السبعينيات وزمن السرد؛ أي حوالي‮ ‬40‮ ‬عاما من الأحداث والمشاهدات والرؤي،‮ ‬تنمو أحداث الراوية،‮ ‬وتتراوح مكاناتها،‮ ‬التي تمتاح مادتها الخام من وقائع سياسية راهنة،‮ ‬يتم تسجيلها بما‮ ‬يؤكد إمكان تحويل الوقائع‮ ‬ Factions ذاتها إلي متخيّل قصصي‮ ‬ Fiction يضرب علي وتيرة الزمن المفقود‮. "‬البحث عن دينا‮" ‬رواية مشحونة بنبوءة التّيه الذي دخله المصريون في أعقاب ثورة‮ ‬يناير،‮ ‬كما أن بها إدانة حادة ل"الثورة النيّئة‮"‬،‮ ‬التي لم تتكشف بعد عن خارطة مستقبل واضحة،‮ ‬فقفز عليها من كل صوب وحزب انتهازيون ومتسلّقون وبراجماتيون سياسيون،‮ ‬رغم كون الثورة في ذاتها فعلا جماهيريا نبيلا،‮ ‬يبشّر بنهضة واعدة تنتظرها شعوب مغلوبة‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.