في التعاملات السياسية الدولية، فإن اسم رئيس الدولة هو الأهم، يليه في الأهمية مباشرة اسم وزير الخارجية حتي قبل اسم رئيس الوزراء، خاصة في النظم الرئاسية كما هو الحال في مصر، والتي تستحق وزير خارجية يليق باسمها ودورها، وليس وزير خارجية يقوم من »حفرة» فيقع في »النقرة»، وعلي طريقة السيد سامح شكري الذي لا يجيد اللغة العربية، وهي اللغة الرسمية للبلد، وليست اللغة الإنجليزية التي ينطقها شكري بطلاقة ظاهرة، بينما لا ينطق جملة عربية واحدة سليمة نحويا، بل لا تسمع منه غير »لعثمة» و»تهتهة»، ليس في اللغة وحدها، بل في السياسة التي يعبر عنها، وبما يلحق الإساءة البالغة بصورة البلد، وبسمعة نظام الحكم المصري. ولا نريد أن نقارن اسم سامح شكري بوزراء خارجية مصر البارزين، فهو لا يقارن بالطبع إلي أسماء من وزن ونوع محمود فوزي ومحمود رياض وإسماعيل فهمي وعمرو موسي، وكلهم كانوا أسماء مشرفة بليغة في التعبير عن سياسات زمانهم، لكن شكري من طينة أخري، صحيح أنه لا يصنع قرار السياسة العربية والخارجية، فالرئيس هو صاحب القرار، وقد تشارك أجهزة أخري قبل ذهابه لوزارة الخارجية، لكن وزير الخارجية يظل اللسان المعبر، وشكري تنقصه البلاغة وصحة اللغة العربية، وتنقصه حتي دقة اللغة الدبلوماسية، ويملأ فراغ الكلمات بما يشبه طنين الأذن الموجوعة، وتصريحاته عن كيان الاغتصاب الإسرائيلي مثال مشهور، وسقطاته مروعة، فلم يحدث أبدا أن تردد وزير خارجية مصري أو عربي في نعت أفعال إسرائيل بالإرهاب، فهذا هو أضعف الإيمان، بينما وجد شكري نفسه في »حيص بيص»، عندما سأله شاب مصري عن إرهاب إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، وتعامل شكري مع السؤال بطريقة عجيبة غريبة، وبدا كأنه وقع في المصيدة، وكأن التهمة موجهة له لا لإسرائيل، وراح يدافع ضمنا عن إسرائيل، ويهرب من الجواب الصريح، وبدعوي أنه لايوجد توافق دولي علي تعريف مصطلح »الإرهاب»، وكأن السيد شكري يتصور أنه في منصب السكرتير العام للأمم المتحدة، أو أنه الناطق الرسمي باسم البيت الأبيض أو الاتحاد الأوروبي، برغم أن الأممالمتحدة ذاتها، بل والخارجية الأمريكية أحيانا، كثيرا ما تدين جرائم إسرائيل و»الاستيطان اليهودي» في القدس والضفة الغربية، وبرغم أن بعض وزراء خارجية أوروبا انتقدوا مرارا جرائم إسرائيل الإرهابية، لكن سامح شكري تحفظ وتلعثم، وكأنه يعبر عن »جزر ميكرونيزيا» لا عن الدولة المصرية العربية، أو كأنه يخشي تأنيبا قد يلحقه من رئيس الوزراء ووزير الخارجية الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والذي التقي شكري قبل أسابيع في مكتبه بالقدسالمحتلة، وكان اللقاء وديا حميميا، انتفخت فيه أوداج نتنياهو، وصحب صديقه شكري إلي مشاهدة مشتركة لمباراة كرة قدم أوروبية، وكلها علامات دبلوماسية علي التوافق التام، والذي ظهر لاحقا في المؤتمر الصحفي المشترك، والذي عقد علي مقربة من مشاهد اقتحام وتدنيس قطعان المتطرفين الإسرائيليين لحرم المسجد الأقصي المبارك، ودون أن ينطق شكري بحرف يدين أو ينتقد إسرائيل في المؤتمر الصحفي، والذي تحدث فيه باللغة الإنجليزية لا اللغة العربية، بينما تحدث نتنياهو باللغة العبرية، وراح يمتدح صديقه شكري، ويدين ما أسماه بالإرهاب الإسلامي والفلسطيني، بينما شكري يطأطئ رأسه (!). ومن العبث بالطبع، أن نعيد مناقشة البديهيات، أو أن نناقش »تلعثمات» سامح شكري، ومحاولته الضمنية لإنكار »إرهابية» كيان الاغتصاب الإسرائيلي، فوجود إسرائيل في حد ذاته عمل إرهابي متصل، ناهيك عن جرائمها اليومية الوحشية بحق الشعب الفلسطيني، وإذا كان شكري لا يعلم، فعليه أن يعلم ويتعلم حقائق الأساس المتصلة بالصراع العربي الإسرائيلي، فإسرائيل هي »أم الإرهاب»، وإسرائيل كيان استعماري استيطاني إحلالي، طرد شعبا من أرضه في نكبة 1948، وأكمل احتلال فلسطين في عدوان 1967، ولم يسلم الشعب الفلسطيني أبدا بضياع أرضه ولا دهس حقوقه، وصمدت المقاومة الفلسطينية الباسلة أجيالا وراء أجيال، والمقاومة المسلحة حق مطلق للشعوب الواقعة تحت الاحتلال، تقره شرائع السماء وقوانين الأرض، والمقاومة ليست إرهابا، وأيا ما كانت وسائلها، بينما الاحتلال والقمع والاستيطان هو ذروة الإرهاب، والشعب الفلسطيني لا ترهبه آلة الحرب الإسرائيلية المصنوعة أمريكيا، فهو يتحدي ويتكاثر ويثبت علي أرضه المقدسة، وعدد الفلسطينيين الآن يساوي عدد اليهود المغتصبين في فلسطينالمحتلة كلها، فوق أن نصف الشعب الفلسطيني خارج فلسطين في مواطن الشتات وديار اللجوء منذ النكبة وتوابعها، وعدد الفلسطينيين في العالم يزيد علي عدد اليهود في الدنيا كلها، والمعني أننا بصدد صراع وجودي، لن تنجح تسويات موقوتة في إنهائه، أو القفز علي حقائقه الكبري، فالصراع متصل إلي أن تعود النجوم إلي مداراتها، ويسترد الشعب الفلسطيني حقه كاملا، وبدعم من شعوب أمته العربية، التي رفضت كل تطبيع مع كيان العدوان الإسرائيلي الإرهابي، والذي دخل مع مصر في حروب دامية، كلفتنا ما يزيد علي المئة ألف شهيد ومصاب ومعاق، ففلسطين كانت وستبقي قضية وطنية مصرية، ووجود إسرائيل في ذاته خطر علي الوجود المصري في ذاته، والإرهاب الذي تواجهه مصر الآن من مضاعفات الاحتلال الإسرائيلي لسيناء، فقد ظل الجيش المصري ممنوعا محروما من حقه في التواجد بشرق سيناء علي مدي عقود، بسبب قيود الملاحق الأمنية لكامب ديفيد، والتي نزعت سلاح سيناء إلي عمق 150 كيلو مترا، وهو العار الذي دهسته قوات الجيش المصري في السنوات الأخيرة، وعادت بكامل هيئتها إلي خط الحدود المصرية التاريخية مع فلسطينالمحتلة، وخاضت وتخوض معارك التحرير الحقيقي لسيناء بكاملها، ورد الاعتبار لعقيدة الجيش المصري في مواجهة الخطر الإسرائيلي. وربما يكون علي السيد سامح شكري أن يتعلم قليلا من اللغة وقليلا من التاريخ، وأن يتذكر أنه وزير خارجية مصر وليس »وزير خارجية إسرائيل»(!).