لقاء السحاب بين أم كلثوم وعبد الوهاب فى الأوبرا    وزيرتا التخطيط والتنمية المحلية تتفقدان ممشى كورنيش النيل بسوهاج    وزير الخارجية: العلاقات المصرية الروسية تجاوزت الأطر الدبلوماسية لتمتد للشراكة استراتيجية    ماريسكا ينفي تكهنات تدريب مانشستر سيتي    الداخلية تضبط متهما بابتزاز فتاة بعد سرقة حساباتها الشخصية بحلوان    أوبرا الإسكندرية تغرد بأعمال فريد الأطرش فى ذكرى رحيله    الزراعة تصدر 20 توصية لمربى الثروه الحيوانية والداجنة لمواجهة التقلبات الجوية    الأردن يرحب بإلغاء عقوبات "قيصر" ويؤكد دعمه لجهود إعادة البناء في سوريا    10 يناير موعد الإعلان عن نتيجة انتخابات مجلس النواب 2025    رئيس الوزراء: مصر ستبقى إلى جانب لبنان في مسيرتها نحو التعافي والاستقرار    الداخلية توضح حقيقة السير عكس الاتجاه بطريق قنا - الأقصر الغربي    المهندس أشرف الجزايرلي: 12 مليار دولار صادرات أغذية متوقعة بنهاية 2025    لقاء أدبي بفرع ثقافة الإسماعيلية حول أسس كتابة القصة القصيرة    وائل كفوري يمر بلحظات رعب بعد عطل مفاجى في طائرته    «الإفتاء» تستطلع هلال شهر رجب.. في هذا الموعد    وزير الصحة يلتقي الأطباء وأطقم التمريض المصريين العاملين في ليبيا    الصحة: تنفيذ برنامج تدريبي لرفع كفاءة فرق مكافحة العدوى بمستشفيات ومراكز الصحة النفسية    توصيات ندوة أكاديمية الشرطة حول الدور التكاملي لمؤسسات الدولة في مواجهة الأزمات والكوارث    جامعة عين شمس تواصل دعم الصناعة الوطنية من خلال معرض الشركات المصرية    يبدأ رسميًا 21 ديسمبر.. الأرصاد تكشف ملامح شتاء 2025 في مصر    وزير الخارجية: العلاقات مع روسيا شهدت طفرة استراتيجية على جميع الأصعدة    حماس: محادثات ميامي لن تفضي لوقف خروقات إسرائيل للهدنة    بوتين لزيلينسكي: ما دمت على عتبة الباب لماذا لا تدخل؟ الرئيس الروسي يسخر من نظيره الأوكراني    عماد أبو غازي: «أرشيف الظل» ضرورة بحثية فرضتها قيود الوثائق الرسمية.. واستضافة الشيخ إمام في آداب القاهرة 1968 غيرت مساره الجماهيري    افتتاح مسجد نادي جامعة أسيوط بعد تجديد شامل    انطلاق مبادرة لياقة بدنية في مراكز شباب دمياط    أبرزها صدام نيجيريا وتونس.. مواعيد مباريات المجموعة الثالثة بأمم إفريقيا 2025    ندوة تناقش 3 تجارب سينمائية ضمن مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير    نيجيريا الأعلى وتونس وصيفًا.. القيمة التسويقية لمنتخبات المجموعة الثالثة بأمم إفريقيا 2025    النتائج المبدئية للحصر العددي لأصوات الناخبين في جولة الإعادة بدوائر كفر الشيخ الأربعة    أحمد شيبة ينتهي من تسجيل أغنية جديدة لطرحها في رأس السنة    عبد الغفار يبحث مع وزير الصحة الموريتاني نقل التجربة المصرية في التأمين الشامل    فضل قراءة سورة الكهف.....لا تتركها يوم الجمعه وستنعم بالبركات    نواف سلام: العلاقة بين مصر ولبنان أكثر من تبادل مصالح إنها تكامل في الرؤية وتفاعل في المسار وتاريخ مشترك    تنفيذ 27 حملة تفتيش وتحرير 156 محضرا فى حملة تموينية بالوادى الجديد    حملات أمنية مكبرة تضبط 340 قضية مخدرات وتنفذ قرابة 60 ألف حكم خلال 24 ساعة    وفاة 7 أشخاص وإصابة 5 آخرين في حريق سيارة سوزوكي على الطريق الإقليمي    سلام: العلاقة بين مصر ولبنان تشمل تفاعلا في المسار واتفاقا في الرؤى    ضبط 20 متهمًا أثاروا الشغب بعد إعلان نتيجة الانتخابات بالإسماعيلية    رئيس هيئة الرعاية الصحية يشهد ختام مشروع منحة FEXTE الفرنسية    اليوم.. الأهلي يواجه الجزيرة في دوري سيدات اليد    وفاة طبيب متأثراً بإصابته إثر طلق ناري أثناء مشاركته بقافلة طبية في قنا    وزير الزراعة يعلن خفض المفوضية الأوروبية فحوصات الموالح المصرية إلى 10% بدلا من 20%    "الوزراء": الحكومة تمنح تيسيرات لزيادة عدد الغرف الفندقية وتحويل بعض المنشآت السكنية    زراعة سوهاج: حملة إزالة فورية للمخلفات الزراعية بقرية الطليحات لمركز جهينة    وزيرة التخطيط تختتم الحوار المجتمعي حول «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية»    الزمالك في معسكر مغلق اليوم استعداداً للقاء حرس الحدود    أطعمة تقوي المناعة.. كيف يساعد الغذاء الجسم على مواجهة الإنفلونزا؟    ارتفاع حصيلة البعثة المصرية بدورة الألعاب الإفريقية للشباب إلى 65 ميدالية    الدفاع الروسية: قواتنا سيطرت على 4 بلدات أوكرانية خلال الأيام الماضية    كأس عاصمة مصر.. الإسماعيلي يتحدى بتروجت بحثًا عن الفوز الأول    أستاذ لغويات: اللغة العربية تمثل جوهر الهوية الحضارية والثقافية للأمة    أبو الغيط يرحب بانتخاب برهم صالح مفوضًا ساميًا لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة    الداخلية تضبط 20 شخصا من أنصار مرشحين بسبب التشاجر فى الإسماعيلية    جامعة السوربون تكرم الدكتور الخشت بعد محاضرة تعيد فتح سؤال العقل والعلم    هل يجوز للمرأة صلاة الجمعة في المسجد.. توضيح الفقهاء اليوم الجمعة    سنن وآداب يوم الجمعة – وصايا نبوية للحياة اليومية    محافظ الدقهلية يكرم أبناء المحافظة الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نوربرت الألماني وعمير الجزائري
يوميات الأخبار

كل ما يؤرقني :كيف قتلت 149 رجلا من الجزائر ؟ ولماذا؟؟ كيف لي أن أتخلص من هذا العار الذي يطاردني والذي كان مصدر فخر لي آنذاك ؟!
كان الوقت صباحاً عندما خرجتُ لأول مرة من بيتي الكائن في الحي القديم بمدينة بون بألمانيا حيث حطت بي الرحال للإعداد لرسالة الدكتوراه حيث وصلتُ البارحة ليلاً لم أتبين معالم المنزل من الخارج لأن الوقت كان حوالي التاسعة مساء الأحد ؛ وكانت الشوارع شبه خالية فغداً لديهم عمل، وكم عجبتُ حين عرفت أن مطار كولنKoeln الذي يبعد عن بون عشرين كيلو مترا يغلق أبوابه كل يوم في الثامنة مساء حتي السابعة صباحا لأن السكان المجاورين له اشتكوا من ضجيج الطائرات، ولذا فقد قررت البلدية إغلاق المطار ليلاً حتي ينعم الناس بالهدوء ؛ ولم أشأ أن أخرج ليلا بحثاً عن مطعم ولذلك فتحتُ حقيبتي وأخرجت بعض التمر الذي وضعته أمي بها ورحت آكل وأنا أشعر بشوق إلي الأهل والنخيل ورحتُ أردد قول الشاعر:
أشوقاً ولمَّا تمضِ بي غير ليلةٍ فكيف إذا خبَّ المطيُّ بنا عشرا
نمتُ نوما عميقاً ؛خرجتُ في الصباح،كان المنزل مكونا من قسمين متجاورين لهما حديقة مشتركة، في أثناء خروجي لمحتُ رجلاً في الخمسين من عمره تقريبا يجلس علي أريكة في الحديقة وبدا محلقاً في الورود بينما بسط كلبُه الأسود ذراعيه تحت قدميه، كان الشيب قد زحف إلي رأس ذلك الرجل بينما امتلأ جسمه الذي بدا كعمود من حجر أبيض، لم ينتبه لقدومي بيد أني بادرته بالسلام فردَّ في برود وواصلت سيري نحو جامعة بون حيث التقيتُ أستاذي البروفيسور اشتيفان فيلد العميد بالجامعة، تباحثنا معاً وعزمني علي الغداء وبعد ذلك عدت إلي المنزل : كان الرجل مايزال جالسا وكأنه لم يقف منذ تركته في الصباح لكن لمحت بجواره امرأة، سلمتُ عليهما فاستوقفني ومدّ يده قائلاً : أنا نوربرت لاي Norbert Ley، جارك، وهذه روزفيتا زوجتي، وهذا »سِدْني»‬ كلبنا الهادئ.
عرَّفتُه باسمي أيضاً، فرحَّبا بي وعرضا عليَّ أن أجلس معهما وحكيا لي عن المنزل ومزاياه وعرضا عليّ أن أتناول العشاء معهما في الحديقة فالجو كان صيفا؛ وبدأ نوربرت لاي يحكي بينما راح يحتسي كأساً من الكولا في حين أعدّت لي امرأته كوبا من الشاي:
-أنا نوربرت لاي، إنني أميل إلي العرب بعد أن كنت لا أحبهم، هكذا بدأ حديثه معي، في شبابي كنت أعمل عدة أعمال بعد أن هربتُ من بيتنا بعد مقتل أبي في الحرب العالمية الثانية وزواج أمي من آخر لم أحبه، بدأت راهبا في كنيسة قرب ميونيخ، كان العمل لايناسبني ولكني وجدت فيه الملجأ،كانت الحياة صعبة بعد الحرب، كنا نقف في طوابير حتي نأخذ كسرة خبز، في يوم من الأيام ذهبت لمشاهدة مباراة كرة قدم بين فريق كنت أشجعه وآخر، وعندما غَلب الفريق الآخر ثُرت، شتمني أحد مشجعي الفريق الآخر، خلعتُ الصليب المدلي علي صدري وشججتُ به رأسه، وألقيت بمسوح الرهبان ومضيت دونما رجعة إلي الكنيسة.
سافرتُ إلي فرنسا حيث التحقت متطوعا بالجيش الفرنسي، بعد فترة قصيرة من التدريب أرسلوني لأعمل في الجزائر، لم أكن أدرك أنها عربية، وكانت مهمتي اقتناص الجزائريين الثائرين، كان عليَّ أن أثبت براعتي في عملي ، وكم كنت قناصا ماهراً، لا يمكن أن أنسي وجوه من قتلتهم !
يتوقف نوربرت لاي عن الحديث ويروح في فترة صمت وندم، يشرب ما تبقي في كأسه فتملأ له روزفيتا كأساً آخر وتجلس أمامه محدقةً ذاهلة كأنما تراه وتسمعه لأول مرة !بينما كان سِدْني يدور حولنا:
-نعم قتلت 149 رجلاً جزائرياً........ ماذا؟؟ أحدق في وجهه، لم يكن مازحا ً بل اكتسي وجهه بالحزن والدموع، وراح ينتحب ! تتدخل روزفيتا محاولة أن تخرجه من هذه الحالة
-نوربرت لماذا لم يصل العدد إلي 150؟
-هذا ما كنت أنويه حتي أحصل علي الميدالية الذهبية لكن المشكلة أتت عندما هممت أن أقتل »‬الرجل المائة والخمسين» نفد الرصاص، طلبت من جندي فرنسي كان معي أن يعطيني رصاصة لكنه كان يحقد عليّ، ولذا رفض حتي لا أحصل علي الذهبية،وقف الجزائري يصلي في خشوع غير آبه بمصيره، تعجبت من قوة إيمانه، حاول الفرنسي أن يقتل هذا الرجل الجزائري الذي كان قد فرغت ذخيرته أيضا؛ منعتُه وركلتُه بعيداً لأنني لمحت في عينيْ الجزائري توسلا وعتابا علي الرغم من أنه كان قد قتل منا خمسة رجال، أشفقتُ عليه.سجدَ لله شكرا ولأول مرة أتذوق حلاوة الإيمان.
- سألني الجزائري : لماذا كنتّ حريصاً علي قتلي ثم علي نجاتي؟، حاولتُ أن أشرح له الأمور، وكان محاورا، لم أستطع أن أجيبه عن أسئلته،كنتُ في نظره مجرد قاتل، وهكذا كنت !، شرح لي قضيتَه؛ اقتنعت، تبادلنا البنادق الفارغة،علي بندقيته حفر اسمه »‬عمير اليوسفي» بينما كتبتُ له علي بندقيتي :»نوربرت لاي» لم يصدق الرجل أنني أمامه، لأن شهرتي كقاتل كانت تخيف الجزائريين !
ودّعته وقد قررت ألا أقتل مرة أخري، صممتُ علي العودة إلي ألمانيا،حاول القادة الفرنسيون أن يثنوني عن قراري ولكنْ هيهات، أيقظتْ كلمات اليوسفي فيّ إحساساً لم ينتبْني من قبل، عدتُ إلي ألمانيا، لم أجد عملا، حصلت علي معاش مبكر من الجيش الفرنسي، وبعد سنوات حصلت علي إعانة بطالة من ألمانيا، وأعيش هنا منذ سنوات مع روزفيتا، إنها امرأتي الثانية أما الأولي فقد طلقتني بعد أن رُزقت منها بابنتين، لا تزورانني إلا في عيد رأس السنة،رغم أنهما تسكنان في بون، أعيش وحيداً مع روزفيتا وسِدْني، روزفيتا كانت تعمل في إذاعة كولن لكنها حصلت علي معاش مبكر !
كل ما يؤرقني :كيف قتلت 149 رجلا من الجزائر ؟ ولماذا؟؟ كيف لي أن أتخلص من هذا العار الذي يطاردني والذي كان مصدر فخر لي آنذاك ؟! هذه الوجوه تزورني متوعدة كل مساء، قرأت معاني القرآن الكريم وأعجبت به ودخلت الإسلام عسي أن يغفر الله لي.
مازلتُ أحتفظ بالصور، تمضي روزفيتا لاهثة وتُحضر ألبوم الصور، ها هو نوربرت لاي بالزي العسكري، صورة مع ابنتيه وزوجته الأولي، مضي نصف الليل وهو يحكي وينتحب.! ويصمت..
تكمل روزفيتا : عندما ألمّت به أزمة قلبية في العام الماضي نقلتُه إلي المستشفي القريب منا، وعندما أفاق من غيبوبته كان هنالك رجل آخر ينام علي السرير المجاور في غرفته : حدّق كلٌّ منهما في وجه الآخر، اعتدلا:
-أنت نوربرت لاي؟
- وأنت عمير اليوسفي؟
عانق كلُّ منهما الآخر ؛ وراحا في بكاء عميق.
يلتقط نوربرت لاي الحديث »‬لقد أخطأت في حق العرب، لقد كانوا ثوارا مقاتلين بينما كنت قاتلا مأجورا.
ودعته ومضيت،كانت مشاعري تجاهه عوانا بين الكراهية والشفقة معاً ؛ في مساء كل أحد تقريبا كنت أجلس معهم ليحكي فصلا من فصول حياته التي لا تنتهي، بعد سنوات عدت إلي الوطن، كنت أذهب إلي ألمانيا كل عام لكن لم أكن أعرّج نحو بون، في العام الماضي زرت بون وبحثت عنه، قالت لي روزفيتا :لقد هجرني قبل عشرة أعوام، بحثت عنه في كل مكان لم أجده، وأخيرا عرفت أنه يعيش في بيت العجزة، سلّم عليّ وراح في صمت، كتب يومياته ومنحها إليّ. كنت أراه في السوق وقد تدلي شعر رأسه ولحيته يجرّ كلبه سدْني الذي كان يهش لمرآي أما هو فقد ظل صامتا، كان شعور من الندم يغطي ملامح وجهه، عدتُ إلي مدينة العين وفي آخر مرة ذهبت لألمانيا عرجت نحوه ؛ سألتُ موظفة الاستقبال عنه، حدقَت في عيني متسائلة :هل تعرفه؟
- نعم فقد كنا جاريْن
-متي؟
-قبل عشرة أعوام؟
-لقد مات نوربرت لاي قبل خمسة أيام !!
ماذا قدم زويل لمصر؟
عاتبني الصديق الكاتب الأستاذ محمد درويش في يومياته عما كتبتُه في صفحتي عندما تساءلت: هل لو ظل زويل بمصر وبجامعة الاسكندرية التي فصلته هل كان سيحصل علي جائزة نوبل؟؛ وله العتبي، لكني أري أن ذلك مستحيل في هذه المنظومة التي تمنح الأستاذ الجامعي 79 جنيها لمناقشته رسالة جامعية، و250 جنيها لإشرافه علي الدكتوراه خمس سنين! وفي ظل الشلل والمؤامرات.
لكن ما أحزنني هو تساؤل بعض أشباه المتعلمين في بجاحة غير مسبوقة عما قدمه أحمد زويل لمصر؟ ويكفي زويل أنه زرع الأمل في نفوس الشباب المصري والعربي وأن بإمكانهم أن ينافسوا العالم في العلوم التطبيقية والنظرية، ورفع عن العرب اتهاما أنهم غير مسهمين في العلم في العصر الحالي مكتفين باجترار الماضي، كما أنه وهو المفصول من جامعة الإسكندرية عاد إليها بعد نوبل مشجعا لهم ناسيا وقع قرار فصله عليه وأمدهم بشحنة معنوية عالية وبأجهزة علمية متقدمة، وأما مدينة زويل العلمية التي منحوه أرضا يقيمها عليها في تنازع مع جامعة النيل وكأن أرضنا قد اختفت ولم يعد بها مكان يصلح لإنشاء جامعتين دون تنازع يذكرنا بتنازع مستأجريْن علي شقة،
هذه المدينة التي صار كل أب يتمني أن يلتحق ابنه بها للسمعة العلمية العالمية بها فربما كانت طريقنا لنلحق بركب العلم.
ألم يكف هؤلاء أنه وضع لبنة في صرح العلم ستذكره ما بقي العلم وسط العلماء الكبار الذين أسهموا للبشرية جمعاء وهو علم صالح مأجور عليه،
ربما لا يفهم هؤلاء أهمية الفيمتو ثانية، لكنهم ألا يدارون جهلهم بصمتهم؟
ثم نأتي للسؤال الأهم ماذا قدّم المتسائلون حتي نقارن بين ما قدمه زويل وقدموه!
خماسيات:
1. في شوارع بعض المدن بمحافطات عدة فتحات تشبه فتحات القبور،ويسأل الصغار آباءهم وأجدادهم عنها،فتأتي الإجابة :أبشرْ الصرف الصحي؛ فيفرح الصغار، ويكبرون ويُنجبون ويسألهم أحفادهم السؤال نفسه: فيجيبون : أبشرْ الصرف الصحي،وربما يأتي يوم بعد قرون ويأخذ الظلاب في المدارس درسا، هذا نصه »‬وقد حفرت الأسرة والعشرون قبل قرون أنفاقا للصرف الصحي ولم تكملها كعادة المصريين»!،ولك الله يا مصر.
2. في قفط مساحة كبيرة تسمي الدفادف وهي منطقة أثرية بُني حولها سور، ولا أحد يعلم ما يجري خلفه، فهي ليست معابد مفتوحة للزوار والسائحين، وليست متاحف، وليست أرض بناء يبنون عليها المدارس والمستشفيات إن كانت لا تصلح معابدها! فلماذا بُني السور، ومتي ستنقبها الوزارة أو هي نُقّبت؟ أفيدونا !!
3. أين لوحة الشهداء التي كانت في ميدان محطة قنا ؟ هل كان وجودها يمنع تجميل الميدان... إن أسماء الشهداء تزين الأمكنة والأزمنة... أتمني أن تعود هذه اللوحة حتي يشعر أبناء وأحفاد الشهداء بالزهو والفخر والانتماء ولذا سعدت بوجود لوحة الشهداء في المجلس المحلي، واتمني ألا تختفي... هل يوجد أجمل من لوحة الشهداء »‬ أحياء عند ربهم يرزقون»
4. في مخازن الآثار ملايين القطع الأثرية المخزنة، وهي مطمع للسارقين؛ لماذا لا تنشئ وزارة الآثار متاحف بهذه الآثار بجميع محافظات مصر؛ وما حدث في أسوان من السطو علي المخازن كاف للتنبيه؛وماحدث من سرقة مقتنيات قصر الأمير يوسف كمال بنجع حمادي ينبهنا للخطر ؛ فالمخازن مآلها الضياع والسرقة، وتقليد القطع لتظل بالمخازن؛ والأصلي يباع في مزادات الكون.
5. لماذا لا تفيم جامعة بحلايب وشلاتين لتكون مكان جذب للشباب والسكان وتكون مختصة بالدراسات الإفريقية وعلوم الصحراء، كما أنها تقفل الكلام حول الحدود وفتنتها ؟
لا تلتفتْ إلي الوراءْ:
لا تلتفتْ إلي الوراءْ؛
فالشارعُ القديمُ مُطْفَأٌ،
والليلُ زيتُه الهوي،
ولحظةُ اشتهاءْ.
والحزنُ بدؤُه تذكّرٌ،
وليسَ - إنْ بدا - إنتهاءْ.
هناكَ حفرة الفراغِ،
والوداعِ والبكاءْ
بها تَسَيَّدَ الفناءْ
لا تلتفتْ إلي الوراءْ.
مِن الظلامِ ينبتُ الضياءْ ؛
فالغابةُ التي تركتَها ؛
ينامُ في طياتها العدمْ
وينشرُ الغبارُ طيْرَهُ بها
ويرقصُ الفراغُ في جدرانها
لا تدخلِ الغاباتِ إنْ عبرتَها
فربما إذا التفتَّ للوراءْ
ستفقدُ الطريقَ داخلكْ
هناك ألفُ قصةٍ منَ الفشلْ
وألفُ شارعٍ قدْ سَدّه المللْ
مِنَ الطللْ
سيُولَدُ الأملْ
لا تلتفتْ إلي الوراءْ
لم تُقْسَمِ العيْنان للأمامِ والوراءْ
والشارعُ القديمُ مغلقٌ
والبئرُ لم تزلْ مهجورةً
والأمسُ نائمٌ
فإنْ صحا سيُشْعلُ الحريقْ
وتفقدُ الطريقْ
والجنُّ تعزفُ الفراغَ في المساءْ
والليلُ بَدؤه الغروبُ،
والوداع مُبتدا الألمْ
لا تبتئسْ
وارمِ البذورَ في الحجرْ
سيسقطُ المطرْ
وينبتُ الشجرْ
غدٌ يجيءُ في سحابةٍ
سوداءْ
لكنَّ مِن ظلامهِ
سيبزغُ الضياءْ
لا تلتفتْ إلي الوراءْ
فالنهرُ لا يعودُ للوراءْ....
حفنة كلام
حسنا فعلت قري في الدلتا والصعيد عندما اجتمعت وقررت إلغاء نفقات الخطوبة والذهب والنيش وتأجيل غرفة الأطفال حتي تشريفهم، وهو اتجاه محمود سعدتُ به لأنه يساعد الشباب الذي يودّ أن يتعفف ولا يجد مالا، كما أنه يخفف العنوسة ويعمل علي التقليل من مظاهر التفاخر والرياء وحبذا لو فُتحت المنادر للشباب جنبا إلي جنب النوادي ليقيموا أفراحهم بها.
إن أمنية أي أم أن تتزوج ابنتها،فلماذا إذا جاءها الخاطب فرحتْ به ثم تعمل علي تطفيشه بنفقات لا فائدة منها سوي الخوف من كلام الناس، وأما القول حتي لا يأخذها بالساهل فحبذا لو وضعوا مؤخر الصداق عاليا وقائمة يوقّع عليها العريس والشهود تتضمن الذهب الذي لم يشتره.
قال المكزون السنجاري ت 1240
صَفا جَسَدي حَتّي بَدا مِنهُ قَلبُهُ / وَشَفَّ إِلي أَن بانَ ما فيهِ مِن سِرِّ
فَغَيِّبَ سِرُّ القَلبِ في سر قالِبي / كَما غابَ لَون الماءِ وَالكَأسِ في الخَمرِ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.