ما اشبه اليوم بالبارحة .. وكأننا نشاهد شريط احداث الثورة التي انطلقت في الخامس والعشرين من يناير بطريقة الفلاش باك نفس الاشتباكات ونفس الاساليب القمعية للامن في التعامل مع المتظاهرين ونفس الاصابات والوفيات ونفس المطالب والصرخات ويبدو وكأن القائمين علي ادارة شئون البلاد لم يتعلموا من دروس التاريخ او الجغرافيا وكأن حسني مبارك مازال يحكمنا .. وكأن حبيب العادلي مازال يدير وزارة الداخلية التي تحولت الي وزارة لقمع حريات الموطنين وليس لحماية الشعب ما هو الاختلاف في المعالجة بين نظام مبارك والحكومة الحالية ؟!.. الاجابة لايوجد أي فارق ودعونا نستعيد تفاصيل ما حدث خلال الفترة من 25 يناير الي 11 فبراير أي منذ انطلاق الشرارة الاولي للثورة وحتي تنحي مبارك.. تعامل مبارك مع الازمة باستخفاف مقللا من حجمها غير شاعربخطورة الوضع عاجزا عن تقدير حقيقة الموقف واتسمت قراراته بالبطء الشديد وكانت مطالب الثوار دائما اسبق من قراراته وكلما تأخر في اصدار قرار كلما ارتفع سقف المطالب حتي وصلت في النهاية الي المطالبة برحيله ثم اخيرا بمحاكمته وتعامل نظام مبارك بعنف مع المطالب الشرعية للثوار وتعامل مع القضايا السياسية بحلول امنية لم تحقق سوي مزيد من الاحتقان وخاصة بعد سقوط عشرات القتلي ومئات المصابين وعجلت هذه السياسة القمعية بانهيار النظام بعد عن عجزت الآلة العسكرية عن مواجهة شعب بأكمله خرج عن بكرة ابيه يطالب بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية ثورة نوفمبر عشرة اشهر مرت من عمر الثورة ولم يشعر الثوار بأي تحسن في احوالهم المعيشية علي العكس تدهورت الخدمات وانتشرت البلطجة وساد الانفلات الامني والاخلاقي جميع اوجه الحياة في مصروسارت محاكمات مبارك ورموز نظامه ببطء السلحفاة ولم تحقق جهود استعادة الاموال المهربة الي الخارج أي تقدم ملحوظ اوحتي غير ملحوظ ولم يحدد المجلس العسكري جدولا زمنيا لتسليم السلطة فكان طبيعيا ان تتكرر المليونيات والاعتصامات والاحتجاجات وللاسف لم تتعامل الحكومة مع هذه المطالب المشروعة بشكل ايجابي يليق بحكومة ثورة من اعظم الثورات ومازالت تحظي بتقدير واحترام العالم اجمع وكانت قمة المأساة عندما تعاملت الاجهزة الامنية باسلوب قمعي لا يختلف كثيرا عن الاسلوب الذي كان يتبعه حبيب العادلي حيث تم استخدام قنابل دخان محرمة دولياوخرطوش مدمر فقأ اعين المتظاهرين واضاع نور اعينهم وسقط عشرات القتلي والجرحي بالرصاص الحي بصورة اعادت الي الاذهان ما حدث يوم 28 يناير الصيد في الماء العكر كان طبيعيا ان يبادر رموز النظام السابق في اظهار التشفي ومحاولة الصيد في الماء العكر حيث انبري فريق الدفاع عن مبارك واعوانه ليطالب ببراءة مبارك من تهمة قتل المتظاهرين مؤكدا ان تكرار قتل المتظاهرين ومبارك في محبسه يؤكد انه لم يكن وراء قتل المتظاهرين في يناير لان القاتل في الحالتين واحد ومازال حرا طليقا .. وتساءلوا عن الفارق في الحالتين ..فإذا كان هناك متظاهرين قتلوا في يناير وتم احالة مبارك واعوانه الي المحاكمة بتهمة قتلهم فلماذا لا يتم تقديم المسئولين عن قتل المتظاهرين في نوفمبر الي القضاء ايضا؟ ياسادة باختصار شديد نحن حبسنا مبارك ورموز نظامه ولكن اذرعتهم ما زالت تتحرك وتعبث باستقرار الوطن وما زالت فلول العهد البائد تسعي بكل قوتها لاستعادة نفوذها والانتقام من الثورة التي حرمتهم من المزايا التي كانوا يتمتعون بها ولم يكن غريبا ان يقول الكاتب الصحفي الدكتور عبد الحليم قنديل رئيس تحرير جريدة صوت الأمة، إن الرئيس السابق مازال يحكم مصر حتي الآن ولكنه يقودها الآن من جناحه بالدور الخامس في المركز الطبي العالمي. وبالرغم من مرور اربعة أيام علي بدء الأحداث فمازال العنف مستمرا، حيث طالت جماهير الثورة الكثير من الاعتداءات والعنف غير المبرر من قبل قوات الأمن المركزي والشرطة العسكرية استخدم فيها العصي والقنابل المسيلة للدموع - منتهية الصلاحية - والرصاص المطاطي والخرطوش والرصاص الحي مما أسفر عن وفاة أكثر من 27 شخصاً وإصابة أكثر من 1800 حتي الان حسب تصريح وزارة الصحة ومازال العدد مرشحا للزيادة في ظل تفاقم الأوضاع. جدير بالذكر أن الولاياتالمتحدة أعلنت أنها تعتبر الغازات المدمعة المستخدمة ضدالمتظاهرين في مصادمات التحرير سلاحًا كيماويًا محرماً دولياً. ويطالب جميع الشرفاء الحكومة والمجلس العسكري، بوقف هذه المهزلة الأمنية ووقف سيل دماء المواطنين الأبرياء وسرعة التحقيق في هذه الوقائع و إقالة القيادات الأمنية المسئولة عن هذه الأحداث المؤسفة فضلا عن تقديم الجناة المتورطين في الاعتداء علي المتظاهرين السلميين للقضاء، ومنع التليفزيون الرسمي من التحريض علي مصابي الثورة والمتظاهرين السلميين المعتصمين في ميدان التحرير وتشكيل حكومة إنقاذ وطني وكفالة حق التظاهر والاعتصام السلميين اللذان كفلهما القانون والإعلان الدستوري والمواثيق والمعاهدات الدولية.