أول الكلام قناة السويس الجديدة " العبور للمستقبل " حلم +إرادة+ إدارة = انجازا تاريخيا. من السهل صياغة المعادلات، لكن التحدي يتمثل في تحويلها إلي واقع بعيداً عن التمني، والأحلام التي يحلق أصحابها بعيداً، إلا أن رغباتهم لا تسعفها امكانات حقيقية، ليس فقط مايتعلق منها بالجوانب المادية، وإنما بالأساس يرتبط بالجانب الإنساني، البشري، حيث يكون صاحب الحلم والرغبة علي المحك، أما أن يملك مقومات تجسيد الحلم، والاستثمار في المستقبل، وبناء جسور قوية للعبور باتجاهه أو يكتفي بالتحليق في الخيال، ليستيقظ بعد فوات الآوان، فيجد في كفه قبض الريح! قناة السويس الجديدة -أو بدقة الممر الموازي للمجري الملاحي الذي شقته سواعد المصريين، بالدم والعرق -لم تكن وليدة لحظة حماس تشارك فيها الشعب وقيادته ذات الحلم، إذ أن فكرة المشروع تعود إلي نحو عقدين من الزمان، غير أن صناعة الأمل، وامتلاك رؤية للمستقبل، والقدرة علي تبني مشروع قومي، لم تكن ضمن مفردات نظام لم يكن يعمل إلا وفق أچندته ومصالحه الضيقة، فلم تغادر الفكرة بعض العقول إلا إلي الأدراج أو الأوراق! .. ودارت عجلة الزمن، وثار المصريون علي نظام فاسد متكلس، تجاوزه العصر، وأصبح من نفايات التاريخ بعد أن خاصم المستقبل، وخاصمه، وانتخبوا رئيساً راهن علي المستقبل ليطرح من جديد مشروع قناة السويس الجديدة، كاختبار حاسم للقدرة علي الانجاز، وتحويل الأحلام إلي واقع، ترسيخاً لشرعية الانجاز، واستشرافاً لغد أفضل رغم انه محفوف بتحديات وتهديدات تستهدف وجوده! خلال عام انجز المصريون، شعبا وقيادة، حلمهم. بالتوازي مع معركة ضارية مع الإرهاب، لم يهدأ العمل في المشروع ليل نهار. رغم تآمر من الداخل.. بأيدي خونة محليين، ومن الخارج بعقول تسعي لتفكيك المنطقة وإسقاط مصر، رغم مشاكل اقتصادية صعبة، تم انجاز المشروع في موعده المحدد، وبخبرة وتمويل وإدارة وطنية، بعيداً عن الخبراء الاجانب وقروض الخارج. لم يكن تمويل المشروع بالاكتتاب الشعبي مصدر الفخر الوحيد للمصريين، وانما اختصار زمن الانجاز، والعمل تحت قصف الأرهاب في سيناء وفي الوادي وفي الصعيد، كان التحدي صعباً مركباً، لكن المعدن المصري الأصيل كان قادراً علي استيعابه والتصدي له ، ثم تجاوزه وصولاً إلي محطته النهائية في 6 أغسطس 2015، تماماً كما حدد القائد، وتجاوب معه الجميع من أصغر عامل حتي أكبر مسئول. عظمة قناة السويس الجديدة، أنها تجسد -مرة أخري وبعد غياب طويل- مفهوم المشروع القومي بأبعاده وأهدافه بعد أن تم ابتذال مفهوم المشروع القومي لعقود. مصر لا تعبر وحدها للمستقبل، وانما كل العالم الذي يقطف ثمار المشروع مع المصريين، لذا فإن قناة السويس الجديدة هدية من أم الدنيا لكل الدنيا ليستثمر الجميع في المستقبل عبر أهم مجري ملاحي في العالم، بعد أن شهد اكبر عملية لتوسعته خلال نحو قرن ونصف القرن من الزمان. أخيراً تحقق الحلم، ولم يكن لكتاب اليوم أن يتخلف عن الإسهام في تسجيل هذه اللحظة العظيمة في حياة شعب عظيم