توجّه الي القاضي الذي أصدر عليه حكما بالإعدام شنقا، مرددًا: "يعلم الله إنني بريء" هذه الجملة الوحيدة التى لم يردد جون لي (John Lee المحكوم بالاعدام سواها ، بكل بهدوء وطمأنينة غريبة حسده عليهما الحاضرون في المحكمة . جون لى كان بصدد معاقبته على ارتكابه جريمة قتل السيدة التى كان يعمل لديها ، كما كانت تقول ادلة الاتهام ، بينما هو يقول انه لم يكن ابدا هو القاتل، لكن الغريب انه كان في منتهى الهدوء صبيحة يوم اعدامه، قدم له سجانه آخر وجبة طعام في زنزانته ووقف السجانون متعجبين وهم يشاهدون جون يلتهم فطوره بشهية كبيرة وهو الذي ينتظر إعدامه بعد دقائق معدودة، ولم يكن جون خائفا أو مضطربا ذلك الصباح !! ومضى سجانوه معه إلى غرفة الإعدام ، كان كأنه ذاهب الى نزهة، لم يقاوم أو يصرخ او يرتعب و يجرجروه نظرا لتدهور اعصاب الذاهب الى الاعدام كما يفعل الآخرون، لم يفقد جون تماسكه حتى بعد ان لفوا الحبل حول رقبته وكانت تلك المشنقة من النوع الذي يقف فيها المحكوم على بوابة معدنية ترتبط بطريقة آلية بقبضة خشبية طويلة يسحبها الجلاد فينفتح الباب نحو الأسفل ويهوي المحكوم عليه إلى غرفة تحت المنصة ويموت في الحال وينكسر عنقه. وقف " لي " فوق منصة المشنقة وبدا متماسكا وهادئا كأن الأمر لا يعنيه، وفي تمام الساعة الثامنة صباحا قام الجلاد بسحب القبضة الخشبية التي تؤدي لفتح الباب السفلي، لكن لشدة دهشة الرجل فإن جون ظل واقفا مكانه ولم يهوي نحو الأسفل، فقام الجلاد بإبعاد جون عن المشنقة ثم استدعي ميكانيكي السجن لمعرفة الخلل في الآلة ، المثثير في الأمر ان الميكانيكي رغم انه كان متأكدا من سلامة الآلة لأنه قام بفحصها عدة مرات في اليوم السابق ، الا انه اعاد فحصها ، وتجربتها مجددا أمام الجميع، وما إن سحب القبضة الخشبية حتى انفتح الباب السفلي على الفور، وكرر الميكانيكي العملية عدة مرات حتى اطمئن الجلاد إلى أن الآلة تعمل بصورة جيدة، فقام بإيقاف جون مجددا فوق الباب السفلي ولف حبل المشنقة حول عنقه، ومرة أخرى قام الجلاد بسحب القبضة الخشبية لكن جون ظل واقفا مكانه هذه المرة أيضا ولم يتزحزح قيد أنملة ! هذه المرة امر قائد المهمة السجانين بإعادة جون إلى زنزانته ريثما يقوم ميكانيكي السجن بفحص المشنقة بصورة دقيقة لمعرفة مكمن الخلل فيها. استمرت هذه العملية لما يقرب من الساعة حتى تأكد الرجل بأن الآلة تعمل بصورة طبيعية وقام و معه السجان و قائد المهمة بتجربتها عدة مرات. في الساعة التاسعة والنصف صباحا ، اعاد السجانون اصطحاب جون من زنزانته إلى غرفة الإعدام للمرة الثانية، وتارة أخرى قام الجلاد بإيقاف جون فوق الباب السفلي ثم لف الحبل حول عنقه. هذه المرة تمهل الجلاد لبرهة قبل سحب القبضة الخشبية كأنه كان يخشى أن تفشل عملية الإعدام مجددا وهو ما حصل بالضبط عندما سحب الرجل القبضة إذ بقى جون واقفا مكانه بهدوء من دون أن يهوي إلى الأسفل. هى الثالثة اذن كما يقولون .. جميع من شاهدوا ما حدث ذلك اليوم أحسوا برعشة خفيفة تسري في أجسادهم، الجلاد ضرب جبهته بيده وكاد أن يفقد صوابه فيما تراجع السجانون إلى الوراء وهم ينظرون إلى وجوه بعضهم غير مصدقين ما يحدث، والضابط المكلف بمراقبة تنفيذ الإعدام رفض أن يقف جون على المشنقة مرة أخرى وأمر السجانين بإعادته إلى زنزانته ريثما يقوم بإخبار مدير السجن أولا بتفاصيل ما حدث في ذلك الصباح العجيب. وحضر مدير السجن بنفسه إلى غرفة الإعدام واستمع إلى شهادة الجلاد والسجانين حول ما حدث ثم قام بنفسه بسحب القبضة الخشبية فانفتح الباب السفلي للمشنقة على الفور، وأمر بإيقاف الإعدام مؤقتا ريثما يكتب إلى رئاساته العليا في لندن شارحا لهم ما جرى بالتفصيل ومنتظرا تعليماتهم ، وخلال أيام قليلة ، وصل الرد من لندن بإلغاء حكم الإعدام الصادر بحق جون لي وتخفيفه إلى عقوبة السجن المؤبد. منذ ذلك اليوم أصبح جون لي مشهورا في انجلترا باسم "الرجل الذي قهر المشنقه" !