توافق السادس من أكتوبر عام 3791 وتزامن مع العاشر من رمضان في نفس العام، يوم تاريخي عظيم في حياة وذاكرة مصر الوطنية.. يوم هز وجدان الأمة.. يوم الزلزال الذي تفجرت براكينه في مواجهة العدو الصهيوني، يوم العبور الاسطورة الذي أربك العالم أجمع لكونه متجاوزا قواميس وقواعد وعلوم التكنيك العسكري الاستراتيجي المتعارف عليها والتي تدرس بأكاديميات العلوم العسكرية في العالم، لأن قيادات جيش مصر العظيم بقيادة قائد المجلس الأعلي للقوات المسلحة الرئيس محمد أنور السادات.. اعتمدوا علي التمويه الاستراتيجي برؤية محكمة وبمنهجية غير تقليدية، كما كانت المفاجأة في تحديد ساعة الصفر في الثانية بعد الظهر في وضح النهار وهذا ما أعاد إرباك المؤسسة العسكرية الصهيونية.. وأدهش بل صدم العالم كله، الحديث هنا يحتاج إلي موسوعات ولكن الاشادة إلي التخطيط العلمي والمنهجي وأضيف مصطلحا جديدا وهو »الابداع التكتيكي العسكري» لأنه يتسم بقدرة فذة في الابتكار والتحديث علي جميع المستويات العسكرية منها الآليات والأفراد وثقافة المقاتلين الأفذاذ الذين حققوا نصرا غير مسبوق في تاريخ الحروب علي مستوي العالم، فعبور المانع المائي في التكتيك العسكري يعني القضاء علي أكثر من 57٪ من الجيش العابر خاصة في وضح النهار، إذن لماذا كانت خسائرنا من الأفراد المقاتلين علي مستوي جبهة القتال من بورسعيد شمالا وحتي السويس جنوبا أقل من 52٪ لسبب آخر مهم بالاضافة لما أشرت إليه عاليه وهو التمويه الاستراتيجي.. وهو «حائط الصواريخ» الذي شيد في عهد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر الذي قصف ذراع اسرائيل الطويلة المتمثلة في سلاح الطيران وقد منع حائط الصواريخ الطيران الاسرائيلي من الاقتراب من مجري قناة السويس بمسافة تقدر بعشرين كيلو مترا، وهذا لم يمنع جميع الأسلحة الثقيلة للعدو الصهيوني بأن تصب نيرانها بكثافة مرعبة علي مجري القناة أثناء العبور ولكن كان هذا الوابل من النيران عشوائيا لأن جميع الاسلحة الثقيلة في العمق كانت تستهدف دائما المواقع الأمامية لقواتنا المصرية ومواقع مدفعياتنا الثقيلة في العمق، فعنصر المفاجأة أربك العدو الصهيوني وشل حركته حتي في المواقع المرابضة علي الجانب الشرقي للقناة التي فوجئ بالمقاتلين المصريين فوق رءوسهم في مواقفهم وجها لوجه وقضوا عليهم واستولوا علي خط بارليف الحصين في ساعات معدودة، وأضيف سبب آخر جاء وفق الخطة المحكمة والمتزامنة والتي سبقت عملية العبور بدقائق وهي دور القوات الجوية بقيادة الرئيس الأسبق مبارك والتي نفذت مهمتها باقتدار ودقة وتركزت بتدمير مراكز القيادة والمطارات ومواقع الصواريخ والمدفعية الثقيلة في «عمق سيناء» فشلت القدرة علي السيطرة تماما بعد تدميرها، هذه أسباب توضح للقارئ العزيز علي مدي شجاعة وجسارة المقاتل المصري وفدائه في سبيل عزة وكرامة الوطن والحفاظ علي كبرياء وعظمة مصر، أعود إلي حائط الصواريخ الذي بني علي مسافة أكثر من 041 كيلوا متر بناه عمال ومهندسون مدنيون وعسكريون نهارا تحت وابل من قنابل وصواريخ العدو الصهيوني فقررت القيادة بأن يتم البناء ليلا.. فأدرك العدو هذه الحيلة فحوَّل سماء المواجهة بالكامل بالطلقات المضيئة المحمولة بالبراشوت حتي يستطيع طيران العدو من القذف ليلا بصواريخه.. وبالرغم من ذلك كانت ارادة وإصرار وتحدي العمال والمهندسين من استكمال بناء حائط الصواريخ واستشهد الآلاف منهم وتم بناؤه ونصبت محطات الصواريخ علي مستوي الجبهة وكانت المفاجأة للعدو الصهيوني، هذا الحائط الصاروخي امتزجت دماء الشهداء بكل جزء فيه واصبحت جزءا لا يتجزأ من روح الارادة والتحدي التي تركها شهداؤنا الأبرار، بناء حائط الصواريخ «ملحمة» تدرس «والعبور» أيضا، وسلاح المهندسين ملحمة، والاستطلاع خلف الخطوط وفي عمق العدو ملحمة، ونسور مصر ملحمة والمدرعات وقوات الصاعقة والمشاة وكل فصائل القوات المسلحة..حتي السائقين والطباخين الذين كانوا يعدون الغذاء للجنود.. الخ. فتحية لأرواح الشهداء، وتحية للأبطال الأحياء، وتحية واجبة لأبناء وأحفاد وأمهات الشهداء.. الذين يحتاجون إلي لمسة وفاء.. لمسة تعمق فيهم الارتباط والانتماء.. «ونهر الفن» يقترح علي القائد العام للقوات المسلحة «السيسي» بأن يكون احتفال أكتوبر القادم بأن يتصدر المشهد الأبطال الأحياء، وأبناء وأحفاد وأمهات وأباء الشهداء، وتكريم الأبطال.