منذ عدة اسابيع كتبت في هذا المكان عن حالة الفتور التي انتابت العلاقة بين مصر والعديد من الدول العربية الشقيقة في منطقة الخليج في أعقاب تولي جماعة الإخوان مقاليد الحكم في مصر. لم يكن هذا التطور سوي رد فعل لسياسات هذه الجماعة التآمرية الي جانب ما اتسمت به تصرفاتها الداخلية من تعارض مع ما كانت تعرفه شعوب هذه الدول من خلال روابط الإخوة والمصاهرة من اصالة السلوك الاخلاقي والتعامل المصري القومي والانساني. هذه الدول اصابتها خيبة امل شديدة تجاه هذه الجماعة التي كانت قد فتحت أبوابها للعديد من اعضائها للعيش والكسب الذي اضاف إلي خزائنهم عشرات الملايين من الدولارات. انهم لم يحفظوا الجميل كما سبق وأعلن ذلك المرحوم الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير داخلية السعودية - رحمه الله - من عدة سنوات عندما اتهمهم في مؤتمرين صحفيين بالتآمر علي أمن واستقرار المملكة العربية السعودية. لقد امتد هذا المخطط الذي عانت منه المملكة السعودية بشكل خاص من خلال الخلايا والتنظيمات الي دولة الامارات العربية والي الكويت - وبعد النجاح في السطو علي ثورة 52 يناير التي قام بها الشعب المصري اعتقدت الجماعة أن الطريق اصبح مفتوحاً أمامها لارتكاب المزيد من جرائم التآمر استغلالا للعلاقة الخاصة والوثيقة التي تربط هذه الدول بمصر وشعبها. اعتمدت علي بعض ضعاف النفوس من أبناء الجاليات المصرية العاملة هناك الذين دفع بهم سوء الحظ والجهل إلي السقوط في حبائل الخداع والتضليل الإخواني. أدت هذه السلوكيات التي تدل علي عدم الأخلاقية إلي اثارة الشكوك حول ما يتعلق بالعلاقة الرسمية مع النظام الإخواني الحاكم في مصر وليس مع الشعب المصري. كان من الطبيعي أن ينعكس هذا الوضع سلبا علي التعاقدات الجديدة لاستجلاب العمالة المصرية. كان من نتيجة ذلك تجميد الاستثمارات الخليجية باستثناء ما كانت تقدمه دولة قطر التي تطلعت تحت حكم الشيخ حمد وتابعه الشيخ جاسم أمكانية أن تعيد حكاية الفيل والنملة أي ان يتاح لها الفرصة لأن تسيطر بمالها وعمالتها الخارجية علي مقدرات مصر. من ناحية أخري توقف سيل المعونات التي كانت تصل إلي مصر دون أي طلب والتي كانت تتواصل رداً لجمائل مصر وحفاظاً علي دورها في حماية الأمن القومي العربي. كان ذلك ساريا بالنسبة للمملكة السعودية ابان فترة حكم خادم الحرمين الملك فهد وكذلك حكم الملك عبدالله الحالي. وفي هذا المجال فإن الشعب المصري لا يمكن أن ينسي ما كان يقدمه الراحل العظيم الشيخ زايد بن نهيان (رئيس دولة الامارات) واولاده في كل مناسبة علاوة علي تمويل العديد من المشروعات التنموية والخدمية. في نفس الوقت فإن دولة الكويت لم تتوان عن الوقوف الي جانب مصر اعترافا بفضلها خاصة وبدورها في عملية تحريرها من احتلال صدام لارضها. ان سقوط حكم الإخوان التآمري في مصر كان مبرراً لإعادة الدفء الي العلاقات المصرية مع هذه الدول الشقيقة وهو ما تمثل في اسراعها للمساهمة في ازالة تأثيرات الدمار والخراب الذي خلقه حكم الاخوان. بالطبع فإن هناك فرق بين ما سوف تقدمه هذه الدول وما كانت تسعي اليه دولة قطر في تعاملها مع مصر حيث كانت تحلم بارتداء ثوب لا يتناسب مع حجمها ولا تاريخها ولا امكاناتها. ليس من توصيف لهذا التطور في علاقات مصر العربية بعد ثورة 03 يونيو سوي انها عادت مرة أخري لاحتلال مكانتها التاريخية في قلب الأمة العربية.