يترقب العالم الآن ما ستسفر عنه الساعات القادمة من تغيرات جذرية في المشهد المصري في ضوء الإنذار الأخير الذي وجهته القوات المسلحة بأنها ستتولي مقاليد الأمور في البلاد ما لم تتحقق مطالب الشعب المحتشد بالملايين في ميادين مصر ويطالب برحيل الرئيس . وفي استدعاء لما حدث إبان ثورة يناير ، بدأ كبار مراسلي الصحف العالمية ومحلليها ممن غطوا هذه الثورة يتوافدون علي القاهرة لمتابعة مجريات الأمور علي الأرض وسط توقعات بأن ما يجري يمكن أن يغير وجه الحياة في مصر من جديد . كانت مهلة الثمان في والأربعين ساعة التي أعطاها الجيش للرئيس محمد مرسي لتلبية مطالب الشعب هي الحدث الأبرز في التغطية العالمية . صحيفة " جارديان " البريطانية في تقرير أعده الكاتب البريطاني باتريك كينجسلي كبير مراسليها في الشرق الأوسط من القاهرة حيث يغطي الأحداث الجارية نقلت عن أحد مساعدي الرئيس مرسي لم تفصح عن اسمه قوله : "نري أن ما حدث انقلاب عسكري ، ولكن الرئاسة علي قناعة أن الانقلاب لن يحدث إلا بموافقة أمريكية ". وقالت جارديان إن نفس مساعد الرئيس كان قد ذكر لمراسلها يوم أمس الأول قبل بيان الجيش إن الرئاسة تأمل في استمرار التأييد الأمريكي ، وترجح ألا يخاطر الجيش بإثارة غضب الولاياتالمتحدة التي تقدم له معونات ضخمة ". ويقول كينجسلي إن الرئيس المصري مازال يرفض الانحناء أمام مهلة اليومين التي أعطاها له الفريق أول عبد الفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة. ويضيف أن مصر واجهت اضطرابات بعدما أوضح مساعد للرئيس المصري أنه لن يذعن لتهديد بانقلاب عسكري . ويقول إن الرئاسة المصرية تنظر إلي بيان القوات المسلحة علي أنه انقلاب عسكري. وتضيف الصحيفة أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما أشار الاثنين إلي أن مرسي لم يفقد التأييد الأمريكي ، حين قال : " لا نتخذ مثل هذه القرارات وفقا لعدد المشاركين في المظاهرات الاحتجاجية ، بل وفق موقف الحكومة ، وهل تستمع إلي مطالب المعارضة". وتضيف الصحيفة أنه علي الرغم من هذا، تشير الأحداث في مصر إلي بدء تغير الأحوال، حيث استقال وزراء وأحرق مقر الإخوان المسلمين ، وهذا يذكر بإحراق مقر الحزب الوطني ، حزب الرئيس السابق مبارك. وفي مقاله بصحيفة " إندبندنت " البريطانية قال الكاتب البريطاني الأشهر روبرت فيسك الموجود الآن بالقاهرة كما كان حاضرا طيلة أيام ثورة يناير - لتغطية الأحداث : إن إنذار رئيس منتخب ، خاصة إذا كان تابعا للإخوان المسلمين ، بأن أمامه 48 ساعة فقط لكي يصحح مساره ، و يتفاوض مع معارضيه يعني أن مرسي خسر الكثير ". ويتساءل فيسك : "هل يمكن للإسلاميين إدارة شؤون دولة ؟ ". ويقول إن مصر كانت الاختبار الحقيقي الأول لتجربة حكم الإسلاميين ، والآن يطالبهم الجيش المصري بإثبات صحة مزاعمهم عن أنهم أهل للحكم ". ويقول فيسك : " الجيش يقول إن الإسلاميين أخفقوا ، وإذا لم ينجح مرسي في تسوية خلافاته مع المعارضة فإن الجيش سيعد "خارطة طريق" لمستقبل البلاد. ويتساءل فيسك : " تري مم ستتكون خارطة الطريق التي أعدها الجيش؟ .. هل ستشمل إجراء انتخابات مبكرة ؟ ويجيب : " هذا من غير المرجح ، إذ لن يقوم جنرال بخلع رئيس ليواجه رئيسا آخر ". ويضيف فيسك إن الحكم العسكري سيكون شبيها بالمجلس العسكري ، الذي تولي شؤون البلاد بعد تنحي مبارك . وحول موقف إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما مما يجري في مصر ويقول فيسك إن الولاياتالمتحدة في نهاية المطاف ستدعم وتؤيد الضباط الذين أسماهم ب "حماة الأمة". ويضيف فيسك أن معارضي الإسلاميين كانوا دائما يقولون إذا فاز الإسلاميون في انتخابات حرة فليفوزوا ولنر إن كانوا سينجحون في حكم البلاد ، ولكن الإسلاميين أهدروا الوقت في محاولة فرض دستور يروق للإخوان المسلمين ، ودعم قوانين مناهضة لنشاط جماعات حقوق الإنسان وجمعيات المجتمع المدني، كما أن نسبة 51 في المئة من الأصوات التي حصلوا عليها في الانتخابات لم تؤهل مرشحهم مرسي كي يكون رئيسا لكل المصريين". ويختتم فيسك مقاله بقوله : إن مطالب ثورة 2011 - خبز وحرية وعدالة اجتماعية - لم تتحقق ، ويتساءل : " تري هل يمكن للجيش أن يكون أكثر نجاحا من مرسي في تحقيق هذه المطالب؟ ". وقالت صحيفة " نيويورك تايمز الأمريكية " أمس إن مصر تشهد مهلة مدتها 48 ساعة محفوفة بالمخاطر اعتبارا من أمس الأول عندما اعطي الجيش مهلة لرئيس الدولة محمد مرسي لتسوية خلافاته مع المعارضة. وأوضحت الصحيفة ، أن المتظاهرين جددوا دعواتهم لخلع الرئيس مرسي من منصبه فيما تعهد حلفاء الرئيس الاسلاميين للنزول إلي الشوارع لوقف ما وصفوه بانقلاب عسكري. وأشارت إلي ان البيان الذي تم قراءته علي شاشة التلفاز طالب الرئيس بتلبية مطالب الشعب في غضون يومين أو سيفرض الجيش خارطة طريق لمواجهة الأزمة. وأضافت الصحيفة أن بيان الجيش يبدو انه صعد من حالة المجهول، التي تشل الدولة حاليا إلي جانب الاقتصاد المتدهور الذي دفع الملايين إلي النزول إلي الشوارع للمطالبة برحيل مرسي ، بدلا من تلطيف حالة المواجهة المتضطربة بين معارضي مرسي وأنصاره. وأضافت أنه ليس واضحا ماذا يعني الجيش عندما قال انه يجب علي الرئيس مرسي تلبية مطالب الشعب وما الذي سيفعله في حال عدم تلبية هذا الشرط الغامض إلي جانب من الشخص الذي في مقدروه توحيد هذه الأمة المنقسمة. وفي باريس ، تصدرت تطورات المشهد السياسي في مصر وبيان القوات المسلحة عناوين الصحف الفرنسية ومقالات كتابها الصادرة أمس. وتبت صحيفة "لوفيجارو" اليومية تحت عنوان "مصر.. مهلة الجيش للقادة السياسيين" أنه "بعد يوم واحد من المظاهرات الحاشدة التي شهدتها ربوع البلاد الأحد 30 يونيو، أعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة أنها تمهل كل القوي السياسية 48 ساعة للاستجابة لمطالب الشعب وتحمل أعباء الظرف الراهن والاتفاق علي خارطة طريق للفترة المقبلة، وذلك في الوقت الذي يواصل فيه عشرات الآلاف من المتظاهرين تظاهراتهم في القاهرة والإسكندرية والمدن الكبري" ما بين مؤيد ومعارض للرئيس مرسي. وأضافت أن "الجيش المصري رفض في وقت لاحق المزاعم التي تفسر بيانه علي أنه انقلاب". وأشارت صحيفة "لوموند" الفرنسية إلي بيان الجيش استقبل في ميدان التحرير بالقاهرة بالبهجة والفرح والهتافات ، في الوقت الذي حلقت فيه خمس مروحيات عسكرية في سماء القاهرة رافعة العلم المصري. وذكرت قناة "فرانس 24" الإخبارية الفرنسية في تقريرها أمس- أن "بيان رئاسة الجمهورية الذي صدر صباح الثلاثاء، تجاهل المهلة التي أعطتها القوات المسلحة لتحقيق مطالب الشعب خلال 48 ساعة".