علماء الدين أكدوا أن العائدين من الحج عليهم الإفادة من شعائره الداعية إلي السمو الروحي والعفة وكظم الغيظ وترك الجدال. واللين والرفق والسكينة كما قال صلي الله عليه وسلم: حين سمع جلبة وصخباً في الدفع لمزدلفة "أيها الناس عليكم بالسكينة. فإن البر ليس بالإيضاع" يقصد الإسراع. د. عفاف النجار عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات بجامعة الأزهر قالت: يفيد الحاج من شعائر الفريضة عددا من المعاني المهمة التي يجب عليه أن ينشرها في المجتمع من حوله وتتمثل في إنكار الذات والاندماج في المجموع بما يشعره بقيمة الجماعية في الأداء التي ضاعت داخل المجتمع الإسلامي بصفة عامة حيث يحرص كل فرد علي النجاة بنفسه . وأصبحنا نمتثل مقولة: أنا ومن بعدي الطوفان وبالتالي تغيب عن كثير من المسلمين أحوال إخوانهم لفقدان الجماعية في الحاضر. لذلك كان السعي إلي تنمية الوجود الجماعي درسا مهما في الحج. ومن المنافع غير الظاهرة التي يجب أن نسعي لاستثمارها مستقبلا ليكون المسلم علي صلة بجيرانه . ومن يقيموا معه في مكان العمل أو السكون. فالمرء قليل بنفسه كثير بإخوانه. وهذا ما يهدف إليه الإسلام من الاعتصام بحبل الله جميعا. وهذا ينقلنا إلي درس التربية علي التواضع. وإنكار الذات في العمل الجماعي المشترك. وهذا يؤكد عمق معاني الأخوة الإيمانية والوحدة الإسلامية التي تسعي التكاليف والفرائض الإسلامية للارتقاء بها.في ظل ذلك المؤتمر الإسلامي الجامع. فنسمع كثيرا عمن يموتون داخل مساكنهم ولا يسمع بهم أحد وعمن لا يجدون قوت يومهم ولا يسأل عنهم جيرانهم. وغير ذلك من المآسي التي يعيشها أهل ذلك العصر الذي لنتفت منه الرحمة وصارت المادية طاغية علي كافة أركانه. أضافت: ان رسول الله صلي الله عليه وسلم أوضح في خطبة الوداع أن المسلمين عليهم أن يأخذوا منه ما أبلغهم به. وردد عليهم بقوله: ألا هل بلغت فيردون عليه بلي . فيقول لهم في الثانية ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب. ومن مضمون خطبته صلي الله عليه وسلم: المسلم أخو المسلم. لا يظلمه ولا يسلمه. ولكن لا نعيش في العصر المتقدم تكنولوجيا كما يطلقون عليه معاني الأخوة الإسلامية. ونذهب إلي الحج لنحصل علي لقب فقط مع أن الحسن البصري رضي الله عنه وصف الحج المبرور بأنه الذي يرجع من يؤديه زاهداً في الدنيا. راغباً في الآخرة. مستدلا بقوله تعالي: "والذين اهتدوا زادهم هدي وآتاهم تقواهم". والزهد في الدنيا يتحقق بفعل ما يرضي الله ورسوله. وأغلب الظن أن ما نعيشه اليوم من تكاسل وتراخي عن فعل الواجبات والابتعاد عن المعاصي والمنكرات لن يرضي الله ورسوله. د. كوثر المسلمي الأستاذ بجامعة الأزهر قالت: ان رحلة الحج إيمانية أخلاقية تربوية. يجب أن تترك أثرها في سلوك الحاج في تعامله مع الآخرين واستقامته. بل وفي حياته كلها. من حيث تغير حاله وسلوكه إلي الأحسن والتوجه إلي الاستقامة والصلاح. وقد ذكر العلماء أن من علامات قبول الحج تبدل حال الحاج إلي الأحسن والأفضل في أمور الدين. بحيث تؤدي العبادات غرضها ولا تتحول من عبادات إلي مجرد عادات تقليدية فقط. وإن كانت تلك الصفة طغت علي الكثير من تصرفات حياتنا تجاه عباداتنا. فالحج يحث المسلم علي الارتقاء بمعاني الأخوة التضامنية وإعلاء قيمة المرأة وذلك ما ورد النص عليه في خطبة الرسول الجامعة ولو استحضر كل مؤدي لفرضية الحج ما يقوم به خلال الرحلة من مساعدة الضعفاء من الشيوخ والنساء وقام بتنفيذ ذلك عمليا مع زوجته وبنته والمرأة بصفةعامة لما وجدنا جمعيات مغرضة تستهدف الأمن القومي تتعلل بالمرأة وما يقع عليها من ظلم. وهذا ما أوضحه الرسول في خطبته الجامعة بقوله: النساء عوان عندكم. أخذتموهن بأمانة الله. واستحللتم فروجهن بكلمة الله. لكم عليهن حق. ولهن عليكم حق. وبالتالي كما يجب أن يتفاعل الرجل تجاه المرأة في تنفيذ الاستحقاقات الشرعية والواجبات المطلوبة. فعلي الجانب المقابل فإن المرأة مطالبة بأن تتقي الله في بيتها وزوجها وتكون عونا له علي متاعب الحياة. فلو اقتصرت فوائد الحج علي ذلك المضمون لاستطاع المجتمع أن يتقدم بنسبة مائة بالمائة. فالأسرة هي حائط البناء الاجتماعي الأول الذي يرغب الغرب في تحطيمه. وللأسف قد نجح في ذلك بنسبة مؤسفة. ظهرت تداعياتها علي التحلل الاجتماعي الذي نعيشه حاليا. وبالأولي أن نستعيد مضامين النجاح والتقدم. وأن نتخذ من طاعتنا لخالقنا وسيلة انطلاق لتحقيق التقدم الدنيوي. فمن لم يستجب لأوامر خالقه فحجه مشكوك في قبوله. أضافت: أن الوقوف علي عرفات والإفاضة منه يمثل صبرا علي الطاعة وهجران المعاصي. والتيسير في الأخذ بالمعاني الفقهية التي تحفظ علي المسلم حياته. والارتقاء الفكري لدي علماء المسلمين بما يدحض معاني الإرهاب الذي يحاول أعداء الدين إلصاقه بديننا تحت مزاعم متباينة رغبة في احتلال أراضينا وتأمين مستقبل المستعمر الإسرائيلي. ورغم ذلك نختلف علي أنفسنا وحول قضايانا المهمة. ويسعي كل منا لحال سبيله وكأن تلك القضايا لا تشغله. والخشية أن يأتي وقت نقول فيه أكلت يوم أكل الثور الأبيض. فمن لم تشغله قضايا المسلمين فليس منهم. والفرقة والعزلة ذنب والإفاضة منه بالهجر إلي التعاون الشامل هو المأمول والمتوقع من المسئولين والأفراد الذين يؤدون فريضة الحج.