مملكة البحرين.. المملكة الهادئة الآمنة المستقرة المحبة لمصر وشعبها وكل ما فيها والتي يحرص قادتها علي الإشادة بمصر ودور المصريين في تعليم أجيال وأجيال من البحرينيين.. هذه المملكة الجميلة في حالة من الثورة بسبب مستشار قانوني مصري ارتكب جرماً كبيراً لا يغتفر وأوقد نيران فتنة طائفية كانت البحرين قد نجحت في أن توقف اندلاعها بعد سنوات من الشد والجذب. فالمستشار القانوني المصري وهو مستشار لرئيس غرفة تجارة وصناعة البحرين سمير ناس دخل في حوار مع أحد التجار من الطائفة الشيعية البحرينية من أعضاء الغرفة وتبادل معه السباب واتهمه بالحصول علي تمويل من إيران لكونه شيعياً. ولأن الاتهام كان يحمل معاني الخيانة والعمالة. فإن الجدال لم يعد نقاشاً بالألسنة وإنما اشتباك بالأيدي وبالصراخ وبمزيد من الشتائم. ولأننا أيضا في عصر "الفيس بوك" فإن الشجار الذي كان يمكن أن يتم احتواؤه داخل الاجتماع علي أنه نوع من الانفعال الخاطئ والتجاوز المرفوض أصبح منتشراً علي مواقع التواصل الاجتماعي وتحول إلي قضية رأي عام دفعت وزير الخارجية البحرينية الشيخ خالد بن أحمد إلي أن يتدخل وأن يعلق علي ما حدث بأن من تجاوز في حق الشيعة هو "دخيل". وعندما تتحول أي قضية إلي قضية من قضايا التربص والترصد فإن الذين يحاولون الاصطياد في الماء العكر وإثارة الأزمات يجدونها فرصة ملائمة لإقحام موضوعات أخري لا علاقة بها بالحدث ولا بحجمه.. وهذا هو ما حدث عندما تحولت القضية إلي حديث طائفي يتعدي الحدود إلي المساس بآخرين. * * * ونواصل الحديث مع ما حدث حيث تم إلقاء القبض علي المستشار المصري في المطار قبل سفره أول أمس "الجمعة" ويتم التحقيق معه الآن في ضوء عدة اتهامات ستوجه إليه. وبعيداً عن التحقيق والتحقيقات فإن ما حدث هو سلوك خاطئ مرفوض ومدان من شخص لم يكن علي مستوي المسئولية ولا يمثل مصر ولا المصريين ولا يعبر إلا عن نفسه وللقانون أن يقول في ذلك كلمته. ولكننا نتحدث عن الهدوء الذي يجب به التعامل في هذه القضايا في بلد هو نموذج للتسامح والسلام الاجتماعي حتي في أصعب وأحرج أوقات الخلافات الطائفية المقيتة والعقيمة. فلم يحدث من قبل أن كان هناك مثل هذا السلوك المعيب من أحد أفراد الجالية المصرية التي تعيش في البحرين والتي تمثل جزءاً من نسيجها الاجتماعي والتي لم تكن يوماً من الدخلاء وإنما كانت دوماً وستظل سنداً وقوة لشعب بحريني عريق وأصيل وعروبي يعشق ويحب ويقدر كل ما هو مصري ولا يعتبره أبداً غريباً أو وافداً. * * * ونترك البحرين التي لن تتوقف كثيراً أمام مشكلة فردية من هذا النوع ونذهب إلي محافظة البحيرة حيث تابعنا بكل الألم الحادث الغريب الذي شهدته المحافظة حيث لقيت فتاتان من عائلة واحدة مصرعهما لتناول الحبوب السامة الخاصة بالغلال.. وعندما علمت والدة احداهما بذلك اصابتها حالة من الحزن والهيستريا وتوفيت بأزمة قلبية.. وعندما علمت الابنة الصغري بوفاة والدتها وشقيقتها فإنها اقدمت علي الانتحار قفزاً من بلكونة منزلها. والحادث نوع من الدراما الحزينة السريعة التي تدمع الأعين وتمزق القلوب.. وربنا يرحمهم فلا يوجد ما يقال أو ما يمكن القيام به. * * * ونترك المشاكل والحزن ونتحدث عن باعث البهجة في النفوس عن اللاعب الذي أجبر مصر كلها علي متابعة الدوري الإنجليزي وملاحقة أخباره الشخصية والتفاعل معه.. عن اللاعب الوحيد الذي يفرح له كل الناس ويتمنون له الخير.. عن أبو مكة محمد صلاح الذي أصبح نجم النجوم وسفير التسامح والمحبة والتواضع. وقد علق يورجن كلوب المدير الفني لفريق ليفربول علي التقارير الصحفية التي تتحدث عن وجود خلافات بينه وبين محمد صلاح قائلاً: "لا تصدقوا 3% مما ينشر علي مواقع التواصل الاجتماعي"..! والحقيقة أن النسبة التي ذكرها وهي 3% هي نسبة كبيرة. فلا يجب أن نصدق 1% مما يقال علي مواقع التواصل الاجتماعي فمعظم ما يقال يأتي من خيالات مريضة ونفوس حاقدة تكتب وتنشر ما تتمني وترغب في حدوثه بعيداً عن الحقيقة والواقع. والذين يعيشون الحياة علي مواقع التواصل الاجتماعي طوال الوقت ليس لديهم ما يقومون به من عمل أو مسئولية.. ولا يملكون القدرات علي إثبات أنفسهم بالعمل والإبداع فلا يجدون ضالتهم إلا في إيذاء الآخرين ونشر الاشاعات والأكاذيب حولهم.. وهذا هو ما يحدث مع محمد صلاح.. وهذه هي ضريبة التألق والنجاح. * * * ومع الاخبار المفرحة فإن انخفاض الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري مازال مستمراً.. وهناك توقعات بوصول الدولار إلي ما يعادل 16 جنيهاً مصرياً بعد أن كان الدولار في طريقه لتجاوز ال18 جنيهاً. وانخفاض الدولار بسبب زيادة الاستثمارات الأجنبية إلي مصر وبفضل وقف استيراد السلع غير الضرورية وبفضل نجاح السياسات المالية للبنك المركزي يمثل مؤشراً آخر علي أن القادم أفضل وأن من حقنا أن نتفاءل ونستبشر خيراً. * * *