ترتبط سياسة ليبيا وتاريخها كثيرًا بالجوار الأوروبي وبخاصة إيطالياوفرنسا اللتين أطاحتا بنظام العقيد الراحل معمر القذافي في بدايات الربيع العربي في 2011 . كما أن تلك الجارتين جثمتا علي صدر ليبيا طوال عقود من الاستعمار تصارعتا فيها علي نهب خيرها. وفي العام الماضي كان لفرنساوإيطاليا دور أكثر تدخلا في السياسة الليبية أدي إلي تعقد الأوضاع هناك. ويقول كثيرون من بينهم مسئولون فرنسيون وإيطاليون إن النزاع علي ليبيا نتاج اختلاف المصالح الفرنسية والإيطالية في ليبيا. فمصالح إيطاليا الاقتصادية تقع في طرابلس والغرب الليبي الذي تسيطر عليه حكومة الوفاق الوطني. فيما تهتم فرنسا بفرض أي شكل من أشكال النظام في الجنوب الليبي الخارج عن السيطرة ويتحكم فيه مهربون وشبكات إجرامية وما يسمي بالإرهاب الذي يهدد دائرة النفوذ الفرنسية التقليدية في الساحل الإفريقي. أدي ذلك أن تنشر فرنسا قوي قوامها أربعة آلاف وخمسمائة جندي ودعم المشير خليفة حفتر دون غيره لإيمانها بأنه قادر علي إعادة الاستقرار واقتلاع جذور الارهاب من ليبيا. ويؤدي التنافس الحالي بين باريسوروما علي زعامة الأصوات العالمية بشأن الأزمة الليبية إلي مضاعفة مشاكل ليبيا القائمة والخطيرة بالفعل. فقد سعت إيطاليا إلي تأمين مصالحها في طرابلس عبر الأخذ بزمام المبادرات الدبلوماسية. ففي 31 يوليو الماضي زار رئيس الوزراء الإيطالي جيوسبي كونتي البيت الأبيض في واشنطن حيث بكّر بإعلان عقد مؤتمر باليرمو حول ليبيا الذي بدأ أمس في ايطاليا ما يراه بعضهم محاولة إيطالية لإزاحة فرنسا عن مكانتها الريادية في الشأن الليبي. أما عن فرنسا نفسها. فلم يلبث أن تولي ماكرون منصبه في مايو 2017 إذ عقد بعده بشهر فقط اجتماعًا في باريس مع رئيس الوزراء الليبي فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبي المعترف بها دوليًا وكذلك مع الجنرال حفتر ذي النفوذ القوي خاصة في الشرق الليبي لتنسيق جهود وقف إطلاق النار ووضع خطة الانتخابات وكما بكرت روما إعلان مؤتمرها قبل عقده بشهور. سارع ماكرون أيضا إلي عقد القمة قبل أسبوع فقط من تشكيل الحكومة الإيطالية كي لا تستطيع الحضور علي المستوي السياسي. إلا أن المبادرة الفرنسية كانت في حقيقتها عقبة. سواء بقصد أم بغير قصد. أمام خطة العمل التي ترعاها الأممالمتحدة وأعلنها مبعوث الأممالمتحدة الخاص إلي ليبيا غسان سلامة في سبتمبر 2017. وفي مايو الماضي دعا ماكرون أربعة من القادة الليبيين من ضمنهم السراج وحفتر إلي باريس لتوقيع خطة لتأجيل الانتخابات إلي 10 ديسمبر المقبل. وهو تاريخ يراه كثيرون غير واقعي. يسعي ماكرون من خلال ذلك إلي القفز علي خطة الأممالمتحدة لإثبات زعامته في الشأن الليبي إلا أنه قدم بذلك حجة سهلة للفصائل الليبية التي تعرقل الجهود الدولية لتأجيل مفاوضات النية الحسنة مع الأمم المتحدة