أكتب لكم اليوم عن الفريدة فريدة.. نكتب عن ابنة مصر التي تستحق أن تكون إنجازاتها في صدارة نشرات الأخبار وفي الصفحات الأولي للصحف. نكتب عن الفريدة فريدة عثمان أفضل رياضية أفريقية والتي شرفتنا في دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط بالحصول علي ميداليتين ذهبيتين وتحقيق رقم قياسي جديد في سباحة ال 50 متر فراشة.. فالفتاة المصرية الرائعة أعادت إلينا الابتسامة والثقة بعد إخفاقات متوالية لنجوم التدليل والفشل في كرة القدم. والفتاة التي تعرضت للسخرية من جانب بعض نشطاء السوشيال ميديا الذين لا يجيدون إلا تشويه كل إنجاز ووصفوها بأنها صناعة أمريكية لأن إعدادها وتأهيلها رياضياً كان في الولاياتالمتحدةالأمريكية. هذه الفتاة الكبيرة قيمة وقامة رفضت أن تمثل بلداً آخر غير بلدها مصر ورفضت أن تحمل علماً غير علم مصر.. وألا تقف احتراماً وإجلالاً إلا للسلام الوطني لجمهورية مصر العربية وأن تردد معنا بلادي بلادي التي نعشقها ولا نرضي لها إلا أن تكون دائماً في المقدمة فكراً وقولاً وعملاً. وفريدة النموذج والإرادة لشباب مصر والتي تلقب بالسمكة الذهبية قالت لكل المتاجرين بالرياضة ولكل مروجي الأوهام. ولكل الباحثين عن "سبوبة" إن الرياضة علم وإعداد ودراسة وليست فهلوة وشطارة ومصالح ومجاملات. فريدة عثمان التي لم تحصل علي ما تستحقه من شهرة وتقدير ومكانة جاءت وظهرت وبزغت وتفوقت في الزمن الخاطئ.. في وقت يباع فيه اللاعب بملايين من الجنيهات ولا يقدم مردوداً أو أداء بجنيهات..! ومن حقك علينا يا فريدة أن نباهي بك الأمم.. أنت ابنة مصر التي أحسنت أسرتها إعدادها ورعايتها وقدمتها للوطن هدية ومصدراً للفخر والافتخار. *** وعندما نتحدث عن فريدة وعن زملائها من أبطال اللعبات الفريدة الذين ينحتون في الصخر والذين ينفق بعضهم علي متطلبات اللعبة. والذين شرفونا بالأداء والعزيمة فإننا نكتب أيضاً عن الفاشلين في مجال آخر.. عن الذين تم تدليلهم وإفسادهم بالمال والشهرة حتي فقدوا النخوة والحماس. نكتب عن كرة القدم التي أصبحت مصدراً للإحباط بدلاً من أن تكون سبباً للسعادة ومدخلاً للفرحة. نكتب عن الذين اتخذوا من كرة القدم مجالاً للثراء وإلهاء الجماهير علي حساب الحقيقة الدامغة بأن ما يوجد لدينا ليس كرة قدم ولا علاقة له بالمستويات والمسابقات العالمية التي نتطلع للمشاركة فيها ونحلم أيضاً فيها بالفوز. ولقد كنت واحداً من الذين أبدوا عدم تفاؤل بوصول المنتخب إلي كأس العالم وكتبت في هذا أقول.. أتمني ألا نندم علي الوصول واللعب مع الكبار..! وكنا في هذا علي ثقة من أن المنظومة الرياضية تقوم علي الجهل والفهلوة.. ومجدي عبدالغني ورفاقه.. وهؤلاء لا يصنعون رياضة ولا تقدماً.. هؤلاء يلتصقون بالرياضة واتحاداتها ومجالاتها لأطول فترة ممكنة لأن دروبها كثيرة المنافع والمغانم..! ولأنها سياسة شراء الخواطر وتوزيع التركة فإنها لا ينجم عنها إلا الفشل. كل الفشل..! ولأن منافعها كثيرة فإن أحداً لا يقبل بتحمل المسئولية ويترك موقعه اختيارياً.. فالكل علي ثقة من أن الغضب لا يستمر طويلاً.. وأن الناس اعتادت الهزائم وسوف تنسي أو تتناسي ونعود بعدها لحوارات مرتضي وصفقاته.. والأهلي واستعداداته.. والبدري وناديه الجديد. والذين أدمنوا الفشل لن يعدموا وسيلة ليجدوا "شماعة" يعلقون عليها الأخطاء ووسيلة لإلهاء الجماهير وتحويل الأنظار.. وهذا قدر ومكتوب علينا.. ومجموعة من المنتفعين يديرون الرياضة ويدمرون ما بقي لنا من هيبة وتاريخ. *** وأكتب عن التضحية.. عن اللاعب الذي فقد الكثير بالمشاركة مع منتخب العجزة.. أكتب عن الحزين محمد صلاح الذي أكرمه الله بدخوله التاريخ بتسجيله هدفين للمنتخب في كأس العالم وأستشهد بما كتبه رئيس قنوات أبوظبي الرياضية يعقوب السعدي الذي لخص وأوجز كل شيء في هذه الكلمات "إلا محمد صلاح.. حزنه يكفي.. ماذا يفعل وسط فريق من العميان.. لقد أخطأ الجميع في حق صلاح.. تاجر به من تاجر.. وتحامل عليه من تحامل.. صلاح لا يكفي وحده لحلم لا يريده سواه". والكلمات واضحة وقوية ومعبرة.. وحزننا من أجلك ياصلاح يفوق حزنك من أجلنا.. والله معك.. *** ولكننا لن ننسي الكبار.. لن ننسي الإصرار والعزيمة والتاريخ.. لن ننسي عصام الحضري الذي شارك في كأس العالم وعمره 45 عاماً. وظهر في الملاعب شاباً فتياً متألقاً يؤدي ببراعة ويذود عن مرماه ببسالة. والأسطورة عصام الحضري تاريخ في أن العطاء لا يتوقف عند سن معينة. وأن القيمة والتقدير لكل من كان قادراً علي التحدي والتألق.. وأن الرياضة لا تعرف المستحيل. فهي الطريق للصحة والاستقرار. والحضري الأسطورة يستحق تكريماً خاصاً. فقد كتب التاريخ بنفسه.. وسجل مكانته بالعطاء والكفاح.. وأثبت أن التاريخ لا يصنعه إلا الأقوياء.. والكبار يولدون كباراً.